للكاتب : محمد عبد المجيد خضر
لماذا وكيف انحنى الخط البياني بالمصريين فيما بينهم الى هذا الانحدار الخطير الرهيب الغير متوقع اصلا ، فقد كنّا اكثر الشعوب قربا من بعضنا البعض ، كنّا رحماء جدا فيما بيننا نراعي الجيران فالود كان لجيران الشارع الذي نعيش فيها من اوله لآخره ، واحيانا الود يصل لبعض الشوارع المجاورة فاين نحن الآن اننا غرباء جدا حتى جاري الذي يسكن بشقة بابها بجانب بابي ليس بيننا اي ود ولا معاملة ولا تراحم فما حدث .
ايرجع ذلك لانعدام الامن والامان او الثقة انعدمت بين الناس ام الأنا اصبحت اعلى مما يجب ام ، انها ثقافة مجتمع تطورت وتغيرت بفعل فاعل !! دمر رويدا رويدا القيم والاخلاق والتكافل والتكامل ، فنحن في حاجة لبعضنا البعض نتكامل ونراعي بعضنا ، ونحمي كل منا اخاه وجاره وعائلته واولاده ، ونتكاتف ونحب الخير كل منا للآخر ونرعى ابناءنا وابناءهم وكانهم ابناءنا نحزن لحزنهم ونشارك افراحهم .
حتى العائلة الواحدة والاقارب كانت الزيارات بينهم لا تنقطع ، وكل عائلة كانت تتجمع في لمة جميلة في بيت كبير العيلة يتسامرون ويضحكون ، بل ايضا يبحثون مشاكل اي منهم ممن يعانون من مشكلات ، ويقدم كل فرد يمكنه ان يقدمه من نصيحة او تقديم دعم معنوي او البحث عن طريقة او واسطة من المعارف او دعم مادي اذا كانت المشكلة اقتصادية مالية وهكذا .
لم انهارت كل هذه الفعاليات والعادات وكيف وصلنا لهذا التباعد المذري القمئ ، الذي اثر في القلوب فجعلها متحجرة ونزع الرحمة والمودة بيننا ، وحصر اهتمام كل منا بمصالحه الشخصية بصورة بحته وبلا اي انطباع ولا تذكرة ، لاحد مهما كان ، فالاخ لا يراعي اخوته ولا روابط العائلات ، من ابناء عمومة ولا ابناء خالات ولا ابناء الخال ولا من عاشوا معنا طفولتنا ، وحتى الاصدقاء تباعدت بينهم المسافات واصبح اللقاء عزيزا .
وانتزعت الرحمة من نفوس وقلوب الابناء فالقوا بآبائهم وامهاتهم في دور رعاية المسنين ، ويتمنون الخلاص منهم في اقرب اجل ممكن ليرتاحوا من الحاحهم عليهم ، ونظرة الناس المحيطين بهم باللوم والتحقير من هذا التصرف الخالي من الرحمة والود والعرفان بالجميل ، وتقدير ما عاناه هؤلاء الآباء والامهات لتربيتهم وحتى اصبحوا رجالا ونساءا لهم قيمة في المجتمع .
اذا ما هو المطلوب لعودة الوعي والقيم والاخلاق والمبادئ الجميلة للزمن الجميل هذا ، اننا نفتقد للقدوة الحسنة ، ولانعاش دور الاسرة وعودة القيمة الحقيقية للمدرسة ، واعادة الاحترام والهيبة والمقام للمدرس ، لنضع الاساس المتين للقيم الانسانية المحترمة للاجيال القادمة ، وايضا نحتاج صحوة اعلامية ووزارة الثقافة وما يقدم للناس من خلال الفن والادب والغناء والدولة لرعاية المعدمين ووزارة التربية والتعليم لتعديل المسار .
حتى نعود للحياة النظيفة الجميلة المحترمة التي يحترم الصغير فيها الكبير ويعطف الكبير فيها على الصغير ويتعارف الشباب على الحلال والحرام ومكارم الأخلاق والتهذيب واللياقة وحسن المعاملة والرحمة والقناعة والمودة بين الناس والتراحم وكل القيم المفقودة والقدوة الغائبة .
وربنا يستر علينا وعلى اولادنا واصحابنا وجيراننا واهلنا وكل شعب مصر العظيم مصر ام الدنيا لتصبح قد الدنيا بحق .