رمضان شهر القرآن
أ . د / مفيدة إبراهيم علي
شهر رمضان.. شهرُ القرآن (ربيع القرآن) عندما نقول بأنّ شهر رمضان هو شهر القرآن، فإنّنا نعني به المعاني الآتية: أنّ القرآن نزل فيه لقوله تعالى: :شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ”البقرة/ 185. وأنّ ليلة عظيمة من لياليه هي التي أُنزل فيه القرآن وهي (ليلة القدر) التي قال الحقّ فيها وفي القرآن: “إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ”القدر/ 1. وهي ليلة وترية مميزة تتكرر كل عام هجري في العشر أيام الأخيرة من شهر رمضان ، حيث إن الرسول وصانها أن نلتمسها في هذه الأيام الوترية، وقد ذكر في صحيح البخاري أنّ النبيّ – عليه الصلاة والسلام- قال”فَالْتَمِسُوهَا في العَشْرِ الأوَاخِرِ”
و أنّ أجواء الشهر الكريم مناسبة ومساعدة على قراءة القرآن وختمه والتدبُّر فيه، سواءً في نهاره إنْ كان ثمة متسعٌ من نهار، أو في لياليه التي هي أفضلُ الليالي .
و لاستقبال شهر رمضان، و فضل مَن قرأ آية فيه عن غيره من الشهور. وقد تكون فرصة الشهر مواتية للقراءة الواعية بالتدبُّر والمدارسة واستلهام المعاني والدروس فتزداد علاقة المسلم بكتاب الله تعالى. وربّما يكون شهر رمضان بداية عهدٍ وعقد جديدين بين القرآن وبين الإنسان المسلم الذي يتلو آياته،
“شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ” نفهم أنّ للشهر الفضيل بالقرآن علاقة (تاريخ الميلاد) بـ(المولود).
ثم إن في شهر الصيام مدرسة للقرآن لمن التفت إلى الله فيه وأكثر من قراءته، فإنه مع ما يجنيه من الثواب العظيم بمضاعفة الحسنات يحصل له التدريب على مواصلة قراءة القرآن خارج رمضان، ويحفزه ذلك على تدبر الآيات وتعقلها ومحاسبة النفس عليها، ليكون من التالين كتاب الله حق تلاوته بمعرفة معانيه، والوقوف عند حدوده بفعل ما أمر الله. وقد يكون ذلك سبباً لسعادته وراحة لقلبه إذا انشغل به عما سواه. – الصيام يجعل هناك صلةً بين العبد والقرآن الكريم، من خلال استحضار الإنسان أنّ القرآن الكريم أنزله الله -تعالى- في شهر رمضان المبارك. والقرآن يشفع لك يوم القيامة يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ” الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة ، يقول الصيام : أي ربي إني منعته الطعام والشهوة ، فشفعني فيه ، ويقول القرآن : رب منعته النوم بالليل ، فشفعني فيه ، قال : فيشفعان ” رواه أحمد . قال الألباني ـ رحمه الله ـ : ( أي يشفعهما الله فيه ويدخله الجنة ) .
ولقد أدرك سلفنا الصالح عظمة هذا القرآن ؛ فعاشوا معه ليلاً ونهاراً . قيل : لرجل ألا تنام ؟ قال : إن عجائب القـرآن أطرن نومي ، وقال آخر : إني لأقرأ القرآن ، وانظر في آية ، فيحير عقلي بها ، وأعجب من حفاظ القرآن ، كيف يهنئهم النوم ، ويسعهم أن يشتغلوا بشيء من الدنيا وهم يتلون كلام الله ، أما إنهم لو فهموا ما يتلون ، وعرفوا حقه ، وتلذذوا به ، واستحلوا المناجاة به ، لذهب عنهم النوم فرحاً بما رزقوا .