تاريخ إستراتيجى ” لبرنيس” الذهبية و حلم القوتين العظمتين فيها و عظمة مصر
★اللواء. أ.ح. سامى محمد شلتوت.
※كانت التداعيات الدولية و التحالفات الغير متوقعة بالبحر الأحمر و مصادر التهديد المحتملة كان لابد لمصر أن تؤمن تواجدها و تأمن قناة السويس من أقصى الجنوب فظل تواجد قوى مشبوهه فى باب المندب و على بعض الجزر اليمنية و غيرها. فكان حتمية تواجد عسكرى مصري قوى و حديث لمجابهة هذه المخاطر التى تهدد الأمن القومي المصري.
※ برنيس الموجودة على خط {عرض ٢٢} على الحدود المصرية الجنوبية وتقع على البحر الأحمر. تسمى {ميناء أهل الكهوف} وفق تعبير اليونانيين، و أطلق عليها في العصر البطلمي {برنيس الذهبية}، و كان بها أكبر ميناء تجاري عام 275 قبل الميلاد… منطقة برنيس جنوب مصر، التي أقيمت بها ثاني قاعدة عسكرية كبيرة في مصر بعد {قاعدة محمد نجيب} بالمنطقة الشمالية العسكرية، وأ كبر قاعدة على البحر الأحمر.
※ كانت ميناءً مصريًا قديما، و أطلق عليها اسم {برنيس} نسبة إلى الملكة برنيقيه أم بطليموس الثاني حاكم البلاد في عصور ما قبل الميلاد، ثم تم تغييرها و تحريفها إلى {برنيس}.و كانت قريبة من مناجم الذهب المنتشرة في محيط جبل العلاقي، و كان يعمل في مناجمها رهائن الحرب…. المنطقة نقطة إستراتيجية مهمة تتوافر بها مقومات و إحتياجات الجيوش للقيام بأعباء و مهام التفوق العسكري و الادإستراتيجي. و المنطقة متلازمة مع أهمية مضيق هرمز، و مع أهمية الخليج العربي على خريطة الإستراتيجيات العالمية، لأنها تعد سهلا ساحليا ضيقا وسط سلاسل جبال البحر الأحمر تمنح تفوقا إستراتيجيا لمن يتحصن ويتركز بها.
※ أهمية برنيس ٱستراتيجيا أنها تتوافر بها أقل مساحة بحرية على شاطئ البحر الأحمر بين مصر و السعودية، و أقل مساحة طيران بين مصر و الخليج العربي كله، و تعد نقطة عبور إستراتيجية إلى منطقة القرن الإفريقي، و نقطة إلتقاء بحرية و جوية بين قارتين و ثلاث بحار إستراتيجية و محيطين كبيرين.
أهمية برنيس أتت أيضا من مفارقة غريبة، و هي أن الرئيس السوفيتي الأسبق خروشوف كان أول زعيم أجنبي يطأ أرضها في القرن الماضي. خروشوف جاء إلى مصر ليشارك في إحتفال السد العالي و تحويل مجرى النهر بأسوان، و قرر أن يأتي بحرا، و إختار أن يعبر من البحر الأسود إلى المحيط الهندي، ثم إلى البحر الأحمر، و لم يكن من المناسب بعد كل هذه المسافة البحرية أن يصل خروشوف بحرا حتى السويس في أقصى الشمال، ثم ينتقل بعد ذلك إلى أسوان في أقصى الجنوب لحضور الإحتفال.
※فقرر الإتحادالسوفيتي، و قتها، البحث عن أقرب نقطة بحرية تنقل خروشوف من البحر الأحمر إلى أسوان، و لهذا السبب أرسلت مصر بعثة عسكرية على شاطئ البحر الأحمر للبحث عن مكان يصلح لرسو سفينة خروشوف، و يصلح أيضا لهبوط طائرة صغيرة، تقلع به مع أسرته إلى أسوان.
إختارت البعثة العسكرية المصرية منطقة برنيس، و أنشأت بها مرسى للسفينة، ثم مهدت طريقا يمكن أن تتحرك منه الطائرة إلى أسوان.
※الإدارة الأميركية تعطى إهتماما خاصا ببرنيس.لعدة معطيات حسابية و عسكرية، خاصة بعد إستخدامها من جانب الجيش المصري كميناء لنقل وحدات كبيرة من القوات المسلحة المصرية كانت متواجدة في اليمن إلى مصر قبل إندلاع حرب العام 1967.
بالحسابات رأت واشنطن أهمية المنطقة إستراتيجيا، لذلك تفاوضت مع مصر في عهد الرئيس الراحل أنور السادات لبناء قاعدة عسكرية أميركية بها. كانت الحسابات التي أجراها البنتاغون تؤكد أنه بالنسبة لحساب المسافات فالمنطقة تعد الأقرب من القواعد الأميركية في العالم،بالقياس إلى مسرح العمليات.
مثل قاعدة خليج {سوبيك}بالفلبين تبعد عن مسرح عمليات الجيش الأميركي في منطقة الشرق الأوسط مسافة{10}آلاف كيلومتر، وقاعدة {غوام} في المحيط الهادي تبعد مسافة{ 12 ألفا و500} كيلومتر، وقاعدة {نوفوك} بفرجينيا تبعد مسافة {18} ألف كيلومتر، وحتى جزيرة {دييغو غارسيا} رغم قربها النسبي{3800} كيلومتر من مضيق هرمز، لا يمكن أن تلعب دوراً مؤثرا لصغر رقعتها بالنسبة للجزر المحيطة بها.
※بالنسبة للتكلفة رأت الإدارة الأميركية، تكلفة إقامة قاعدة في برنيس تعادل نصف التكلفة التي ستقام فيها قاعدة في تركيا، و ثلث تكلفة إنشاء قواعد أخرى، و سيتكلف نقل المعدات و الأفراد و الجنود إليها سدس تكلفة النقل لأي قاعدة أخرى في العالم، لذا قال وزير الدفاع الأميركي وقتها، كاسبر واينبرغر، في عهد الرئيس الأسبق رونالد ريغان إن برنيس هي الحل المسيطر.
※ زاد من أهمية المنطقة و تمسك الإدارة الأميركية بإقامة قاعدة عسكرية فيها ما أكدته دراسة حول تكاليف ووقت النقل من أميركا إليها، فقد كشفت الدراسة أنه بإستخدام نصف جسر إستراتيجي يمكن أن يستغرق الوقت من أميركا إلى مسرح العمليات في الشرق الأوسط سبعة و سبعين يوما، و من قاعدة موباسا في كينيا سيستغرق الوقت إثنين و عشرين يوما، و من أزمير في تركيا سيستغرق الوقت سبعة عشر يوما، أما من قاعدة برنيس في مصر فلن يستغرق الوقت سوى عشرة أيام فقط.. الولايات المتحدة ظلت تفاوض مصر حول حلمها فى برنيس وإنشاء قاعدة عسكرية بها، و كان الرئيس الراحل أنور السادات يرفض، و بعد رحيل السادات، طلب الرئيس الأميركي ريغان بشكل مباشر من الرئيس الأسبق حسني مبارك أن يوقع بنفسه على خطاب تعهد يتيح للولايات المتحدة إستخدام القاعدة بنفس الطريقة التي قدم بها السادات تعهدا سابقاً يسمح فقط بإستخدام القاعدة في حالة تعرض مصر و أميركا لخطر مشترك لكن مبارك رفض و بإصرار شديد وجود أي قواعد أجنبية في مصر.هولاء هم أبناء مصر والمؤسسة العسكرية المصرية بيت الوطنية.
أميركا لم تتوقف عن طرح عروضها لإقامة القاعدة وقدمت وعودًا كبيرة سواء إقتصادية أو تسليحية، وتنوعت إقتراحاتها ما بين إستخدام دوري مؤقت لإدارة مشتركة للقاعدة، أو إستخدام دوري مؤقت ، أو تأجير تحت سقف زمني محدد ، وكان كل ذلك يواجه بالرفض من جانب مصر .
※ لتأتى الخطوة النهائية لتقضى على الحلم الأمريكى قام بها الرئيس عبدالفتاح السيسي و أتخذ قرارا ببناء القاعدة بتمويل مصري و سواعد مصرية لتكون نقطة إنطلاق إستراتيجية لمصر، و لتتمكن القوات المسلحة المصرية من خلالها في تنفيذ كافة المهام التي توكل إليها على الإتجاه الإستراتيجي الجنوبي، وتكون مرتكزاً لإنطلاق الجيش المصري لتنفيذ أي مهام توكل إليه بنجاح، و بما يعزز التصنيف العالمي له بين مختلف الجيوش العالمية. و تكون شوكة فى حلق أى تحركات أو أحلام فى التأثير على الأمن القومي المصري من إتجاه باب المندب.
※ عاشت مصر بلادى حرة أبية عصية على كل غادر وسلمت بلادي من كل سؤء بفضل تضحيات أبنائها الأوفياء المخلصين الشرفاء من أبناء الوطن….