كتب إياد رامي.
نستهل الذكرى الثامنة والستين لثورة الأحرار ٢٣ يوليو ١٩٥٢، والتي رسخت لمبادئ العيش والحرية والعدالة الاجتماعية في مصرنا، جمهورية نفخر ونعتز بها، شكلت بمبادئها العظيمة صفحة مضيئة في سجلات التاريخ المصري الحديث عن تكاتف القوات المسلحة مع الشعب من أجل إعلاء مصلحة الوطن ووضعت حجر الأساس لمشروع مصر العظمى وحقيقت استقلالها وتقرير مصيرها ، عن طريقها تحول نظام الحكم فى مصر من النظام الملكى للنظام الجمهورى، وحصلت تطورات إجتماعية و إقتصادية غير مسبوقة ، قبل قيام الثورة كانت أحوال مصر وصلت لدرجة كبيرة من الاحتقان السياسى بسبب إنتشار الفساد والظلم و تردى الأوضاع و سيطرة الإقطاع والاحتلال الناهب لثروات مصر، إلى جانب هزيمة ١٩٤٨، وقد ذكر “يوجين جوستين” ( رجل المخابرات المركزية الأمريكية) فى كتابه ( التقدم نحو القوة) : – “مشكلتنا مع عبد الناصر أنه رجل بلا رذيلة، مما يجعله من الناحية العملية غير قابل للتجريح ، فلا نساء ، ولا خمر ، ولا مخدرات .. ولا يمكن شراؤه ، أو رشوته ، أو حتى إخافته ، نحن نكرهه ككل ، لكننا لانستطيع أن نفعل تجاهه شيئًا ، لأنه بلا رذيله وغير قابل للفساد “.
كان لابد في ظل سخط الملكية واستبداد السلطة التي كانت تخيم علي البلاد في القرن الماضي، أن يظهر في الأفق جيلا جديدا من الأحرار ثوريا من رحم العسكرية الوطنية المصرية أحفاد عرابي ، فبعد هزيمة ١٩٤٨ وقضية الأسلحة الفاسدة التي اجتاحت البلاد، كان التفكير واليقين أنه لا حل يمكن أن ينقذ مصر إلا ثورة رادعة تنقذ مصر من الفساد وتعيد لها الأمل في استعادة الكرامة و كان لابد لها من أن تستعيد عافيتها وتنحاز للفقراء أبناء الشعب المصري .
وقد كان الزعيم الراحل جمال عبدالناصر أحد الضباط الثوار الأحرار، وحانت اللحظة الحاسمة للإعلان عن الثورة المجيدة ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢، لقد انحازت الثورة لجموع فقراء الشعب المصري باسقاطها لطبقة الاقطاعيين الذين أذلوا الفلاح المصري ونهبوا ثروات الأرض لمئات السنين ، فقد أعادت لهم الحق في أرضهم ووزعت عليهم الأراضي الزراعية التي كان يحتكرها الإقطاع بقانون الإصلاح الزراعى .
وأيضا انحازت ثورة ١٩٥٢ للعامل المصري وشيدت لهم المصانع كمصنع الغزل والنسيج والمصانع الحربية وغيرها لكي تنطلق مسيرة العامل المصري الذي سطر بحروف من نور نهضة صناعية كبرى، وسمح لأبناء الشعب الدخول المدارس بالمجان بعد أن كانت حكراً على أسرة الملك وأعوانه وألغى الرتب الاجتماعية واذاب الفوارق الطبقية، فأصبح التعليم متاحاً لكل مصري.
– إنجازات سياسية:
– تأميم قناة السويس، وإقامة السد العالي.
– استرداد الكرامة والاستقلال والحرية المفقودة على أيدي المستعمر المعتدي.
– السيطرة على الحكم في مصر وسقوط الحكم الملكي.
– إجبار الملك على التنازل عن العرش ثم الرحيل عن مصر الى ايطاليا.
– إلغاء النظام الملكي وقيام الجمهورية.
– توقيع اتفاقية الجلاء بعد أكثر من سبعين عاما من الاحتلال.
– بناء حركة قومية عربية للعمل على تحرير فلسطين.
– إنجازات إجتماعية:
– تعتبر الثورة العصر الذهبي للطبقة العاملة المطحونة الذين عانوا اشد المعاناة من الظلموفقدان مبدأ العدالة الاجتماعية.
– أسفرت الثورة عن توجهها الاجتماعي وحسها الشعبي مبكرا عندما أصدرت قانون الملكية يوم 9 سبتمبر 1952.
– قضت على الإقطاع وأنزلت الملكيات الزراعية من عرشها.
– مصرت وأممت التجارة والصناعة التي استأثر بها الأجانب.
– إلغاء الطبقات بين الشعب المصري وأصبح الفقراء قضاة وأساتذة جامعة وسفراء ووزراء وأطباء ومحامين وتغيرت البنية الاجتماعية للمجتمع المصري.
– قضت على معاملة العمال كسلع تباع وتشترى ويخضع ثمنها للمضاربة في سوق العمل.
– حررت الفلاح بإصدار قانون الإصلاح الزراعي.
– قضت على السيطرة الرأسمالية في مجالات الإنتاج الزراعي والصناعي.
– إنجازات تعليمية:
– قررت مجانية التعليم العام وأضافت مجانية التعليم العالي.
– ضاعفت من ميزانية التعليم العالي.
– أضافت عشرة جامعات أنشئت في جميع أنحاء البلاد بدلا من ثلاث جامعات فقط.
– إنشاء مراكز البحث العلمي وتطوير المستشفيات التعليمية.
– إنجازات ثقافية:
– أنشأت الثورة الهيئة العامة لقصور الثقافة، وقصور الثقافة، والمراكز الثقافية لتحقيق توزيع ديمقراطي للثقافة وتعويض مناطق طال حرمانها من ثمرات الإبداع الذي احتكرته مدينة القاهرة وهو ما يعد من أهم وابرز انجازاتها الثقافية.
– إنشاء أكاديمية تضم المعاهد العليا للمسرح والسينما والنقد والباليه والأوبرا والموسيقى والفنون الشعبية.
– رعاية الآثار والمتاحف ودعم المؤسسات الثقافية التي أنشأها النظام السابق ثقافي.
– سمحت بإنتاج أفلام من قصص الأدب المصري الأصيل بعد ان كانت تعتمد على الاقتباس من القصص والأفلام الأجنبية.
ولقد كان لثورة ١٩٥٢ إنجازاتها العربية الواضحة، وتشكلت حركة عدم الانحياز مما جعل لها وزن ودور ملموس ومؤثر على المستوى العالمي، ووقعت صفقة الأسلحة الشرقية عام 1955، والتي اعتبرت نقطة تحول كسرت احتكار السلاح العالمي، ودعت إلى عقد أول مؤتمر لتضامن الشعوب الإفريقية والأسيوية في القاهرة عام 1958، كم لعبت مصر دورا بارزاً عربياً في طرد قوي الإستعمار ودعم الثورات العربية لتحرير الشعوب، وتوحيد الجهود العربية وحشد الطاقات لصالح حركات التحرر العربية، وأكدت للأمة من الخليج إلى المحيط أن قوة العرب في توحدهم وتحكمها أسس أولها تاريخي وثانيها اللغة المشتركة لعقلية جماعية وثالثها نفسي واجتماعي لوجدان واحد مشترك، وأقامت الثورة تجربة عربية في الوحدة بين مصر وسوريا في فبراير 1958، بعدها قامت الثورة بعقد إتفاق ثلاثي بين مصر والسعودية وسوريا ثم إنضمام اليمن للدفاع عن حق الصومال في تقرير مصيره، وساهمت الثورة في استقلال الكويت، وقامت الثورة بدعم الثورة العراقية، وأصبحت مصر قطب القوة في العالم العربي مما فرض عليها مسئولية الحماية والدفاع لنفسها ومحيطها العربي، وساعدت مصر اليمن الجنوبي في ثورته، وساندت الثورة الشعب الليبي في ثورته ضد الاحتلال، كما دعمت الثورة حركة التحرر في تونس والمغرب حتى الإستقلال .
ثورة يوليو ١٩٥٢ أنهت الملكية َورسمت معالم الطريق نحو مصر الحديثة ، وأسست لوحدة القرار وأنهت التبعية لقوى الإستعمار ، وثورة ٣٠يونيو ٢٠١٣ قضت على التطرف الديني وانقذت الدولة من اختطاف التنظيمات الإرهابية والجهادية، ثورة كانت ضهر وسند لعروبتها العربي والأفريقي ، ثورة بدأها الضباط الأحرار وحماها الشعب المصري، ثورة شعب حماها ضباطها الأحرار، وما ذال العمل والكفاح مستمراً، ومعول التنمية والبناء نحو مصر العظمى، يد تبني ويد تحمل السلاح،
فتحية منا لثورة ٢٣ يوليو في ذكري عيدها، ورحم الله الضباط الأحرار، ورحم الله شهداء الوطن.