الكارهون
بقلم: عبدالرحمن قابيل
إن من أخطر ما يُصيب الأمم هو أن تتناسى ماضيها أو تحاول التنكر له
عبر تجميل الحاضر والتلاعب بجذورها الممتدة في الماضي وقيمتها في الحاضر
ولعل الخلاصة تكمن في أنه إذا تناولنا جوانب النفس البشرية وأجرينا أبحاثًا على حالة
“الكارهين”
حولنا في المجتمع وهي حالة نراها كل يوم، بهدف التأمل في تركيبة النفس البشرية وتكوينها
– كما رآها علماء النفس وأطباؤه –
يمكننا التقصي عن الاضطرابات التي مرت بها عبر مراحل حياة الفرد المختلفة.
علينا أن ندرك مقدار المعاناة والأوقات العصيبة التي ترعرعت فيها تلك الحالة، وأن نحلل الظروف المادية والاجتماعية التي ساهمت في تشكّلها.
الهدف من هذا الإدراك هو كتابة
“تقرير طبي”
يوضح العلاج المناسب لهذه الحالة، علاج قد لا يشفي تمامًا ولكنه يخفف من وطأتها وتأثيرها على البيئة المحيطة
إذا لم يكن بالإمكان استئصالها تمامًا. وذلك من أجل الحفاظ على ما هو ثمين في محيطها
دون أن نُحدث خدوشًا في جوهرة غالية نعرف قيمتها تمام المعرفة.
عندما كتب أطباء النفس وصفة سريعة للتعامل مع حالات مماثلة، كانت وصيتهم كالتالي:
“الكارهون يجعلون حياتهم وحياة من حولهم أصعب”
ويخلقون بيئة نضطر أحيانًا للعيش فيها. ومع ذلك، لم يُولد أحدٌ كارهًا. الكارهون هم من عانوا في حياتهم ومروا بأوقات عصيبة
وحولهم فقاعات هوائية قابلة للانفجار بسهولة، ولكن خسائرها قد تكون جسيمة بالنسبة للطيبين من حولهم.
في الواقع الكارهون لا يكرهونك أنت شخصيًا؛ بل يكرهون أنفسهم.
فأنت تذكّرهم دائمًا بما كانوا يرغبون في تحقيقه وفشلوا في أن يصبحوه. الكارهون مثيرون للشفقة ولا يحتاجون إلى عقاب بل إلى مساعدة”.
والسؤال الآن:
كيف يمكننا التعامل مع هذه الحالة؟ هل يمكن حقًا استئصالها من حياتنا أم ينبغي علينا تقديم المساعدة لها؟