رمضان شهر لتربية الأمة
اد/ مفيدةابراهبم
أيام شهر رمضان لو علم الإنسان ما مدى أهميتها لما أهملها ولجعلها خير الأيام في تلك السنة، أيام يقضيها بالاستغفار والندم والتوبة والدعاء إلى الله بقلب صافٍ نقي ونية صادقة، تلك أيام لا تصفها الكلمات ولا تعبر عنها الجمل. في الصوم ينهانا المنهج الرباني عن أشياء ويأمرنا بأشياء أخرى، وشهر رمضان شهر كريم وهو واحة من واحات التفكر والتدبير والعبادة، وهو محطة يخلد فيها الإنسان إلى الراحة من صخب الدنيا وحبها والجري وراءها، ليتجه إلى الله تعالى بكل أحاسيسه وجوارحه ليتزود بالتقوى والبركة.
و تزداد وتتقوّى محبّة الله -تعالى- في نفس المؤمن؛ لأنّ المؤمن يرى ما أعدّ الله له في رمضان؛ من أجرٍ ومغفرةٍ، وعطايا وهباتٍ، فبذلك تزداد المحبّة.و تربّي النفس فيه على الجود والكرم والسّخاء؛ من خلال إخراج الصدقات، وقضاء حاجات الناس، والقيام بالأعمال الصالحة، والعبادات؛ كالصلاة، وقراءة القرآن، وغير ذلك من الأعمال الصالحة.
و يؤدي العبد فيه عبادة قيام الليل، التي تحمل في طيّاتها أجر عباداتٍ كثيرةٍ؛ كقراءة القرآن الكريم، وفي ذلك الوقت يُستجاب دعاء المؤمن، وإنّ صلاة قيام الليل هي نورٌ للعبد يوم القيامة. ويزيد من إقباله على أداء الاعمال الصالحة، حيث إنّ أجرها يُضاعف في رمضان. ويتعلّم المحافظة على وقته، واستغلاله أفضل استغلال، من خلال القيام بأعمالٍ مفيدةٍ، وأداء الطاعات. و يربّي المسلم على التحلّي بالأخلاق الحميدة، والابتعاد عن الاخلاق الذّميمة؛ كالغضب، ويحفظ لسان المسلم من قول الشتائم، وما قبح من القول، ويجعل المسلم يتحلّى بالصبر على أداء الطاعات، والصبر على عدم ارتكاب المعاصي. ويربّي النفس على الالتزام بشرع ودين الله تعالى، من خلال صيام الإنسان، وإفطاره في الوقت المحدّد
و يربّي الأمّة على الوحدة والاجتماع، ويؤصّل ذلك المعنى في نفوسهم، من خلال صيامهم جميعاً في وقتٍ واحدٍ، وإفطارهم في وقتٍ واحدٍ، وعلى مائدةٍ واحدةٍ.
ويجعل المسلمين أمّةً متماسكةً، يشعرون ببعضهم البعض، فيشعر الغنيّ بالفقير والمحتاج، فيتعلّم المسلم أن يُحسن إلى غيره، ويتعاون معه، ويقدّم له النفع والمساعدة. فبهذا فإنّ الصوم امتحان واختبار لصدق الإنسان مع الله تعالى، وكشف لعلاقته به، وحبه له، ورغبته في الإخلاص له، بردع النفس عن الملذات والشهوات، وتغلب حب الله والاستجابة لإرادته على حب الإنسان لذاته.
شهر رمضان مدرسة عظيمة لضبط للنفس، وتعديل الطباع، وتقويم السلوك، فهو مدرسة راقية للتحلي بالأخلاق الكريمة، والاتصاف بالسجايا الحميدة، والتزين بالخصال الحسنة، كما انه مدرسة للارتقاء بالفضائل والمكارم. فشهر رمضان شهر عبادة وعمل، وشهر طاعة وتعاون، وشهر تكاتف وتآزر، وشهر إحسان وعطاء، فهو سوق من أسواق الآخرة؛ التجارة فيه رابحة. إنّ شهر رمضان معهد نتربى فيه على الأخلاق الفاضلة وننتهي عن الرذائل، فمن خلال هذه المثل والقيم إن التزم بها الصائم يصبح شخصية مؤمنة مثالية ملتزمة وقائداً منتصراً وتصبح الأُمّة الإسلامية أُمّة ملتزمة.
أ . د / مفيدة إبراهيم علي