رسالة إلى صديقي
بقلم/ مريم صبري
كم ليلة مضت دون رسالة منك..كم من الوقت قد مضي دون لقاء، و كم ولي من العمر و القلب لم يتخل عن حيرته؛ تلك الحياة التي طالما عاشت فيها دون ضجر؛ تلك التي أصبحت رفيقتها الأوفي في حياتها.. رفيقة لم تختار الفراق بعد…
هكذا كانت ليلتها؛ و لكنها كانت حقا مختلفة..فاليوم حصلت علي رسالة من ذاك الذي أرسلت إليه عشرات الرسائل، و مئات الورود دون ملل..ذاك الذي دائما تتذكره كلما جلست وحيدة في صومعتها أو حتي حين تجالس الآخرين..ذاك الذي لا يوجد غيره بداخلها، علي الرغم من غيابه الدائم الذي جعل البعض يتسائل إن كان وهما خلقته في خيالها..و لكن إيمانها به لطالما كان أكبر من شكوكهم تلك..
للحظات، ظنت بأن تلك الرسالة ليست لها، بل ظنت بأنها لم تجيد القراءة مما جعلها تخطئ في معرفة المرسل..
و للحظات أخري، انتابها شعور بالسعادة الغير مبررة…فما المفرح في رسالة قصيرة ردا علي العشرات من الرسائل الطويلة المليئة بالمشاعر المختلفة، و الكتير من الاضطراب، و العديد من الأسرار؟ ما الجدوي من ارسال تلك الرسالة الآن و كأنه كان دائما يراسلها؟
و ما المتوقع من تلك الرسالة الآن بعد ارسالها باقة من مائة وردة تعبيرا عن شوقها و احتياجها إليه؟
“ستظل ساذجة..الي الأبد..فالحديث إليها و نصيحتها سيبقي دائما بلا نفع…”
هكذا قالت العرافة حين تركتها فجأة لتذهب سريعا لاستلام الرسالة..تلك العرافة التي لم تمر سوي دقائق علي قراءتها لفنجان قهوتها الخامس و الذي أظهر نفس النتائج: لم يكن يوما هنا..لم يكن يوما معها..و لن يكون !
كان البحر مأواها في تلك اللحظة..قررت الذهاب بصحبه الست، قامت باختيار بعض النغمات التي تود قراءة رسالته عليها.. فكانت “أمل حياتي” اختيارها لليوم..و كان ضوء القمر، و بريق قلبها، كافيان لقراءة الرسالة..
“وقابلت آمالي وقابلت الدنيا وقابلت الحب..أول ما قابلتك واديتك قلبي يا حياة القلب..أكثر من الفرح ده ما احلمش..أكثـر من اللي أنا فيه ما اطلبش..بعد هنايا معاك يا حبيبي، يا حبيبي، يا حبيبي..لو راح عمري، لو راح عمري
أنا، أنا، أنا، أنا ما اندمش..”
لكنك ستندمين أيتها الحمقاء…
ثم قامت بفتح الرسالة..
و كانت الكلمات الأولي كفيلة بتغيير ملامحها!
“عزيزتي صاحبة الشغف،
شكرا علي ايمانك بي..
شكرا علي الكلمات الراقية التي ترسلينها لي..
و شكرا علي الورود..
اعتذر علي عدم إرسالها ورود مثلك، و لكني لا املك ذوقا لاختيار الورود، ولا املك وقتا لترتيبها في باقة منمقة مثلك..
و اعتذر عن عدم ردي علي رسائلك، و لكني لا املك قلبا يستطيع الكتابة و الرد..
و لكني اقرأ رسائلك كلها..و أشعر بسعادة كبيرة حين اتلقي رسالة منك..
في انتظار رسالتك القادمة..
اراك قريبا..”
حقا؟ أهذا كل ما كتب؟ أهذا ردا منطقياً علي ما ما ارسلت؟ و هل كانت ترسل لك بعقلها ؟ أيوجد منطق في هذا العالم يجعلها تتحدث اليك أيها الاحمق؟
فالعرّافة حتما ستقتلها…
و ماذا تفعلين أيتها الحمقاء ؟
هل تمسكين بيدك قلما و ورقة؟ هل ستقومين بالرد عليه؟ حقا ؟
فعلي العرّافة حقا قتلها..