حديث نفس..
فاطمة عبد العزيز
أن الله لا يؤاخذ العبد على ما يدور في قلبه ونفسه من خواطر ووساوس، ما لم يعزم ويعقد قلبه على فعله، وهذا من رحمة الله به، لقوله صلى الله عليه وسلم: ” إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم أو تعمل به”. متفق عليه.
وكل إنسان معرض لحديث النفس بحكم طبيعته التي خلقه الله عليها، ولو حاسبنا عليها وآخذنا بها لكان ذلك تكليفًا بما لا يُطاق، وهو سبحانه حكم عدل رءوف رحيم، ولذلك لا يحاسب إلا على نتيجة هذه الحركات النفسية من القوْل أو العمل، أما ما دامت في المرحلة الداخلية، فلا يكلفنا إلا بأقواها وأقربها إلى التنفيذ، وذلك يكون عند الهم والعزم.
وقد جاء فيما حدَّث به الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن ربِّ العزة، كما رواه البخاري ومسلم “إن الله كتب الحَسَنات والسيئات ثم بيَّن ذلك في كتابه فمن همَّ بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، فإن عملها كتبها عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضِعف إلى أضعاف كثيرة، ومن همَّ بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة، وإن عملها كتبها الله عليه سيئة واحدة”.
وينبغي أن يقصر الإنسان تفكيره في ما ينفعه في أمر دينه أو دنياه، فإذا هجم عليه خاطر في أمر لا نفع فيه لم يسترسل معه، بل صرفه إلى ما ينفعه، وسبيل ذلك أن يشغل الإنسان نفسه ابتداء بما ينفعه، فإن النفس بطالة فإن شغلتها بالحق وإلا شغلتك بالباطل، ويستعين على ذلك بالله تعالى والإقبال على طاعته وكثرة ذكره.