بقلم الباحث التاريخى الشريف / أحمد ُحزين شقير الُبصيلى
…………………………………………
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قدم النبي صل الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء فقال : ” ما هذا ؟ ” قالوا : هذا يوم صالح نجى الله فيه بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى قال : ” فأنا أحق بموسى منكم ” فصامه وأمر بصيامه وفي رواية ” لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع “.
وعن أبي قتادة رضي الله عنه قال : وسئل عن صوم يوم عاشوراء فقال : ” يكفر السنة الماضية ” وفي رواية ” صيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله “
كل هذه الأحاديث الجميلة تعبر عن فضل صوم عاشوراء لكن هناك أيضا حادثة شهيرة وفاجعة كبرى حدثت فى يوم عاشوراء.
شهد يوم العاشر من محرم (عاشوراء) سنة 61 هجريًا فاجعة كبيرة ألمت بالمسلمين حيث قتل جيش يزيد بن معاوية الإمام الحسين رضي الله عنه وقطعوا رأسه الشريفة مع شباب أهل البيت من أبناء الإمام الحسن والإمام الحسين وأبناء السيدة زينب رضي الله عنهم أجمعين ليس ذلك فحسب بل سيقت نساء آل بيت النبوة مأسورات بأمر من الملعون يزيد بن معاوية.
ملخص ما حدث أن معاوية الذي كان خليفة للمسلمين بعدما تنازل سيدنا الإمام الحسن بن علي عن الخلافة له حقنًا لدماء المسلمين أراد أن يورّث الحكم من بعده لابنه يزيد فأخذ البيعة له في حياته وهو ما قابله الكثير من الصحابة والمسلمين بالاستياء كون يزيد لا يصلح للخلافة ولأن الأمر درج على اختيار الخليفة بالشورى بين المسلمين
ذكر الإمام الطبري في كتابه: تاريخ الرسل والملوك أنه لما مات معاوية بن أبي سفيان وبلغ أهل الكوفة موته وأن يزيد قد ورث الخلافة كتبوا إلى سيدنا الإمام الحسين عليه السلام يدعونه إليهم ليبايعوه خليفة للمسلمين فكتب لهم جوابًا مع رسولهم وأرسل ابن عمه مسلم بن عقيل عليه السلام بالرسالة إليهم وليتفقد الأمر هناك ومدى جديتهم فلما وصل مسلم إليهم اجتمع ما يزيد على 50 من زعماء الكوفة وأخذ عليهم العهد والميثاق بالبيعة لسيدنا الإمام الحسين وأن ينصروه ويحموه ثم تواترت الكتب إلى سيدنا الحسين من جهة أهل العراق وجاء كتاب مسلم بن عقيل بالقدوم عليه بأهله.
وعندما علم يزيد بن معاوية بتحرك أهل العراق بالبيعة للإمام الحسين خاف على ملكه المغتصب فعزل والي العراق وولى مكانه عبيد الله بن زياد فقتل مسلم بن عقيل ورماه من أعلى القصر وكان الإمام الحسين قد تحرك من الحجاز إلى العراق قبل مقتل مسلم ولم يعلم ما حدث له.
وبعدها تخلّى بعض أهل العراق عن وعدهم للإمام الحسين خوفًا من يزيد بن معاوية وكان الكثير من الصحابة الكرام حذروا الإمام الحسين من الذهاب إلى العراق منهم ابن عباس رضي الله عنه فقد كلّمه أكثر من مرة فمن جملة ما قال له: إن أهل العراق قومُ غَدرٍ فلا تغترَّنَّ بهم أقم في هذا البلد وإلا فسِر إلى اليمن فإن به حصوناً وشعاباً ولأبيك به أنصاراً. فقال سيدنا الحسين: يا ابن عم والله إني لأعلم أنك ناصح شفيق ولكني قد أجمعت المسير فقال له: فإن كنت ولا بد سائراً فلا تسر بأولادك ونسائك فوالله إني لخائف أن تقتل كما قتل عثمان ونساؤه وولده ينظرون إليه.
وانطلق سيدنا الإمام الحسين ومعه أصحابه ومعه من أهل بيته حتى إذا وصل إلى العراق وقد عرف ماذا فعل عبيد الله بن زياد وعرف تَخَلّي أهل العراق عنه ولم يجد أحداً منهم.
وبعثَ إليه عبيد الله بن زياد بكتيبة فيها أربعة آلاف يتقدمهم عمرو بن سعد أو عمر بن سعد فالتقوا بمكان يقال له كربلاء فطلب منهم سيدنا الحسين إحدى ثلاث:
1 – إما أن يدعوه يرجع من حيث جاء.
2 – وإما أن يذهب إلى ثغر من الثغور فيقاتل فيه.
3 – أو يتركوه يذهب إلى يزيد.
فوافـق عمـر بن سعد على ما قاله مولانا الحسين وأرسل يخبر ابن زياد بذلك فأرسل ابن زياد إلى عمر بن سعد أن لا يوافق حتى يأتي ابن زياد ويبايعه
( يعني ليبايع يزيد بن معاوية) – وقد أشار على ابن زياد هذا الرأي شُمَّر بن ذي الجَوشن قبحه الله فقال سيدنا الحسين: والله لا أفعل.
فعمر بن سعد تباطأ في القتال فأرسل ابن زياد شُمّر بن ذي الجَوشن وقال له إن تقدم عمر فقاتل وإلا فاقتل الحسين وكن مكانه فتحول بعض الجيش الذين كانوا مع عمر بن سعد إلى صف سيدنا الحسين لما علموا من إصرار أولئك على قتل مولانا الحسين.
وأما هذا عمر بن سعد آثر الدنيا وخاف على منصبه فحاصروا سيدنا الحسين ومن معه حصاراً شديداً حتى منعوا عنهم الماء لمدة ثلاثة أيام والإمام الحسين ومن معه من أهله وأطفاله يعانون من العطش الشديد.
فلما أصبح الصباح وكان يوم العاشر من محرم يوم عاشوراء تهيأ سيدنا الحسين ومعه اثنان وثلاثون فارساً وأربعون راجلا، وتهيأ جيش يزيد بقيادة عمر بن سعد ومعه أربعة آلاف مقاتل.
وقاتل أصحاب سيدنا الحسين بين يديه حتى استشهدوا جميعًا وكان أول شهيد من أهل سيدنا الإمام الحسين هو علي الأكبر بن الحسين فخرجت السيدة زينب أخت الإمام الحسين تنكب عليه تبكي ثم أدخلها سيدنا الحسين بيده الفُسطاط وهو خيمة من الشعر.
وتوالى استشهاد شباب أهل البيت الأطهار فقتل عبد الله بن مسلم بن عقيل ثم قتل عون ومحمد ابنا عبد الله بن جعفر ثم قتل عبد الرحمن وجعفر ابنا عقيل بن أبى طالب ثم قتل القاسم بن الحسن بن علي بن أبى طالب وكذلك قتل عبد الله بن الحسين وأبو بكر والعباس وعثمان وجعفر ومحمد بنو علي ابن أبي طالب إخوة الإمام الحسين غير الأشقاء.
ثم التف حوله أولئك الظلمة وسيدنا الإمام الحسين يجول فيهم بالسيف يمينًا وشمالًا وهم يهربون منه حتى تقدم رجل يقال له زُرعة بن شُرَيْك التميمي – عليه لعائن الله- فضربه على يده اليسرى وضربه آخر على عاتقه، وطعنه سنان بن أنس – عليه لعائن الله- بالرمح فوقع الإمام الحسين على الأرض شهيدًا، فتقدم شُمّر بن ذي الجَوشن ففصل رأسه الشريف عن جسده الطاهر وقيل ثم جاء عشرة من الخيالة داسوا على الجسد الطاهر للإمام الحسين ذهابًا وإيابًا.
ووُجِد بسيدنا الإمام الحسيـن حين قُتـل ثلاث وثلاثون طعنة وأربع وثلاثون ضربة وبعدما استشهد الإمام الحسين همّ شمّر بن ذي الجوشن أن يقتل علي الأصغر زين العابدين ابن الإمام الحُسين وهو صغير مريض ولكن منعوه عنه فحفظت ذرية الإمام الحسين في نسل الإمام علي زين العابدين.
وكان عمر سيدنا الحسين يوم قتل ستاً وخمسين سنة وكان استشهاده يوم الجمعة في العاشر من محرم سنة إحدى وستين من الهجرة الشريفة فأخذوا الرأس الشريفة لسيدنا الحسين ورؤوس أصحابه إلى ابن زياد ثم حملهم إلى يزيد بن معاوية عليه لعائن الله فلما وضع رأس الإمام الحسين بين يدي يزيد يقال إنه جعل ينكت بقضيب كان في يده في ثغر الإمام الحسين فيحرك به شفتيه فقال له أبو بَرزة الأسْلَمي: والذي لا إله إلا هو لقد رأيت شفتي رسول الله على هاتين الشفتين يقبلهما ألا إن هذا سيجيء يوم القيامة وشفيعه سيدنا محمد صل الله عليه وآله وسلم وشفيعك أنت ابن زياد عليه لعنة الله ثم قام من مجلسه وانصرف.
أما بقية أهل سيدنا الحسين ونسائه ومعهم سيدنا الإمام زين العابدين علي بن الحسين فحملهم ابن زياد إلى يزيد- عليه لعائن الله- مكبلين مأسورين كذلك وبقوا هناك فترة ثم أوصلهم إلى المدينة المنورة بعدما خاف من ثورة المسلمين عليه لقتله الإمام الحسين وسبيه لأحفاد وحفيديات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
ولقد ثبت لدينا بما لايدع شك وكذلك لدى كثير من أهل العلم وأهل الولاية ان رأس سيدنا الحسين قد نقل إلى عسقلان وعندما جاءت الحروب الصليبية وكانوا يقومون بنبش القبور المعظمة عند المسلمين نقلت الرأس الشريف في مشهد مهيب إلى مصر في عهد الدولة الفاطمية ودفنت في المشهد الشهير المعروف في مصر في مسجد الإمام الحسين قرب الأزهر الشريف وأما جسده الشريف فدُفنَ في كربلاء حيث استشهد رضي الله عنه وأرضاه.
إن معركة كربلاء كارثة كبيرة حلت بالأمة الإسلامية والتي قتل فيها الإمام الحسين رضي الله عنه أنها لم ثؤثر فقط في آل البيت وإنما امتد تأثيرها في سائر أهل الإيمان.
ونحن فى هذه الذكرى واحتفالا بيوم عاشوراء ننشر لكم صور نادرة منذ بداية القرن العشرين الماضى لمظاهر الحياة حول مسجد سيدنا الحسين بالقاهرة مثل عربة السوارس الشهيرة التى كانت تنقل الناس لزيارة مسجد ومقام سيدنا الحسين وصورة لمهنة الاسكافى وبائع الاحذية القديم وصورة لحلاق الطريق الذى كان يحلق للزائرين قديما لمسجد سيدنا الحسين وصورة لمكوجى القدم التى كانت منتشرة قديما قبل دخول المكواة الكهربائية .
واخيرا لاتنسى أيها المؤمن وايتها المؤمنة ان يوم عاشوراء ربك شق فيه البحر لِـ موسي بسبب يقينه في ان الله قادر
انتم أيضا مستحيلكم بيقينكم في ان الله قادر سوف يتحقق بفضل الله