رئيس المجلس الوطني لمكافحة الإرهاب المستشار محمد شعلان شعلان يتحدث عن إجتياح رفح الفلسطينية
متابعة.. رقية زكريا سليمان
إجتياح رفح .. هل يمكن الوثوق دولياً في عقلانية القرار الإسرائيلي ؟ لماذا تكرر مصر كثيراً رفضها لمشروع التهجير وتصفية القضية الفلسطينية؟ ليقين مصر الراسخ بأن التيار الذى يحكم الكيان الصهيوني اليوم، غير عقلاني متطرف مأخوذ بأساطير تلمودية ونبوءات غير عقلانية ولا منطقية، ولن يفهم هؤلاء المجذوبون أي حديث عن الأمن الأقليمي أو توازن القوى، والأدهى من ذلك أنهم لا يفهمون ماهية نظريات الامن الطبيعية للدول، هم يرون أن نظرية الأمن الخاصة بهم، هي السيطرة من النيل الى الفرات وهدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل، كما ان نيتانياهو أيضاً من نوع الرجال الذي يصدق أنه آخر رؤساء الوزراء في إسرائيل قبل نزول المسيح المخلص، هم مجموعة خارج الزمان والمكان، والسؤال الحقيقي هنا ، ما هي واقعية حفاظ هؤلاء على اتفاق سلام؟ . أحد اعراض تأكل الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، أن مساحات اليمين المتطرف اتسعت في النظام السياسي الحاكم، هذا اليمين له اطراف تدعمه وتحافظ على وجوده كنوع من التوازن في تجمع بشري يحاول تقديم نفسه على انه مجتمع واحد بتاريخ واحد وماهية واحدة .. في حين أن حقيقته مجتمع ممزق وغير متجانس وتسيطر عليه الاساطير بأكثر من الوقائع !!.
هؤلاء اليمينيون المتطرفون يحاولوا صناعة حالة فاشية لمواجهة هذا الكم الكبير من الاختلالات الجارية داخل الكيان الإسرائيلي الهش، فهم مجتمع جاء من الشتات، واحتل أرض فلسطين، ثم وجد نفسه يواجه كتله سكانية فلسطينية ضخمة. لن أدخل في سرد تاريخي معروف، لكن خلاصة التاريخ تؤكد أن إسرائيل هي مجموعات مشتته، عالجت مشكلة تشتتها بالافراط في استخدام العنف المسلح منذ نشأتها، وصناعة فاشية يمينية دينية تمارس الشعوذة السياسة، واليوم فإنها تتولى رأس الحربة اجتماعياً من خلال سيطرتها على مجموعات المستوطنين كدروع بشرية في النزاع الديمغرافي الجاري الأن على ارض فلسطين . يعتقد الفاشيون في إسرائيل من أنصار اليمين الديني المتطرف، والذى يتحكم الأن فى الحكومة، أنهم قادرون على الوصول بالعمليات العسكرية الى أقصى مدى، وأن لدى إسرائيل القدرة على تحقيق هدفها الاستراتيجي بالتخلص ليس من حماس وحدها وإنما من الوجود الفلسطيني كله داخل الأراضى الفلسطينية المحتلة. الهدف المعلن ان الهجوم سيكون بهدف انهاء وجود حماس والفصائل الفلسطينية المقاومة معها، لكن الحقيقة أن الهدف الاستراتيجي هو التهجير الى سيناء فقط، ولا شيئ أخر، فأي حسابات عسكرية تؤكد أن القيام بعملية عسكرية لإنهاء وجود المقاومة الفلسطينية في ظل الكثافة السكنية الحالية في مدينة رفح مجرد نوع من أنواع التخريف والخبل العسكري. هناك اطراف داخل إسرائيل ترى أن الترميم الوحيد لنظرية الأمن الإسرائيلي هو القيام بعملية التهجير، واليمين المتطرف هو المعبر السياسي عن وجهة نظرهم، لكن الحقيقة أن ما انكسر في نظرية الأمن الإسرائيلي غير قابل للترميم بالوسائل العسكرية وهو يفوق قدرة إسرائيل العسكرية والاجتماعية الشاملة الأن ومستقبلاً .. ولا حل له إلا بإقامة الدولة الفلسطينية وإعطاء الشعب الفلسطيني حقه في الاستقلال الوطني، والعيش في إطار الحجم الجيوسياسي الموضوعي لدولة الكيان الإسرائيلي في المنطقة . جماعة الأساطير التوراتية في الكيان الصهيوني، تتخيل أنها قادرة على التهجير أولاً .. وبعدها خوض حرب جديدة بعد أعوام في جنوب لبنان، ويرون أنه لابد بعد احتلال غزة بالكامل والعودة لإحتلال جنوب لبنان .. وهنا أكرر السؤال بطريقة أخرى .. هل يمكن الاعتماد على حسابات او تقدير هؤلاء ؟. الحقيقة أن مسألة القبول بإسرائيل في منطقة الشرق الأوسط ستظل بعيدة عن التحقق في ظل وجود هذه الفاشية اليمينية الاستيطانية المتطرفه، التى تستند الى البقاء على أساس ديني، إذ ستظل تمثل تهديد لأى مشروع سلام عادل وشامل. والواقع يقول أن إسرائيل بلد يجب أن يعيش في حجمه الطبيعي بميزان القوى الشاملة، ولا يمكن أعتبارها شرطي المنطقة، ناهيك عن اضغاث الاحلام القائمة على التفكير في صناعة مشروع جديد للشرق الأوسط . وأخيراً .. مشروع التهجير لن يتم ومجرد التفكير فيه أو المناورات حوله، نوع من أنواع الإنتحار الاستراتيجي، وعلى إسرائيل أن تخرج من اوهامها الجيوسياسية الأن وقبل الإقدام على دخول رفح .