خاطرة للتذكير والتنوير والتبصير
حادث تحويل القبلة الكاشف
بقلم د. ابراهيم الجمل
كشف عن عطاء الله الغزير الوفير العميم للصحابة وللأمة المحمدية وللعرب قاطبة ….
تكرمة لسيد الانبياء والمرسلين سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم
يظهر ذلك من خلال الآيات والأحاديث التى جاءت معبرة عن هذا العطاء من الله للنبي صلى الله عليه وسلم من خلال :
تأكيد رفعة مكانة ومنزلة النبي صلى الله عليه وسلم عند ربه وأن الله يسارع في رضاه كما أخبر القران العظيم ( قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ۚ )
أخبرت أمنا عائشة رضي الله عنها وأرضاها أنها قالت
أما تستَحي المرأةُ أن تَهَبَ نفسَها للنَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ؟
حتَّى أنزلَ اللَّهُ:
تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ قالَت : فقلتُ إنَّ ربَّكَ ليسارِعُ في هواكَ”
وأن الله أكرمه صلى الله عليه وسلم في أمته أعظم وأتم إكرام حين جعلهم:
أمة وسطا
( وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا) يعني أمة العدل والاعتدال والاتزان والميزان وخير أمة أخرجت للناس على الرغم مما يعتري بعضها من الهنات والزلات فسبحانه بيده الفضل يؤتيه من يشاء …..
واكرم أمته حين جعل النبي صلى الله عليه وسلم هو الشاهد على الأمة صلى الله عليه وسلم
وحين جعل أمته شاهدة على الناس جميعاً مع أنبياء الله يوم القيامة كما جاء في الحديث : يَجِيءُ نُوحٌ وأُمَّتُهُ، فيَقولُ اللَّهُ تَعالَى:
هلْ بَلَّغْتَ؟ فيَقولُ: نَعَمْ أيْ رَبِّ، فيَقولُ لِأُمَّتِهِ:
هلْ بَلَّغَكُمْ؟ فيَقولونَ: لا ما جاءَنا مِن نَبِيٍّ، فيَقولُ لِنُوحٍ: مَن يَشْهَدُ لَكَ؟ فيَقولُ: مُحَمَّدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأُمَّتُهُ، فَنَشْهَدُ أنَّه قدْ بَلَّغَ، وهو قَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} .
ولعل سائل يسأل ولما أمة محمد صلى الله عليه وسلم والإجابة لأن هذا فضل الله يؤتيه من يشاء ، ولأنها الأمة الوحيدة
التى آمن أكثرها بنبيها صلى الله عليه وسلم ولم يرونه بل آمنوا به وصدقوه سماعا بما وصلهم من الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأكرمه الله أعظم إكرام حين أهدى أمته إلي القبلة الأولى التى ضلوا عنها قبلة أبانا وأبا الأنبياء إبراهيم عليه السلام ، أول بيت وضع للناس ، حيال البيت المعمور في السماء ….
وبين مكانته وحبه له صلى الله عليه وسلم حين لقنه ما يجيب به على السفهاء من اليهود ، والمرافقين ، والمشركين … حين قال الله له
( قُل لِّلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ۚ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ )
وأن المُلك ملك الله والكون كونه وأنه لا معقب لحكمه سبحانه وتعالى بيده الأمر كله وإليه يرجع الأمر كله ….
وطمأنه حين أعلمه بصيغه الاستقبال بما سوف يقولون حتى لا يحزن لقولهم ولا يجزع ..( سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا )
وميزه صلى الله عليه وسلم بالاستقلالية عمن انحرفوا عن هدي إبراهيم عليه السلام فجعل تحويل القبلة آذانا بأن رسالة النبي صلى الله عليه وسلم لها قبلتها وشريعتها المستقلة …
وشرف العرب قاطبة حين نقل النبوة من بني إسحاق إلى بني إسماعيل وجعل البيت الحرام هو قبلة للناس أجمعين ،
وأن هذا كان علامة وبرهانا على أنه صلى الله عليه وسلم نبي آخر الزمان الذي كان ينتظره أهل الكتاب ويعلمون علاماته في كتبهم
وأن البيت الحرام الذي لا يشك أحد أنه أول بيت وضع للناس ، وأن من بناه أبا الأنبياء إبراهيم عليه السلام زواره
وخدامه والقائمين عليه ومن شرفهم الله بذلك هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم وليس غيرهم وهذا فضل وشرف وتأكيد على زيادة الإيمان بصدق سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم
وأكرمه في أصحابه الأطهار رضوان الله عليهم أجمعين حين أعلمه أن هذا الامتحان كان للتأكيد على أن أصحابه الذين اتبعوه ونصروه صلى الله عليه وسلم صادقين وأنهم رضوان الله عليهم من علموا الدنيا كيف يكون الاستسلام والخضوع والامتثال لأمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم كما روى فى حديث تحويل القبلة عندما (خَرَجَ رَجُلٌ مِمَّنْ صَلَّى مَعَهُ ، فَمَرَّ عَلَى أَهْلِ مَسْجِدٍ وَهُمْ رَاكِعُونَ ، فَقَالَ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِبَلَ مَكَّةَ ، فَدَارُوا كَمَا هُمْ قِبَلَ البَيْتِ )
ثم طمأنه ربه سبحانه وتعالى على من مات من أصحابه خلال هذه الفترة وأن الله ما كان ليضيع إيمانهم وصلاتهم قال تعالى ( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ )
وأطلق عليهم لفظة الناس على الرغم أنهم جماعة حتى يعلم الخلق أن هؤلاء هم الناس حقاً وصدقاً ….
وأعلمه سبحانه وتعالى أن لا يتعب نفسه ولا يحزن عليهم فإنه سبحانه وتعالى ليس بغافل عما يقولون ويعملون وأنه مهما جاء إليهم بالأدلة والبراهين الساطعة على صدقه وأمانته لن يتبعوا قبلته قال تعالى
( وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144) وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ ۚ وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ ۚ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ )
نعمة الربط بين المسجدين
وأن الأمة جمعت بين الفضلين .
نعمة الهداية والعون من الله
(وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدي الله )
وصلى اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
كتبه د. إبراهيم الجمل