متابعة _جمعةجلال
قال الكاتب الصحفي رجب الشرنوبي أن العالم أضطر للدخول في حرب لم يكن يحسب لها أي حساب ولم تكن مدرجة ضمن جدول أعماله علي الأقل في الوقت الراهن، خصوصاً أن أجندته بها تخمةً من الصراعات التي جعلتة مثقلاً بالهموم في مناطق كثيرة ومتفرقة ، مايجعلة دائماً منشغلاً علي الأقل ظاهرياً بمحاولة خلق بصيص أمل ولو بسيط في غداً مشرق وحياة شبه هادئة ومستقرة لملايين من البشر، لم يكن لهم يوماً ذنباً فيما تحصده هذه الملايين من الدمار والخراب، فالصراع علي مصادر الثروة لا ينتهي وليس أدل علي ذلك مما يحدث في العراق وسوريا وليبيا واليمن ومناطق متفرقة أخري وعلاقات متأزمة لأسباب كثيرة ومتنوعة، لكنها تندرج في نهاية النفق تحت صراع مسموم علي السلطة والنفوذ بين القوي العظمي التي تشكل فيما بينها مجلس إدارة لهذا العالم ، ومع ذلك لم يكن أمام معظم دول العالم وحتي العظمي منها وكل المؤسسات الدولية بديلاً عن التأقلم والتعامل مع تداعيات هذا الفيروس اللعين بحسب ماهو متوافر من معطيات علي أرض الواقع، فلابد للحياة أن تسير ومن الضروري أن تستمر عجلة الإنتاج في الدوران .
علي مدار الأشهر الماضية والتي كانت إختبار حقيقي لقوة وصلابة العلاقات الدولية ومدي ثبات مفاهيم مهمه مثل الحوكمة العالمية في التعامل مع مثل هذه الأزمات الطارئة ، أعتقد أن هذا العالم في حاجه ملحة إلي إعادة النظر في مثل هذه الأمور من جديد مرة أخري ، أثبتت كل مؤسسات الدولة المختلفة بداية من القوات المسلحة والشرطة ووزارة الصحة وهيئاتها المختلفة إضافة إلي مؤسسات أخري كالطيران المدني والتعاون الدولي والتخطيط والجهاز المصرفي وغيره من مؤسسات الدولة أنها كانت علي قدر الحدث بشكل كبير والأرقام دائماً هي لغة الحقيقة ، ونظرة بسيطه إلي أرقام الإصابات والضحايا التي تكبدتها دول عظمي تنتمي إلي العالم الأول بكل إمكانياته توضح بما لايدع مجال للشك قوة هذه الكارثة العالمية، والأرقام في دول كبري مثل أمريكا وروسيا وأخري مثل إيطاليا وبريطانيا وفرنسا وأسبانيا ليست ببعيد ، كما أثبتت الأرقام الرسمية أننا والحمد لله نشهد منظور جيد ومختلف لم نتعود عليه منذ زمن بعيد لكيفية إدارة مثل هذه الأزمات الطارئة والتعامل معها رغم فارق الإمكانيات الذي لا ينكره كل ذي بصيره.
إتخذت القيادة السياسية بعد إجتماع مع المسئولين عن مؤسسات الدولة ذات الصلة قراراً بإنشاء عدداً من المخازن الإستراتيجية اللازمة لتأمين أقوي ولفترة أطول من الإحتياطي الإستراتيجي من الأدوية والإحتياجات الطبية المحلية والعالمية اللازمة ، بحيث يكون توزيع هذه المخازن بشكل مناسب علي مستوي الجمهورية مع التوصية بأن تكون هذه المخازن علي أعلي مستوي من التقنية والمواقع المناسبة ، قديبدو قراراً مثل هذا غير ملفت لنظر الكثيرين رغم أنه يحمل في طياته العديد من الإشارات ، أول هذه الإشارات هي خطوة إستباقية للتامين ضد أزمات ربما تكون مستقبلية ومتوقعة إلي جانب أهمية توافر إحتياجات الشعب من الأدوية التي تشبه التجارة فيها عالمياً تجارة المخدرات ولها أيضاًمافيا دولية تديرها بقوانينها الخاصة دون أن تخضع لحسابات إنسانية من المشاعر والإحساس بالآلام، ومن المؤكد أن وجود هذه الإحتياطيات الإستراتيجية من الأدوية سيضاعف قدرة الدولة علي مراقبة وآلية التحكم في أسعار الأدوية مايعني حماية الدولة لمواطنيها من تحكم تجار الأزمات الجشعين الذين لاينشغلون إلا بحسابات الربح والخسارة دون أي إحساس بمسئوليتهم تجاة مجتمعهم ووطنهم ولنا في تجربة بيع الكمامات علي مدي الأشهر الماضية ألف عبرة وعبرة !!!!!! الكثير من الأهداف النبيلة يمكن قرائتها فيما بين سطور هذا القرار الموفق الذي أتخذه الرئيس السيسي تندرج جميعها تحت مسئولية الدولة الإجتماعية تجاه مواطنيها ، ربما كان لأزمة كورونا آثار كبري علي كل العالم ونحن قطعاً جزء من هذا العالم ،ولكن من المؤكد أيضاً أن لها وجوهاً أخري وجوانب إيجابية سيكون لها تأثيراً بعيداً علي المعاملات الدولية فيما بعد كورونا ، فالإكتفاء ذاتياً أو علي الأقل تأمين الإحتياجات من الأغذية والأدوية لأطول فترة ممكن سيكون إتجاه عالمياً أدركتة القيادة السياسية مبكراً ، ومنذ أقل من شهر وجه الرئيس السيسي بإنشاء المشروع القومي للمخازن الإستراتيجية وهو مشروع طموح ، يتضمن إنشاء سبع مخازن إستراتيجية تبلغ مساحة المخزن الواحد خمسون فدان لتخزين أكبر كمية من المواد الغذائية لأطول فترة ممكنه تبدأ بالجيزة والقليوبية ثم باقي مناطق الجمهورية ، والآن قرار آخر يختص بمخازن الأدوية والمستلزمات الطبية ، ورغم أن السلع الغذائية والأدوية لم تختفي من الأسواق المصرية كما هو الحال في دول كثيره تملك أقتصاديات ضخمة لا مجال لمقارنتها بالإقتصاد المصري، إلا أن التجربة لا يجب أن تمر دون أن نتعلم منها ، وهذا هو ماتفعلة الدولة الآن بإتخازها مثل هذه القرارات التي تنم عن تحسن ملحوظ في التعامل مع الأزمات ودراسة المستقبل بشكل جيد، فالقراءة الصحيحة لمعطيات الحاضر والدراسة الدقيقة للتغيرات المحتملة خطوة أولي في طريق صنع مستقبل جيد لأبناء هذا البلد الطيب.