بقلم/إسلام عبدالرؤوف عون.
توقفنا فى المقال السابق عند حال خروج الروح من الجسد، والحقيقة أنَّ الأرواح حال خروجها من الأجساد ليست على حدٍ سواء فالمؤمنون لهم حال وغيرهم لهم حال آخر.
أما عن حال المؤمنين فتأتيهم الملائكة فى أبهى صورة، يحملون الأكفان من الجنة يفوح عطرها ليملأ ما بين السماء والأرض، وكأن أهل السماء وملكوتها يحتفلون ويتزينون لإستقبال المجهولين فى الأرض المحبوبين فى السماء، حتى يكاد الإنسان منا يتعجل خروج روحه لينعم بما يراه من حفاوة الإحتفال به.
وعلى الجانب الآخر نجد غير المؤمنين _والعياذ بالله_ وقد جاءت الملائكة لنزع أرواحهم من أجسادهم كما يُنْزَعُ الشئ من أصله، ليلاقوا ويلات الألم المصاحبة لخروج الروح، ويرون سوء عاقبتهم جَرَّاء ما قدمت أيديهم فى الدنيا ليتمنى المرء منهم أن يعود إلى الدنيا ولو للحظات كى يعيد حساباته ولكن هيهات له ذلك، فما أسوأ الندم وقت لا يفيد بشئ.
والفطن هو من يفهم حقيقة الدنيا وأنها دارٌ للإبتلاء والمحن، يتزود منها الإنسان لليوم الموعود يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
وفى هذا السياق سُئِلتُ مراراً وتكراراً حول هل تعرف الأموات زيارة الأحياء لهم؟؟
وقد كفانا النبى «صلى الله عليه وسلم» الإجابة عن هذا الأمر بقوله :”ما من مسلم يمر على قبر أخيه كان يعرفه فى الدنيا فيسلم عليه إلا ردَ الله عليه روحه حتى يرد السلام.” (رواه الحافظ أبو عمر، وصححه الألباني).
ويدل على هذا أنَّ النبى «صلى الله عليه وسلم» شَرَعَ لأمته إذا دخلوا المقابر أن يسلموا على على أهلها بقولهم”السلام عليكم دار قوم مؤمنين” وهذا خطاب لمن يسمع ويعقل.
إلا أنَّ زيارة الميت لها من الضوابط ما لها حيث ينبغى أن تكون الزيارة بقصد التدبر والإتعاظ والعلم بأنَّ الإنسان مهما طال عمره فمرده ومرجعه إلى هذا المقام، فيحسن الأعمال فى الدنيا، ثم الدعاء بعد ذلك للميت بصالح الدعوات التى أُثرِتْ عن نبينا «صلى الله عليه وسلم».
والحقيقة أننى استوقفنى فى هذه المسألة سؤال هل أرواح الموتى تتزاور كما يتزاور الأحياء؟؟
والجواب كان بنعم!!
فالأرواح قسمان: أرواح مُنَعَّمَة وأرواح مُعَذَّبَة.
فالأرواح المنعمة غير محبوسة، تتلاقى وتتزاور وتتذاكر ما كان منها فى الدنيا، ومما يدل على ذلك ما روى عن رسول الله «صلى الله عليه وسلم» أنه قال: “إنَّ نفس المؤمن إذا قُبِضَت تلقاها أهل الرحمة من عند الله كما يتلقى البشير فى الدنيا، فيقولون: انظروا أخاكم حتى يستريح فإنه كان فى كرب شديد، فيسألونه ماذا فعل فلان؟ وماذا فعلت فلانة؟ وهل تزوجت فلانة، فإذا سألوه عن رجل مات قبله قال إنه قد مات قبلى قالوا: إنا لله وإنا إليه راجعون ذُهِبَ به إلى أمه الهاوية، فبئست الأم وبئست المربية.” (أخرجه الطبرانى).
أما الأرواح المعذبة فهى مشغولة بما تراه من ويلات العذاب _والعياذ بالله_ أى أنها حبيسة فى قبورها.
وفى الختام فإنَّ مآل الإنسان فى الآخرة مبنى على حاله فى الدنيا إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، فليختار كل منا لنفسه.
وليعلم الإنسان حق العلم أنه إذا أدام وده مع الله أدخله الله فى معيته فكان له ملاذاً من كل سوء وشر، ومن لم يتخذ الله ملاذاً فأين يجد الأمان؟!!