الوسطية والاعتدال
بقلم :✍️ الدكتور/ احمدحسن القشائي
قال تعالئ
بسم الله الرحمن الرحيم
وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَـمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ*
من سورة البقرة- آية (143)
لا شك أنّ لمفهوم الوسطية والاعتدال في دين الإسلام مفاهيم محددة
ان دين الإسلام دين توسّط واعتدال لا غلو فيه ولا جفاء ولا إفراط ولا تفريط
وشريعته خاتمة الديانات والشرائع السماوية
التي أنزلها الله على الناس جميعاً في مشارق الأرض ومغاربها
و للذكر والأنثى وللقوي والضعيف وللغني والفقير وللجاهل والعالم وللمريض والصحيح.
الوسطية هو العدل والخيار
وهو أحسن الأمور وأفضلها وأنفعها للناس وأجملها
كما تعرّف على أنّها الاعتدال في كلّ أمور الحياة ومنهاجها وتصوراتها ومواقفها
فالوسطية
ليست مجرد موقف بين الانحلال والتشديد، بل تعتبر موقفاً أخلاقياً وسلوكياً ومنهجاً فكرياً.
فيديو قد يعجبك:
الاعتدال هو الاستقامة، والاستواء، والتزكية
والتوسط بين حالين بين مجاوزة الحدّ الطلوب والقصور عنه
كما يعرف على أنّه الاقتصاد والتوسط في الأمور
وهو أفضل طريقة يتبعها المؤمن من أجل تأدية واجباته نحو ربّه
ونحو نفسه
شروط الوسطية والاعتدال
التوسط والاعتدال يكون بالالتزام بالصراط المستقيم
فالدين الوسط هو الصراط المستقيم الذي لا يوجد انحراف فيه ولا اعوجاج ولا يضل فيه سالكه ولا يتحيّر ولا يتردّد.
التوسّط والاعتدال يكون بالاستقامة على طاعة الله تعالى والخضوع لأوامره،
والاستقامة تكون بطاعة الله باطناً وظاهرً
والبعد عن معاصيه دون الميل الى التفريط والإفراط ولا تقصير ولا غلو
غياب الوسطيةوالاعتدال
يشجع التطرف التزمت الغلو التشدد والانحياز.
الميل الابتعاد الافتراق الانقسام فما هو الانسب للحافظ على الامة من كل المسميات التي ذكرت
الوسطية بمفهومها الديني
معناها الفهم السليم والصحيح لمعاني وقواعد ومفاهيم الدين الإسلامي الحنيف كما أنزله الله على نبيه محمد صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله
الفهم الذي يقوم على معرفة وهم وإستيعاب مدلول معاني آيات القرآن الكريم
وصحيح السنة النبوية المطهرة هذه هي وسطية الدين
الذي لاغلو فيه ولاتطرف ولا مفاهيم مغلوطة
وإسقاطات لمعاني ومفاهيم في الدين ما أنزل الله بها من سلطان
وليس تسخير وتجيير مفاهيم الدين للأهواء والنزوات والأطماع النفسية والشهوات الدنيوية
التي تسخر الدين وتنحرف به مفاهيم فوضوية
من مظاهر الرحمة في دين الإسلام أنه دين يدعو إلى التيسير
وينهى عن التعسير يدعو إلى الرفق وينهى عن العنف شريعته مبنية على جلب المنافع والمصالح الدينية القيمه للعباد و حصنآ نافع ودافع للمفاسد و المضار عن الأمة الإسلامية
غياب الوسطية معناها التطرف والغلو والانتهازية والنفعية والشطح والتعسف في فهم قواعد
واسس الدين وتحريف مدلولات قواعد الدين وتعاليمه
وقد طرأت مثل تلك الإشكاليات في واقع الأمة الإسلامية
منذو القرون الأولى
بعد إنبلاج فجر الإسلام حيث نشأت الفرق والمذاهب
وكانت حركة الخوارج هي أولى الحركات الإسلامية المتطرفة التي ظهرت في نهاية النصف الأول من القرن الأول الهجري
ثم نشات مدرسة الاشعرية والجارودية والمذاهب السنية والشيعية
منها من اتجه نحو اليسار بالمصطلح الحديث ومنها من إتجه نحو اليمين حيث ضاعت الوسطية
وغاب العقل وظهرت النزوات والنزاعات والعواطف المتطرفة
وهناك ظهرت فئات أكثر تطرفا وبعدا عن الدين الصحيح
مثل البابية والبهائية وجماعة الحشاشين، والصوفية وفرقها اخذت لها مواقع في
ذلك المناخ المتشتت حتى تجزات الأمة الإسلامية من الداخل إلى فرق وطوايف ومذاهب شتى
وفي العصر الحديث ظهرت الحركات الإسلامية المتطرفة المختلفة التي توسعت الفجوات بينها البين
وزادت التفرقة والتباين والاختلافات التي وصلت إلى حدود التكفير والتفسيق والزندقة،هذا ناصبي وذاك رافضي وهكذا.
الوسطية والإعتدال
في الإسلام معناها
لارهبانية ولا مادية بل وسطية واعتدال
كما قال سبحانه
(وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا) .
لذلك لم يعبد المسلمون الأصنام كما فعلت اليهود
ولم يطلب الإلإم من المسلم أن يكون راهباً في دير أو يذهب إلى الصحراء
كما فعل النصارى
وإنما نأى الإسلام بأتباعه عن الكبوات والنبوات والهزات والهفوات
التي تخل بغاية الوجود الإنساني تحقيقاً للتوازن بين متطلبات الروح
التي هي مضغون الموازنة بين الروح والجسد بين الدنيا والآخرة
فلا إفراط ولا تفريط بل وسطية واعتدال والدنياعند المسلم وسيلة تبلغه الآخرة*