بقلم / السيد فريج حسن
————————————–
يقول شوقى
الحقُّ أبلجٌ كالصباحِ لناظرٍ
لو أنَّ قوماً حكَّموا الأحلاما
اما بعد …
ونظراً لما قد أصاب المجتمع المصرى والدولة عامة من فوضى عارمة فى أعقاب أحداث الخامس والعشرين من يناير للعام ألفين وأحد عشر ، والتى كان من أبرزها قيام ضعاف النفوس باستغلال حالة غياب الدولة بالبناء المخالف وأخصهُ وما يهمنا هنا الادوار المخالفة للارتفاع المسموح به قانونا ، ولما كان هؤلاء قد تخلصوا منها بالبيع للشباب المقبل على الزواج وغيرهم ، وبنفس قيمة باقى وحدات العقار وبافتراض أنَّ هؤلاء كانوا يعلمون بالمخالفة فإنَّهم ما قدموا على الشراء الا تحت ظروف الضرورة والاكراه المفقد للارادة شأنهم شأن من يشترى خبزاً أو دواءً من السوق السوداء ، فى مجتمع تفشت فيه حالة العزوف عن الزواج والعنوسة لتقفز أعلى الهرم الدولى معدلاً …
وقد تربَّح الفاسدون من تجار وسماسرة الاراضى وبعض رجال المال والاعمال لذات المجال وملأوا جيوبهم وتضخمت حساباتهم البنكيِّة من حصيلة الدم المسكوب لهؤلاء الشباب البائس الفقير ، والتى هى حصيلة مكافاة نهاية الخدمة للوالد وقيمة قطعتى الذهب للام البائسة والمبلغ المتحصل عن بيع دار العائلة القديمة والتى قرروا إستبدالها بشقة قانون جديد لمساعدة إبنهم والذى عمله لا يكفيه لتدبير كوخٍ وليس شقة والذى غالبا ما يكون لدى ذات القطاع الخاص …
ونأتى الى بيت القصيد ، وبعد توجيهات فخامة الرئيس ، لاعادة هيبة الدولة ومواجهة الفساد ومخالفات البناء ، وبحق تستيقظ الدولة بكل أجهزتها وخيراً كان … إلا أنه وبكل أسف تأتى الاستفاقة والحسم والتى غالبا من ذات الجهة التى تراخت سابقا وتسببت فى الكارثة فى وضح النهار وامام الجميع وكانت قد وضعت يدها في يد المخالف اللص واتصلت جيوبهما وامتلأت من المال الحرام وغالبا تحولوا هم ايضا من صغار العاملين لملاكِ أبراج وكثيرٍ من وحدات العمارات المخالفة انما من الادوار الموافقة للقانون ، [ فما اذكى النصاب ] …
والمحزن أنَّ ما يدور ويجرى الآن أنَّ الفاسدين ومعاونيهم فى مأمن وقد هربوا الى المنتجعات والقرى السياحية يستمتعون بما حصَّلوا لقاء عملهم اللامشروع ، والمتحصل من دم شباب هذا الوطن وأهليهم والذين وجدوا انفسهم وحيدين فى مواجهة سيف القانون وقوة الدولة بين أمرٍ من ثلاثة أقلهم قاتلٌ مدمرٌ لهم وذويهم …
الأول … الاستدانة والتسول وبيع ماتبقى من أنفسهم أو الانخراط مضطرين فى مسلك الحرام وما أيسره لسداد قيمة الغرامة للمصالحة والإفلات من المصيبة إنْ استطاعوا وقد خسروا أنفسهم وصاروا طاقة سلبية مدمرة …
الثانى … أنْ تتعنت أجهزة الدولة وتزيل تلك الوحدات التى لم يتم المصالحة عليها ويزيلون معها كل أملٍ لهؤلاء الشباب فى البقاء المجدى لدولة فى أشد الحاجة لشبابها وهم عماد تنميتها وبنائها .
الثالث … استغلال جمعية الفاسدين لهم بالمساومة لتحصيل أكبر مبلغ منهم للتصالح أو لإعادة شراء ما سبق بيعه لهم من وحدات بثمن بخس يقل عن نصف الأصل مع تنازلهم عما أنفقوه للتشطيب وإعداد المسكن .
* ولما كان الأمر كذلك ولمواجهة حالة الإحتقان بين هؤلاء الشباب واسرهم من ضحايا النصب والفساد والرشوة واستغلال النفوذ وما تعرضوا له من استغلال تحت وطاة الظروف القاسية وازمة المساكن وحالة الضرورة المفقدة للارادة ولكونهم ضحايا لم يرتكبوا مخالة للقانون بل هم الشرفاء ، ولإعادة الامور الى نصابها ومواجهة المخالفين وفقا لقواعد العدالة وما يقتضيه العمل بقاعدة [ الغرم بالغنم] ضرورة سرعة إصدار قرار بتأمين وحماية هؤلاء الشباب وأسرهم ومصالحهم بإبعاد المشترى للوحدة المخالفة من المسئولية نهائيا والزام المالك البائع بتحمل تبعة المخالفة بسداد قيمة الغرامة عن التصالح كاملة أو الحبس [ بديلا عن الازالة الواقع ضررها على المشترى المظلوم ] وفقا لحكم قضائى وفى حالة قرار الازالة لعيوب ومخالفات فنية على البائع المخالف سداد قيمة الوحدة وما تم بها من تشطيبات للمشترى كاثر مباشر لعمله الغير شريف وهى مبالغ استولى عليها سابقا بمساعدة معدومى الضمير من بعض العاملين بالدولة والذين تراخوا وساعدوا هؤلاء لاتمام جريمتهم والتى يتنصلون منها الآن بالقاء تبعاتها على غيرهم من الضحايا البائسين …
اما بعد … فليتحمل الفاسدون نتيجة فسادهم …
ويقول تعالى فى محكم التنزيل { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا } 58 النساء
ويقول سبحانه { وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا } (112) النساء
ويقول تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ۚ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا ۖ فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُوا ۚ وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا }(135) النساء
ويقول سبحانه فى سورة المائدة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }
ويقول تعالى { وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } (153) الانعام
أما بعد … اعدلوا هو اقرب للتقوى … ولمَّا كنا نعلم يقينا أنَّ معالى المستشار النائب العام هو ممثل العدالة وراعيها والمدافع عنها نائبا عن المجتمع بأسره لحمايته من الجرم والعسف والظلم فإننا نلجأ لمعاليه لاعادة الامور الى نصابها الصحيح وليتحمل كل مجرم نتيجة اجرامه وظلمه وما كسبت يداه والله غالب على امره وسيعلم الذين ظلموا أىَّ منقلبٍ ينقلبون وللهِ الأمرُ كلُّه … وعاشت مصر حرة …