حوار صحفي مع قامة من قامات أكتوبر؛ مع “الشهيد الحي”
كتبت وسجلت الحوار: غادة سيد
في سماء الوطن نجوم تتلألأ ؛ أضاءت ليله الحالك بمشاعل الحرية والكرامة وقودها البذل و التضحية والفداء كي يبقى الوطن عزيزا شامخا مرفوع الرأس مُهابًا.
لكنها آثرت بعد أن أدت دورها في ساحة القتال أن تكمل هذا الدور و تهبط إلى الأرض بكل تواضع تخالط من دافعت عنهم لتعلم الأجيال الدروس و تكون لهم القدوة و الأسوة الحسنة. والسيرة الطيبة،
فكانوا بحق نبراسا ومثلا أعلى جيلا بعد جيل.
اليوم حوارصحفي مطول مع … “الشهيد الحي” نقيب قوات جوية سعيد الصباغ.
? بنرحب بحضرتك يا فندم وكلنا فخر وشرف بتواجدنا مع قامة عظيمة لنذكر الأجيال دائما بمن بذلوا ولم يبخلوا بالغالي والنفيس من أجل رفعة هذا الوطن و كرامة أبنائه.
? العفو! الشرف لي ولم نفعل إلا الواجب
.
? 1- من هو سعيد الصباغ في سطور؟
? الاسم: سعيد محمد الصباغ
حاصل على ماجستير في علم الاجتماع من جامعة الإسكندرية
عملت معيدا بكلية الآداب لمدة عامين ثم انتقلت للعمل بإحدى الشركات.
تم تجنيدي كضابط احتياط خلال حرب أكتوبر ١٩٧٣ ولقبت بالشهيد الحي.
? 2- ما هو دورك أثناء الحرب و ما هي المهمة الحربية التي كانت سببا لهذا اللقب ؟
? كتت ضابط احتياط بالطيران الحربي “قوات جوية”برتبة نقيب وقائدا لموقع ٣ بالونات وقد شاركت مع جنودي في المرحلة الأولى للعبور وبعد نجاحها عدنا للموقع لحماية القاعدة الجوية وقد اشتبكت مع قوات مظلات العدو 6 مرات و قتلنا منهم 19 صهيونيا واستشهد منا 8 ابطال ..
أصبت إصاباتي القاتلة .قبل وقف إطلاق النار بيوم واحد ومكثت بمستشفى الجبهة ٨ ايام بالعناية المركزة ثم قرروا استشهادي.
? 3- وما قصة حصول سيادتكم على لقب ” الشهيد الحي ” ؟
? بعد ان قرروا استشهادي وبعد إجراءات الغسل
والصلاة على جثماني ولفي بعلم مصر وهو الكفن وعند نقلي إلى عربة الجثث إيذانا بدفني بالمقابر الجماعية بالكيلو ٦١ طريق مصر السويس اذا بهم يكتشفون أن جسدي لايزال دافئا وبعد اعادة الكشف قاموا بإحالتي فورا إلى العناية المركزة مرة أخرى وذاك بفضل عامل المشرحة والمختص بنقل الجثث وهو حنا شحاتة بولس
وبعد يومين تم نقلي إلى مستشفي الطيران
بالقاهرة لأمكث بها شهرا ونصف وقد تم إجراء ٤ عمليات جراحية ناجحة لي فشكرا لله اولا ولعم حنا ثانيا …
وكل التحايا والتقدير لأحد ابطال البحرية
المصرية الأستاذ/ **صبري ابو علم** الذي تعرفت
علية عام 1982 وقد لعب دورا كبيرا وعظيما في حصولي على لقب ” الشهيد الحي. ”
? 4- هل هو لقب رسمي؟ و هل يترتب عليه أي امور؟
? نعم! هذا اللقب رسمي من الإدارة العامة للتوجيه المعنوي للقوات المسلحة آنذاك. وله بعض الامتيازات التي لا تقارن بشرف الحصول عليه.
?5- مَن غير سيادتكم وجندي صاعقة عبد الجواد سويلم الذي حصل على هذا اللقب؟
? عدد من حصل على لقب ” الشهيد الحي ” هم ” ٦ ” وأنا كنت السادس الذي يحصل عليه.
و يتشرف بهذا اللقب كل من أشرف على الموت وعند الدفن يكتشفون أنه مازال حيا.
? 6- ما الأثر الذي أحدثه هذا اللقب في حياتك الثانية إن جاز التعبير؟
? له أثر عظيم لا شك أشعرني بالفخر والاعتزاز
بدوري في معركة العزة والكرامة وبمشاركتي في تحرير جزء عزيز علينا من الوطن.
? 7- أشخاص تود ذكرهم في هذا اليوم من الشهداء و الأحياء. و لماذا؟
? لابد أن أذكر مقاتلا بطلا عظيما وهو صديق عمري ورفيق الدراسة من ابتدائي وحتى الجامعة وهو البطل
” يوسف الجنزوري ” الذي قاتل اثنين من العدو وهو يحتضر بعد أن أصيب في عنقه ورأسه وبعد أن قتلهما، احتضن سلاحه و استشهد. أسرعت إليه زحفا على بطني ورفعته على كتفي وجريت به فلاحقني طيران العدو وأطلق علينا الرصاص فجاءت رصاصتان في جثة يوسف
من الخلف ورصاصة في ذراعي الأيسر وبعدها ٣ إصابات لي في الساق الأيسر والجانب الأيسر ايضا والثالثة في رأسي
من الخلف.
اما رفاقي الابطال الذين يستحقون مني كل تقدير وتحية واحترام :
الشهداء محمد وهدان من “طنطا”
وعلى عسران “الأقصر” ومجدي حسن “اسيوط” وعبد العزيز هويدي” دمياط”
وحسني المغربي ” القاهرة ”
وبقية رفاقي الاعزاء والاحباء إلى قلبي
الذين قضيت معهم ال ١٧ يوم وهي عدد ايام المعركة وقد قاموا بأعمال بطولية عظيمة يفخر بهم التاريخ العسكري والوطني …
و كل ماسبق هو عناوين صغيرة جدا لحرب التحرير التي أشرُف انني شاركت فيها.
اما التفاصيل فقد تم تسجيلها في كتب
كثيرة. …..
? 8- ماهي ذكرياتك عن الحرب و من قابلتهم من قادتها؟
? اذكر عظماء كثير على رأسهم البطل الفريق سعد الدين الشاذلي عند مروره علينا، حيث أعجب ببعض المواقع بانضباطهم وربت على كتفي وقال لي: احسنت يا حضرة
القائد ضابط اسكندراني جدع وابتسم لي ابتسامة لم أنساها ابدٱ.
ثم وقف وقال لنا جميعا :
انتم ايها الابطال ستدقون آخر مسمار في نعش الكيان الصهيوني.
وبعدها بيومين زارنا على الجبهة البطل الوطني العظيم عبد المنعم رياض وأثنى علينا جميعا. و يوم الشهيد تخليدا لذكرى استشهاده في الصفوف الأمامية للجبهة.
? 9- ما هي التكريمات التي حصلتم عليها؟
? لقد تم تكريمي حتى الآن 143 مرة
وقد بدأت تكريماتنا بدءا من عام 2014.
و أثناء المعركة كنت ملازما أول لكن منحوني رتبة النقيب تكريما لي على تفوقي في عمليات عسكرية تفوقت فيها.
? 10- هل هناك سؤال كنت تود أن أسأله لسيادتكم؟
? لا يحضرني شيء فقد غطينا الموضوع من كل جوانبه.
? 12- ماذا تريد أن تقول في النهاية؟
أشكر كل من اهتم بإلقاء الضوء على تضحيات خالدة كانت سببا في رفعة الوطن
و قد زارني و زملائي بالمستشفى ام كلثوم وعبد الحليم وفاتن حمامة وفريد شوقي وجيهان السادات وعشرات من المشاهير؛ كما قامت مكتبة اسكندرية بعمل سيرة ذاتية
خاصة بي يوم تكريمي بالمكتبة و لقبوني من خلالها بعمدة مثقفي اسكندرية، وبه لمحات من حياتي العسكرية والتعليمية والسياسية والثقافية والنقدية الخ
? سنرفقه إن شاء الله في آخر الحوار.
أشكر سيادتكم على هذا الوقت الغالي وعلى كل غالي ونفيس قدمته أنت و زملاؤك الأبطال من أجل وطن عزيز يستحق.
? العفو الشكر لك على اهتمامك و روحك الطيبة.
** السيرة الذاتية التي أعدتها مكتبة الاسكندرية تكريما لنقيب قوات جوية سعيد الصباغ ” الشهيد الحي “
الاسم/ سعيد محمد الصباغ
حاصل على ماجستير في علم الاجتماع
عمل معيدا لمدة عامين بكلية الآداب
وبما أنه لايحب الاستقرار ويعشق التغيير
إنتقل للعمل بإحدى شركات الدولة
ثم عمل بالتدريس ماقبل الجامعي
شارك في حرب أكتوبر 1973
تم تجنيده كضابط احتياط قبل أن ينتقل إلى
جبهة القتال بالخطوط الأمامية
وقد اصيب إصابات قاتلة يوم 21 اكتوبر
أي قبل وقف إطلاق النار بيوم واحد …..
وفي مستشفى الجبهة وبعد 8 ايام في العناية المركزة أعلنت المستشفى عن
استشهاده وبالفعل قاموا بغسله وتكفينه
والصلاة عليه ……..
وعند رفع جثمانه لدفنه بالمقابر الجماعية
مع زملائه الشهداء بالكيلو ٦١طريق مصر السويس ………………
يكتشفون أنه مازال على قيد الحياة
فاعادوه للعناية مرة أخرى لمدة يومين
ثم نقلوه إلى مستشفى الطيران بالقاهرة
وعاد مرة أخرى للحياة مع منحه لقب
★ الشهيد الحي رقم 6★ حيث كل من حصل على هذا اللقب خمسة ابطال غيره وهو كل من أشرف على الموت ثم عاد للحياة.
كتب عنه العديد من الأدباء والشعراء
والصحفيين عن حياته العسكرية والمدنية
منهم الأديبة/ أمل رفعت حيث كتبت رواية/ الذي عاد إلى هناك “300 صفحة”
تمت مناقشتها بمكتبة االإسكندرية واتحاد
كتاب مصر والكثير من قصور الثقافة ….
مصطفى السباعي ..قصة شهيد حي
وتم مناقشتها أكثر من مرة …..
وكتب عنه من الشعراء …….
جابر بسيوني – يحيى الشيخ- محمد سالم
محمود الفحام- أشرف دسوقي-د.منى الخميسي – أمل السعيد – وغيرهم من الشعراء المصريين والعرب.
تم تكريمه كمقاتل ومثقف مجتمعي ٩٢مرة
قام بالقاء محاضرات بالكثيرمن الأكاديميات
وقصور الثقافة والمنتديات الثقافية بالإسكندرية والمحافظات الاخرى عن :
المسرح – السياسة – فن السينما- الادب –
وكل المجالات الثقافية والعسكرية.
قام بمناقشة العديد من الكتب الأدبية
والسياسية والعلمية والشعرية وصل عددهم
إلى 92 عملا حتى الآن كناقد أدبي وفني.
قام بمراجعة أكثر من 300 كتاب كمراجع لغوي
بلا اجر إيمانا منه بالمشاركة في إنضاج الحركة الثقافية والنهوض بها ورفع المعاناة
المادية عن المبدعين ………
كتب مجموعة من الدراسات الثقافية
بكل روافدها منها :
1- نضال المرأة عبر العصور
2- فن الإلقاء
3- الفن السينمائي ونشئته
4- نشأة وتطور المسرح وفن التمثيل.
5- نشأة الجيش المصري من ٤٠٠٠ عام
وغيرها من الموضوعات الحياتية المختلفة.
وقد تم نشر كل ذلك في الصحف المصرية والعربية مثل :
مجلة أدب ونقد- الشعب العراقية – الاهرام
الأخبار- الأهالي – الوفد -السفير- المساء الخ
تم استضافته في العديد من الإذاعات وقنوات التليفزيون المصرية والعربية والفرنسية منها،:
قناة 24 الفرنسية والقنوات المصرية.
اجتماعيا :
له ابنة وحيدة “مي الصباغ ” تعمل صحفية
وتتمتع بثقافة عامة متنوعةوثقافة مهنية.
يعشق تراب الوطن ويعمل على الحفاظ على مؤسساته الوطنية ويحترم ثوابته ويعمل
أيضا على ترابط وحدة الصف العربي
والإنساني في كل مكان.
“في عام 1976 التحق بالعمل السياسي والاجتماعي وشارك في تأسيس العديد من الكيانات السياسية والوطنية والاجتماعية,
وحصل على دبلومات ودراسات في:
1- الاخراج والنقد المسرحي.
2- التذوق والنقد الأدبي
3- النقد السينمائي
4- دبلومة في العلوم السياسية والاجتماعية.
5-عضو بالعديد من النوادي والكيانات الثقافية وقصور الثقافة بالإسكندرية وخارجها، وحصل على العديد من الألقاب من المؤسسات الرسمية والشعبية والثقافية الجماهيرية منها:
الشهيد الحي رقم 6- ابن الأرض- ابن مصر- المثقف العضوي- المثقف التنويري- نصير المرأة – نصير الفقراء- الوطني الأصيل –
وغيرها من الألقاب التي حصل عليها”
(صدرت هذه السيرة الذاتية من مكتبة اسكندرية منذ بضعة سنوات بمناسبة تكريمه في أكتوبر 2017).
انتهى الحوار ولم و لن تنتهِ سيَر الأبطال.
أشكركم و إلى حوار آخر مع أبطالنا العظماء.