بور سعيد ـ كل عام وانتي بخير
بقلم: أسامة حراكي
من الشرفة كنت أُطل عليها، أراها مستحمة بزرقة المدى، مملحة بهواء البحر، ممتدة كبساط موازي للماء، خصلات شعرها موج البحر وضفائرها الشمس.
هي جارة لدمياط، عند أقدامها تكسر الغزاة، علمت الدنيا معنى الشموخ وأهدت للعالم أطواق الحرية.
منذ أكثر من نصف قرن كتبت بالأحمر اسطورة البقاء، بالحبر خط الشعراء قصائد عشقهم لها فهي كلما تتقدم بالعمر تزداد سحراً وجمالاً، وبالدم سطر الشهداء ملحمة النصر وأجبروا غزاة العدوان على التراجع والفرار تطاردهم أطياف الشهداء وصيحات الأرض
المنقلبة على الطغاة، ولا عجب أن يكون أبنائها من شهداء وعمال وصيادون ومزارعون وأدباء ملهمين، فمنهم من كتب بدمه قصة شعب لم يرضى يوماً الذل والهوان، ومنهم يكتب بصنارته وشباكه على صفحات المياه وفي أعماقها حكايات الرزق الحلال، ومنهم من يكتب بمحراثه سطور التراب وأُغنيات الخير والغلال، ومنهم من يحول كل هذا إلى
قصائد وروايات وكتب تخلد ما يصنعها أهلها الطيبون الذين يعلموننا حتى اليوم معنى الحرية والإبداع، وهل من إبداع بلا حرية وهل من مبدع حقيقي إلا وكان في مدرسة الحرية.
هذا أقل ما أقوله عنها، إنها المدينة الباسلة بور سعيد التي شربت مائها عذباً ولم ولن أرمي في بئرها حجراً، تحية لها وتحية لشعبها في يوم عيدهم القومي الذي يحتفلون به في 23 ديسمبر من كل عام .