بقلم /خالد السلامي
الغيث جندي من جنود الخالق البارئ سبحانه وتعالى يرسله إذا شاء رحمة للناس ليؤمن لهم ولأنعامهم الماء الذي يشربون كما يخرج به من الأرض أرزاقهم وأرزاق أنعامهم ويشمل ربنا الكريم جلت قدرته برحمته هذه كل من في الأرض دون تمييز بين عبد وسيد ولا ابيض واسود ولا عربي وأعجمي بل وحتى بين مسلم وغير ذلك فكل له نصيبه من تلك الرحمة النازلة من مزن السماء على شكل قطرات ماء طهور يحيي به الأرض بعد موتها وكذلك إذا شاء الله تعالى أن يرسل هذا الغيث معاقبا به من زل عن الطريق الذي يريده له فيصحبه بأعاصير وعواصف وسيول تقتلع الأخضر واليابس وتهلك الحرث والنسل فتجرف الأرواح و المنازل والمزارع والبهائم لتكون نازلة من نازلات رب العالمين التي يمحق بها الباطل وأهله وليشمل به كل من يقع ضمن رقعة هطوله كما نرى من أعاصير أمريكا وتسونامي اندنوسيا وكارثة اليابان فكلها نازلات أراد الله بها أن ينذر عباده الخارجين عن طاعته ويذكرهم بقدرته العظيمة .
وهكذا شبه العرب الحاكم العادل بالغيث فإما أن يكون حاكما عادلا يشمل بعدله ورحمته وعطائه ورعايته كل رعيته كما يغطي المطر بكرمه وعطائه ورزقه كل من تلامسه قطراته الكريمة فيحضى هذا الحاكم العادل بمنزلة عظيمة عند الناس وأعظم منها عند الله سبحانه وتعالى فيستجاب دعاؤه ويكون ظل الله في الأرض ويعد ضمن السبعة الذين يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله ويحمل صفات الحاكم العادل التي نصح بها علّامة العرب الحسن البصري أمير المؤمنين في زمانه الخليفة الأموي العادل عمر بن عبد العزيز حين قال له ردا على استفساره عن صفات الحاكم العادل حيث قال ( اعلم يا أمير المؤمنين إن الله جعل الإمام العادل قوام كل مائل وقصد كل جائر وصلاح كل فاسد وقوة كل ضعيف ونِصفةُ كل مظلوم ومَفزعُ كل ملهوف والإمام العادل يا أمير المؤمنين كالراعي الشفيق على إبله والحازم الرفيق الذي يرتاد لها أطيب المراعي ويذودها عن مواقع الهلكة ويحميها من السباع ويكنفها من أذى الحر والضرر والإمام العادل يا أمير المؤمنين كالأم الشفيقة البَرَّة الرفيقة بولدها حملته كرها ووضعته كرها وربته طفلا تسهر لسهره وتسكن لسكونه ترضعه تارة وتفطمه أخرى وتفرح بعافيته وتغتم بشكايته .والإمام العادل يا أمير المؤمنين كالقلب بين الجوارح تصلح الجوارح بصلاحه وتفسد بفساده والإمام العادل يا أمير المؤمنين هو القائم بين الله وبين عباده يسمع كلام الله ويسمعهم وينظر إلى الله ويراهم وينقاد لله ويقودهم فلا تكن يا أمير المؤمنين فيما ملكك الله كعبد ائتمنه سيده واستحفظه ماله وعياله فبدد المال وشرد العيال فأفقر أهله واهلك ماله ).
وإما إذا شاء أن يكون عكس ذلك أي حاكما جائرا متجبرا فبالتأكيد سوف يحمل عكس كل تلك الصفات الكريمة للحاكم العادل وسيكون بعيدا عن ظل الله يوم لا ظل إلا ظله وسيظلم ويميز بين رعيته وناسه ويبدد مالهم ويسوقهم إلى الفقر والمجاعة والرعب والقلق وكل ما يمكن أن نتوقعه من حاكم جائر أبعدنا الله وإياكم عن مثل هؤلاء الحكام الظالمين المتجبرين.
اذاً فمن يتسنم أعلى هرم الحكم في اي بلد عليه أن يراجع وصية العلامة العربي الحسن البصري رحمه الله بدقه ان كانت غايته صلاح رعيته وخدمتهم ورفع شأنهم.