دمياط _فريدة الموجي
قصة بنى إسرائيل في زمن الكورونا
كثيرا ما كنت استغرب قصة رفع جبل الطور فوق رؤوس بنى إسرائيل واعتقادهم أنه سيقع عليهم إذا خالفوا أمر الله تعالى ولم يلتزموا ميثاق العبودية
فأقول أى عقل هذا ؟!! وأي قلب هذا ؟! يرى الموت بعينه قريب منه وفوق رأسه ورغم ذلك مصر على المعصية وعدم التوبة ؟!!!
قال تعالى (وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)
فكنت اقول في نفسى ما أكفر بنى إسرائيل وما أفسد قلوبهم وعقولهم إذ كيف يجترئون على ذلك العصيان ؟!
قال تعالى ({ {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا}
وكنت أظن أن هذه الشخصيات (شخصيات بنى إسرائيل)لن تتكرر بعد ذلك إذ كيف يرى العبد الموت فوق رأسه ولا يتوب ولا يعمل صالحا؟!
ولكن أتى زمن الكورونا علينا ورأيت الموت يحيط بالجميع ورغم ذلك الكثير منا كما هو لا يتوب ولا يكثر من الطاعة مع علمه أنه قد يصاب اليوم أو غدا بل قد يكون مصابا فعلا
ورغم ذلك لا يعود إلى ربه ولا يستعد للقائه
فقلت ما الفرق أن تموت تحت جبل أو تموت بسبب وباء ؟!!
الموت واحد وبعدها لقاء رب العالمين الذي خالفت أمره ونقضت العهد معه وقلت كما قالت بنو إسرائيل (سمعنا وعصينا )
أقول هذا الكلام لنفسي قبل أي أحد
إذا كنا نكره بنى إسرائيل لكفرهم وعصيانهم فلماذا نفعل مثل افعالهم؟!
والعجب أن البعض يجعل هذا الوباء موضوع للسخرية أو التركيز فقط على اهمال الشعب والحكومة ويغفل عن الحكمة الأساسية من ذلك الوباء وهو عودة الناس إلى ربهم
فإذا كنا نريد فعلا رفع ذلك الوباء فلابد من توبة حقيقية
نعم يتوب الناس من الفحش والزنا والاختلاط المحرم والسرقة والنصب على الناس وقطع الأرحام وترك الصلاة والزكاة وهجر القران والغيبة والنميمة .. الخ
وإلا فسنة الله الماضية لا تتغير مع من يعصاه ولا يخشاه إذا خوفه ربه بالعذاب
﴿ وَلَقَد أَرسَلنَا إِلى أُمَمٍ مِن قَبلِكَ فَأَخَذنَاهُم بِالبَأسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُم يَتَضَرَّعُونَ فَلَولا إِذْ جَاءَهُم بَأسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَت قُلُوبُهُم وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيطَانُ مَا كَانُوا يَعمَلُونَ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحنَا عَلَيهِم أَبوَابَ كُلِّ شَيءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بما أُوتُوا أَخَذنَاهُم بَغتَةً فَإِذَا هُم مُبلِسُونَ فَقُطِعَ دَابِرُ القَومِ الَّذِينَ ظَلَمُوَا وَالحَمدُ للهِ رَبِّ العَالمِينَ ﴾.
فالذي سيعيش بعد الغفلة عن هذه الآية سيعيش بقلب قاسى يزداد بطول عمره سيئات على سيئات وبالتالى عذاب فوق العذاب
والذي سيموت بسبب هذا الوباء (وهو عاص غير تائب )فقد خسر خسرانا مبينا
وكلامى هذا لا يعنى ان من أصابه المرض أو مات بسببه فهو من العصاة أو المغضوب عليهم
بالعكس تمام فمن أصابه المرض وكان مؤمنا عابدا فهو كفارة له ومن مات صابرا محتسبا فنحسبه عند الله شهيد
وهنا ننبه أن الناس في التعامل مع البلاء الخاص والعام ثلاثة أنواع
١_قسم فهم الرسالة وتاب وعاد إلى ربه وانصلح حاله
٢_قسم دعا ربه أن يكشف عنه البلاء فلما كشف عنه البلاء عاد إلى عصيانه
قال تعالى (وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَىٰ ضُرٍّ مَسَّهُ ۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
٣_وقسم لم يهتم اصلا بهذا العذاب ورفض التوبة وقال (سمعنا ورأينا ولن نتوب حتى لو متنا بسبب هذا العذاب )
قال تعالى (﴿ وَمَن أَظلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعرَضَ عَنهَا إِنَّا مِنَ المُجرِمِينَ مُنتَقِمُونَ ﴾
وهذا اسوء الأنواع
فانظر أى الناس انت؟!؟
واعلم أن الدنيا فانية وأنك ميت شئت أم أبيت وأنك ملاقى ربك فإما جنة أو نار
نسال الله تعالى أن يرفع عنا الوباء ويشفى مرضانا ويرحم موتانا وأن يجعلنا من التائبين الفاهمين لسننه الكونية والشرعية إنه ولي ذلك ومولاه
اللهم امين