المقهى العتيق…..
سحر أبوالعلا
في إحدى زوايا المقهى الذي تشم في رائحة جدرانه زمن الماضي العتيق، وفي زخرفة اللوحات الزيتية المعلقة فوقها، جلست وحيدة، وفي الزاوية المقابلة لها يجلس عازف الكمان فوق كرسيّه الذي يشبه نفس الزمن، جلست متكئة برأسها إلى الجدار، هائمة بين نغمات اللحن الجميل الذي يعود هو الآخر إلى الوراء قرابة المائة عام، أخذها معه إلى الوراء عشرة أعوام أو ما يقرب إليها، حيث كان لقائها الأول مع الحب، أو كما ظنته هي، رأته قادم إليها يمد يده إليها يطلبها لتشاركه رقصته، اوطأت رأسها خجلا، ثم مدت يدها لتضعها فوق يده معلنة عن موافقتها لتلبية مطلبه، شد على يدها بحنان، متجه بها إلى دائرة وسط المقهى، طوال الرقصة لم ينطق بكلمة غير أنه ينظر إلى عينيها سارحا فيهما، ومع نهاية الرقصة طلب منها أن تستقل معه سيارته في نزهة في الشوارع المحيطة بالمقهى، باح لها خلالها بإعجابه الشديد بها وأنه كان يترقبها كلما جاءت إلى المقهى، معلنا لها بأنه مثلها يحب العزلة والأماكن القديمة، حيث الهدوء والرقي، ردت هي الأخرى معلنة أنها تبادله نفس الشعور والأشياء المحببة لكلاهما، تركته قرب منزلها على موعد بلقاء آخر، في نفس المقهى وفوق نفس الطاولة تكرر هذا المشهد قرابة العامين، وبعدها اختفى مرت أيام بل شهور بل عام وأكثر، وهي تنتظر حضوره، دون جدوى، لا مفر، استدعت نادل المقهى سائلة عنه، وبعد حوار طال بينهم، وبعد أن قدمت له وصفا كافيا لذلك الشخص،
أجابها النادل …. أن هناك شخصا يحمل نفس الصفات التي ذكرتها، ولكنه للأسف قد مات أمام المقهي في حادث أليم منذ قرابة العشرين عاماً أو أقل بقليل، سمعت رده ثم قامت حاملة معاها خيبة أمل ودهشة كبيرة وأسئلة كثيرة كيف وكيف وكيف ؟ ثم رحلت .