المرأةَ و علاماتُ التأنيثِ .. رؤيةٌ فلسفيةٌ
بقلم : الدكتور عمران صبره الجازوي
إنَّ الرجلَ والمرأةَ نصفانِ لا يكتملُ أحدهما إلا بوجودِ الآخرِ ،
ولِمَ لا ؟
وهي قد خُلقتْ من ضلعه ؛ لتكونَ بجانبه ، ومن تحتِ كتفهِ ؛ لتكونَ بحمايته ، ومن جهةِ قلبه ؛ لتكونَ محبوبته .
لذا لا غنى لأحدهما عن الآخرِ فالنساءُ – كما قالَ ﷺ – شقائقُ الرجالِ …
” رواه السيوطي في الجامعِ الصغير، للرجالِ خُلقنْ ، ولهن خُلقَ الرجالُ ، والعلاقةُ بينهما علاقةُ البعضِ بالكلِ ،
وقد أكَّدتْ اللغةُ العربيةُ على ذلك أيَّما تأكيدٍ إذ وجدتُ الحبَّ في اللغةِ العربيةِ أن يكون الحبيبان كالجملةِ الاسميةِ أحدهما مبتدأٌ لا يكتملُ ولا يتمُّ معناه إلا بصاحبهِ الخبر ، أو أن يكونَ أحدهما مضافاً ، والآخرُ مضافاً إليه ، أو أن يكونَ اسمَ إشارة ، والآخرُ مُشاراً إليه ،متلازمان لا ينفكان ، وموصولان لا ينقطعان ، وأن يصبحَ الوصلُ بينهما بدلاً من القطيعةِ ، وأن تنتفي الأحزانُ فلا تعرفُ لهما طريقاً ، ويصبحُ الفراقُ ممنوعاً من الصرفِ ، و يُجرُّ القلبُ بحروفِ العطفِ والودِّ ، أو أن يكون أحدهما نعتاً والآخرُ منعوتاً يتبعه في كل شيئٍ ، لا يرضى به بديلاً ، ولا يبغي عن حبه تحويلاً .
وممَّا تجدرُ الإشارةُ إليه ، وينبغي التنويه عليه أن علاماتِ التأنيثِ قد جاءتْ شاهدةً بذلك ، إذ جاءتْ ( تاءُ التأنيثِ ) ؛ لتربطَ بينَ قلبين كليهما لا يحيا إلا بنبضِ الآخرِ ، إذا حضرَ أحدهما نبضَ قلبُ الآخرِ طرباً ، وإذا ابتعدَ اعتصرَ قلبه ألماً .
أمَّا ( ألفُ التأنيثِ المقصورةُ ) فجاءتْ لتقصرَ القلبَ على صاحبه ومليكه ، وتقصرُ الأذنَ عليه فلا تسمعُ إلا إياه ، والعينَ فلا تبصرُ إلاه .
وجاءتْ ( ألفُ التأنيثِ الممدودةُ ) ؛ لتشعرَ كليهما بأنَّ الحبَّ ممتدٌّ لا حدودَ له ، لا يعرفُ أجناساً ، أو ألواناً ، أو أعماراً…إلخ ، وأنَّ ذلك لا يقفُ حجرَ عثرةٍ في طريقه .
أما ( التاءُ الساكنةُ ) ، فجاءتْ لتنزلَ السكينةَ على قلبيهما ، وتبثُّ الطمأنينةَ في نفسيهما ، فيشعرُ أحدهما في وجودِ الآخرِ بأنَّ الدنيا قد حِيزتْ له بحذافيرها ، وأنَّه قد اكتملَ بعدَ نقصانٍ ، واهتدى بعدَ حيرةٍ ، ووجدَ واحته وراحته بعدَ طولِ عناءٍ .
أما ( التاءُ المتحركةُ ) فجاءتْ لتحرِّكَ مياه الحبِّ إن أصابها الركودُ ، وتشعلُ جذوته إن اعتراها الخمودُ .