بقلم الباحثة :- مارتينا سمير أديب
متحف الفن الإسلامي أكبر متحف إسلامي فني في العالم ، يقع بمنطقة باب الخلق في قلب القاهرة التاريخية .
ويُعد المتحف الإسلامي الحلقة الرابعة من سلسة متاحف تمثل تاريخ مصر العريق ، ومن الجدير بالذكر أن أولي هذه الحلقات هي المتحف المصرى بميدان التحرير ، و يليه متحف الاسكندرية الذى يحتوى للعصر البطلمي و الروماني ، وأخيرًا المتحف القبطى بحي مصر القديمة .
فكرة إنشاء المتحف:-
و ترجع فكرة إنشاء متحف للآثار الإسلامية إلي المهندس “سالزمان” الذى أقترح فكرته أمام الخديوى إسماعيل في سنة ١٨٦٩م ،
و بناءًا علي ذلك كلف “فرانتز باشا” الذي كان في أنذاك الوقت مديرًا للقسم الفني في إدارة الأوقاف ، بأن يقوم بتخصيص بناءًا حكوميًا للأثار الإسلامية التي جُمعت من المساجد و البيوت الآثرية ،
إلا أن هذه الفكرة لم تنفذ إلا في عهد الخديوى توفيق عام ١٨٨٠م ، أى بعد مرور ١٢ عامًا .
حيث طلب الخديوى توفيق من فرانتز باشا أن يخصص مكان يجمع فيه الآثار الإسلامية ، فجمعها في الإيوان الشرقي لمسجد الحاكم بأمر الله ، و لكن زاد عدد التحف زيادة كبيرة، حيث في عام ١٨٨٢م أصبح عدد القطع الأثرية التي تم جمعها 111 تحفة ، فسببت ذلك ضيق في الإيوان الشرقي لمسجد الحاكم ،
فأضطرت وزارة الأوقاف أن تبني مبنى صغير في صحن جامع الحاكم أطلق عليه أسم “المتحف العربي” أو “دار الآثار”
وكان تحت إدارة فرانتز باشا الذي ترك خدمة الحكومة سنة ١٨٩٢م ، لذلك إختارت لجنة حفظ الآثار العربية “هرتس بك” ، الذي شغل منصب كبير مهندسي اللجنة ليُشرف عليها ،
وكان أول شيئ فعله أنه وضع دليل صغير لمحتويات الدار سنة ١٨٩٥م ، وذكر فيه أن المكان المخصص للدار فى مسجد الحاكم لا يصلح لإقتناء التحف ومن الصعب تهيئته .
ومن هنا كان قرار إنشاء دار حفظ الآثار بباب الخلق ، وقد تم إختيار هذا المكان ليكون على مقربةٍ من أشهر المعالم المعمارية الإسلامية المعبرة عن عظمة الحضارة الإسلامية ، كمسجد أحمد بن طولون ، ومسجد محمد على ، وقلعة صلاح الدين الأيوبي ،
وبداية وضع حجر الأساس عام ١٨٩٩م ، وإستُكمل البناء عام ١٩٠٢م ، ثم نُقلت إليه الآثار في نهاية السنة التالية.
وقد تم إفتتاح مبنى المتحف الحالي في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني في ٢٨ ديسمبر ١٩٠٣م .
ومن الجدير بالذكر أن دار الآثار العربية بنيت على طراز عربي حديث ، وتتميز واجهة المتحف المطلة على شارع بورسعيد بزخارفها الإسلامية المستوحاة من العمارة الإسلامية بمصر في عصورها المختلفة ،ويشتمل على طابقين ، حيث الطابق السفلى مخصص لعرض القطع الأثرية ، أما الطابق العلوي فهو لدار الكتب المصرية التي أنشائها علي باشا مبارك ،ولكن مع مرور الوقت أصبح المكان لا يتناسب لهاتان المؤسستان ، وذلك نظرًا لطبيعة البناء ، الذي قد يُعرض الآثار والمقتنيات لخطر كبير وهو خطر النقل ، فتقرر إنشاء بناء آخر لدار الكتب المصرية ، وأستقلت دار الآثار العربية بالبناء الحالي
الهدف من إنشائها :
الحفاظ على الآثار المنقولة من المساجد و البيوت الآثرية وغيرهما ، ولم تصل للدار أية قطع آثرية عن طريق شراء لمدة عشرين سنة ، مما سبب إنعدام أي مصدر آخر قد تستمد منه الدار قطعها الأثرية غير الآثار المنقولة بالمساجد و المباني الأثرية العامة التى سوف تستنفذ في يوما ما ، لذلك طلبت الدار دعم مالي لشراء تُحف من سوق العاديات ، وكان لابد من توسيع مصادر تزويد الدار بالأثار عن طريق التنقيب عن الآثار الذى قام بها المشرفون علي الدار في الفسطاط ، وجبل الدرونكة بجنوب غرب أسيوط ، وقامت الدار بحفائرها الأولي في عام ١٩١٠م ، كما حصل المتحف على عدد كبير من المحتويات الأثرية ، عن طريق إهداءات الملوك والأمراء والهواة ، ونذكر أن عدد التحف فى سنه ١٩٥١م قد بلغ حوالي ٤٥ ألف رقم سجل ، فترتب عليه قيام الدكتور” زكى محمد حسن” بتغيير مسمي دار الآثار العربية إلي “متحف الفن الإسلامي” ، والسبب في ذلك أن مقتنيات المتحف في ذلك الوقت شملت معروضات من جميع أقاليم العالم الإسلامى ، سواء العربية أو الغير العربية التي خلفها الحكام و الخلفاء المسلمين على مدار العصر الإسلامي ،وقام أيضًا بتوزيع الآثار التي تم اختيارها للعرض فى ٢٣ قاعة تم تقسيمهما حسب العصور والمواد .
ومن الجدير بالإشارة أنه بين عام ١٩٨٣م وعام ١٩٨٤م تم توسيع المتحف و زيادة عدد القاعات الي خمسة و عشرون قاعة
وحاليًا يشمل متحف الفن الإسلامي حوالي ١٠٠ الف قطعة أثرية متنوعة من الهند و الصين و إيران ، مرورًا بفنون الجزيرة العربية والشام ومصر وشمال أفريقيا والأندلس ، مما جعل المتحف منارة للفنون وللحضارة الإسلامية ، حيث تميزت هذة التحف بالشمولية وتنوع مقتنياته التي صنعت من المواد المختلفة كالمعادن والعاج والخزف والنسيج والزجاج و غيرهم لمختلف فروع الفن الإسلامي على مدار العصور ،ولهذا المتحف أهمية كبيرة حيث يعد أكبر معهد تعليمي يختص بمجال الآثار الإسلامية ، وكل ما له صلة بالفن الاسلامي.
و تجدر الإشارة ان المتحف تعرض في يوم ٢٤ يناير ٢٠١٤ لدمار كبير نتيجة للتفجير الذي استهدف مديرية آمن القاهرة ادى لتدمير واجهة المتحف المقابلة للمديرية، وتدمير عدد كبير من القطع الأثرية، وكانت خسائر المتحف الذى يضم مقتنيات نادرة من عصور إسلامية مختلفة وفادحة.
و لكن تمت اعمال الترميم و التجديد و قام العاملون بدور بطولي في حماية المبني و المقتنيات الأثرية و تخزينها بعد إنقاذها من بين الانقاض و قامت إدارة الترميم في المتحف ببذل مجهود مضاعف لجمع التحف الأثرية من بين الانقاض و ترميمها بنجاح و احياؤها من جديد بعد تدميرها و تم تطبيق سيناريو عرض جديد يشمل قطع أثرية يتم عرضها لاول مرة وأعداد بطاقات شرح من قبل أساتذة الجامعة.
بعد ٣ سنوات من العمل، وبالتحديد فى ١٨ يناير ٢٠١٨، افتتح الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية، متحف الفن الإسلامى بعد الانتهاء من مشروع ترميمه الذى تم بنجاح.