الرحمة العادلة
بقلم : نشأت فل صموئيل
الرحمة العادلة هي صفة إلهية عظيمة؛ فالرحمة الإلهية مطلقة
ليست محدودة كما أن العدل الإلهي أيضًا مطلق غير متناهٍ.
فكلاهما صفتان متكاملتان وليستا متناقضتين. لذلك
لا تستطيع صفات المحدود أن تدرك صفات غير المحدود.
فالرحمة والعدل معًا لهما توازنات وتوافقات إلهية
مثل التوازن البيئي الفيزيائي الذي أسسه الله والانسجام مع القوانين الفلكية.
وهذا كله فوق مستوى عقل البشرية.
العدل والرحمة هما صفتان نابعتان من مصدر واحد، هو المحبة والنور. والمحبة هي الله، والله هو البداية
نور من نور
وأصل كل شيء الرحمة لا تصنع الحب بينما الحب يخلق الرحمة فلا محبة بدون رحمة ولا رحمة بدون محبة.
من محبة الله للإنسان أعطاه رحمة من رحمته، وعدلًا من عدله.
ولأن الإنسان كائن محدود فرحمته وعدله اللذان وهبهما الله له محدودان.
أعطانا الله الخير من رحمته، وسمح بوجود الشر لأنه عادل
وصنع لنا إرادة بشرية حرة لاختيار الطريق حتى يكون الإنسان حرًا طليقًا يفعل ما يشاء من سراء أو ضراء. كما أنه أعطى إرادتنا الحرة قوة
لكي ننتصر على الشر بالخير وهذه القوة تكمن في محبتنا له والارتباط به.
لذلك علينا الابتعاد عن البغض والشر، ليسكن في قلوبنا الحب والتسامح.
ويجب أن نكون يقظين دائمًا لتجنب الوقوع في كراهية من أساءوا إلينا
وأن نحرص على ألا نخطئ في حق الآخرين، ونسعى للإحسان إلى مبغضينا، وندعو لهم بالمغفرة
ونترك كل شيء للخالق الذي بيده كل شيء.
الديان العادل الذي وهب لنا المحبة والرحمة مجانًا. أما نحن
فقد يقع منا الكثيرون في عدم ممارسة المحبة والتسامح وعدم التفهم وقبول الأعذار لبعضنا البعض.
ونبخل في تقديم الرحمة للآخرين، ونحتجزها عنهم
وفي نفس الوقت نطلبها لأنفسنا. ننسى أو نتناسى أن
“من لا يرحم لا يُرحم”.
كل بني آدم على وجه هذه الأرض كريم عند خالقه، وأن الله يحب كل إنسان لأنه لا يعرف إلا المحبة.
لذلك من العدل والوفاء أن نحب الله كما أحبنا.
وأقصد من هذا الحب أنه يتمثل في حب الخير، وتقديم الرحمة والتسامح، والمغفرة للآخرين.
لأنه عندما نحقق هذه القيم وهذا التوازن الأخلاقي فإننا نقترب من الصورة التي أرادها الله لنا
صورة الإنسان الكامل في تقواه ورحمته وعدله.
ولله وحده التعظيم والكمال، الله غير المحدود صاحب الرحمة العادلة غير المعلومة عند الإنسان المحدود.
أخيرًا…
أسمحوا لي أن أوجه مقالتي هذه إلى نفسي الضعيفة لأقومها
وأن أجاهد ذاتي لكي أسمو بروحي وأرتقي
وأبتعد عن الصغائر والضغائن. وأستعين بقوة الله لكي يملأ قلبي بالتسامح والرحمة والمغفرة.
لأنني لا أستطيع أن أغفر وأتسامح مع من أساء إليَّ إلا بمعونة الله.
وأدعو الله القدير أن يعطينا روح التسامح والمحبة
وأن يشملنا جميعًا برحمته العادلة.
كما ندعوك يا ساكن السماء، الرحمة والمغفرة عند اللقاء.