– الفوز المشبوه للثورة المضادة تعيد الوطن الى المربع الاول
قلم / سعيد الشربينى
يخطئ من لايرى أن هناك ثورة مضادة عارمة ، لا تخطئها العين المجرّدة، الخطأ الذي يحدث في تقدير أهميتها، وتحديد مناطق عملها، وكما شهدنا، في نهايات عام 2010 انتفاضاتٍ شعبية اندلعت من الغرب العربي إلى أقصى الشرق، فإن ما نشهده، اليوم، أمر مماثل، لكن من دون العفوية التي اتّسمت بها حركة الشعوب، والتلقائية التي دفعت الشباب العربي إلى الميادين.
اليوم، ثمة خارطة موضوعة على الطاولة، وأدوات أكثر احترافية، مستخدمة في إدارة ثورة الأنظمة على واقع شعوبها. هناك مَن يخطط ويدير ويموِّل، وليس في هذا التصور مخالفة للمنطق والعقل،
ففي تقديري، هناك ثلاث قضايا، يمكن الاعتماد عليها في مواجهة التغيير الذي كانت تنتظره البلاد العربية، هي الأدوات المستخدمة في الثورة المضادة: أولاً، شيطنة وتفكيك جماعة الإخوان المسلمين، الحزب الرئيسي البديل للأنظمة القائمة، كما شهدنا في مصر وتونس وغيرهما من البلدان التي سقطت أنظمتها.
ثانياً، الإعلاء من شأن موضوع الإرهاب مجدداً في المنطقة العربية، أو إحياء النشاط الإرهابي في بلادنا مرة أخرى، وقد لاحظنا أفول نجم القاعدة وخطابها وبرنامجها، يوم كان التغيير السلمي المدني عنواناً في الساحة العربية.
المسألة الثالثة تكمن في اللعب على وتر المسألة الطائفية. وعلينا الانتباه إلى أن هذه المسائل والقضايا موجودة بالفعل، ولم تختلقها إدارة الثورة المضادة من العدم، كل ما فعلته هو استثمارها وتأجيجها خدمةً لأغراضها، أي أنها قرأت الواقع جيداً، واختارت مناطق العمل بشكل دقيق، ثم بدأت التحرك في الظروف المناسبة لإنجاح الهدف، وتحقيق ما هو منشود
وهذا بأعتراف الدولة بعد اعلانها صراحة بأن هناك ثورة مضادة تعرقل قرارات الحكومة و تسعى جاهدة للعودة إلى المربع الاول،
و الظاهر ان العصابة ليست تلك الرؤوس الكبيرة التي تم الزج بها في السجون فقط بل أخطرها تلك المتمثلة في موظفين صغار بيروقراطيين وبعض الاحزاب ومسئولى الدولة ورجال الاعمال اللذ ين يمكنهم اخفاء الملفات و التلاعب بالقرارات و إقناع الناس الأمر الذى يتعلق بتقصير حكومي أو تقصير من طرف مسؤول كبير، و هكذا يمكن توجيه غضب الناس ضد سلطته و ضد الدولة و ضد مؤسساتها،
فاعتراف الدولة بوجود ثورة مضادة تعني ان خفافيش الإدارة في مختلف دواليب التسيير منظمة تنظيما محكما و يمكنها إدارة خيوط المؤامرات باحترافية كبيرة دون حتى ان تترك أثرا على الجرائم التي ترتكبها في حق الوطن و المواطن،
واليوم ومن خلال ما شهده الشارع المصرى خلال انتخابات مجلس الشيوخ والتى قد سلطت الضوء على أن ما حدث من الكثير والكثير من التجاوزات واكتساح المال السياسى للأرادة الشعبية فى مشهد معيب لن يسقط من ذاكرة التاريخ وعلى الرغم من العزوف الشعبى الكبير الرافض لهذه المسرحية الهزلية التى اعادة للأذهان صورة الماضى المرير وعلى الرغم من فوز حزب بعينه بأكتساح قائمة وفردى والغير مقبول شكلآ وموضوعآ على مستوى الجمهورية
الا أن ذلك قد أكد بأن هناك نوع من المقايضة قد تم الاتفاق عليه مسبقآ بين الدولة وهذا الحزب
كابديل مشارك فى عملية الاعمار والبناء التى نحن بصددها الآن .
وأرى أن هذا المشهد سوف يتكرر بنفس الياته فى انتخابات مجلس النواب والمحليات وفق اتفاق المقايضة بين الدولة وهذا الحزب حيث لم تشمل هذه الاتفاقية أى بند لتدخل الارادة الشعبية فى تقرير مصيرها الوطنى والسياسى الداخلى ولو عزف الشعب بأكمله عن المشاركة فى مثل هذه المسرحيات الهزلية فالنتائج مسبقة وهذا شرط من شروط الاتفاق
فعلى الرغم من سعى الدولة الحثيث الى محاولة الاصلاح السياسى والاجتماعى الداخلى طوال سبع سنوات الا أن الفخ التى وقعت فيه قد يعيد الوطن برمته الى المربع الاول وقد يطيح بكل ما تم من انجازات خلال هذه الفترة
بعدما نجحت الثورة المضادة خلال انتخابات الشيوخ فى اعادة فقدان الثقة بين المواطن والدولة وعملت على خلق حالة من الاحتاقان بالشارع المصرى قد تصل الى حد التخوف من محاولة اختطاف الوطن من جديد والعودة الى نقطة الصفر
بل هناك تخوفات كثيرة من هيمنة هذه الثورة على كل المؤسسات التشريعية والتنفيذية للدولة مما يعمل على تقويدها والانصياع الى الاغلبية منها سعيآ للوصول بها الى سدة الحكم وعودة الدولة العميقة بكل مؤسساتها .
ولكن مازالت الفرصة سانحة أمام الدولة كى تستعيد ثقة الشعب بها لتعمل على قطع كل صلتها بالممارسات السابقة كما بات يتعين عليها الضرب بيد من حديد وبلارحمة لكل ثورة مضادة ترغب فى اعادتنا الى المربع الاول وقبل فوات الاوان فالتاريخ والاحداث خير معلم
( حمى الله مصر شعبآ وجيشآ وقيادة من كل مكروه وسوء )
14 / 8 / 2020
ولاء خالد وSaied Elshirbiny
تعليقان
أعجبني
تعليق