كتبت : أسماء عبد الخالق
كل شيء في هذا الزمان كلما زاد قل ثمنه، حتى الحب!!
الحب في علم النفس هو الوداد، وميل الإنسان الوجداني إلى شخص أعجب بشكله وتصرفاته وطريقة كلامه، والشعور بالارتباط الشديد به، والشوق والحنين إليه، والتفكير به بشكل دائم، حيث يسكن معه بالعقل الباطن ويعيش معه باللاشعور، فيعبر عن مشاعره تلقائياً دون وعي،
أما أنا فأرى حتى وإن كان الإنسان حينها دون وعي فالحب في نظري كلمة من حرفين حاءٌ حاويات كبيرة تضم مئات الأطنان من المشاعر، و باء برود أحد الطرفين تفتك بالحاويات..
فكلما أغدق طرف على أخر بمشاعره، شح الطرف الآخر بل وأعرض عنه..
الحب من أسمى العبادات، دون تعجب او انبهار فالحب عبادة من نوع خاص ولا يشترط حب الذكر والأنثى فقط
فعلى قائمة الأحبة يأتي الله عز وجل في الصدارة وهو احب وأصدق حب نعيشه، فيه الخير والصلاح ويليه اي حب اخر
الوالدين
الأخوات
العاشقين
واخر نوع هنا أكثرهم ايلاما واشدهم وجعا، وخاصة ان كنت تمنح بلا مقابل، تعيش لأجل من تحب فقط..
ربما انت في تلك اللحظة بحاجة إلى رعاية من نوع خاص، تعطيك الجرأه والقدرة على التصرف واتخاذ القرار..
لكن الأصعب، حينما يتحول هذا الحب لمرض نفسي ومنه لعضوي غير قابل للشفاء الا بانتزاع هذا الحب!!
فإن كان هناك فوبيا من الأماكن المرتفعة والحيوانات والظلام والدم والأماكن المغلقة وغيرها، فالحب يجمع بينهم في آن واحد..
فيصيبك الذعر والرهاب دون الحبيب في كل مكان تذهب إليه فتظل تتذكره وتزداد وجعا وألما وحسرة..
وهنا يجب ان نكون على علم أن عادة ما يعاني الأشخاص المصابين بالفوبيا من فقدان السيطرة على ردود أفعالهم وذلك بدافع الخوف، الخوف من كل شيء حتى الفقد وتتجسد هذه الحال من خلال عدة أعراض، بدءا من زيادة معدل ضربات القلب وصولا إلى التعرق وحتى الإصابة بالدوار.
ولذا تعد الفوبيا بمثابة نوع من الخوف غير العقلاني الذي ينتاب بعض الأشخاص في حالات معينة كما أشرت إليها ويصعب التخلص منها، ولذا لزاما علينا بترها والتخلص منها تماما كي يستعيد المريض عافيته..
فإن تناولنا كل نوع على حده من منظور عاطفي بحت نجد أن :
رهاب الطيران:
يعاني الكثير من الأشخاص من فوبيا الطيران أو ركوب الطائرة. ومن هذا المنطلق، وضعت العديد من شركات الطيران خططا محددة للتعامل من المسافرين الذين يشكون من أعراض معينة قبل أو أثناء الرحلة تحيل إلى إصابتهم بفوبيا الطيران.
وفي هذه الحالة يسحب الحبيب البساط من تحت قدمي محبوبته فلا يضع خططا للتعامل مع خوفها من فقده بل ويتجنبها ويؤثر الرحيل على البقاء معها، أظن أن شركات الطيران كانت أكثر رحمة منه..
رهاب الكلاب :
العديد من الأشخاص يخافون من الكلاب، وليس فقط الأجناس الكبيرة الخطيرة، وإنما أيضا صغيرة الحجم وغير المؤذية، نظرا لأنهم على قناعة بإمكانية تعرضهم لأضرار بسببها، مقارنة بالحالة العاطفية فذاك اقل خطرا، لأن الحبيب يضغط بشكل مبالغ فيه على مكان الجرح، بل يعض عضات متناثره على قلب المحب حتى يتفتت ويسقط..
رهاب الاحتجاز :
تعد هذه الحالة أيضا، من بين أكثر أنواع الفوبيا شيوعا، حيث يرتبط الخوف في هذا الإطار بالأماكن المغلقة، على غرار ركوب المصعد، أو ركوب الألعاب المغلقة أو السيارة.
فيأتي الحبيب بكل برود أعصاب ليغلق كل المنافذ على محبوبته، يقتلها تدريجيا فلا منه يدعها تتنفس بلين وحب، ولا منه يحبها كما ينبغي الحب أن يكون..
رهاب العواصف :
تعرف هذه الحالة أيضا باسم البرونتوفوبيا، وهو الخوف غير العقلاني من العواصف الرعدية والبرق، مما يتسبب في بعض الحالات في إصابة الفرد بحالة هلع من التعرض للصواعق.
ما بالك بصواعق تدق رأس الحب وتزيد طوابق الحزن وتملأ الهواء الخارجي بؤسا وهما؟
زلزال بقوة ١٠ ريختر يضرب الفؤاد، ربما أكثر قليلا فيهدم ما تبق فيه من أمل ويوئد ما ظل فيه من حنين ويصلب ما صدر منه من حب وشغف..
رهاب الدم :
وتعرف هذه الحالة أيضا بالهيموفوبيا، التي تتمثل في الخوف من الدم والجروح، الذي أظنه أقرب للخوف من الحبيب والمشاعر المخبأة بالوتين فكلما انكسر فيك جزء تفتت قلبك وانقطع شريان وتينك، وربما يعد ذلك اكثر عمقا وأشد جرحا وهلعا من سابقيه..
رهاب الليل :
تحيل هذه الحالة إلى الخوف الشديد من الظلام، وهي أكثر شيوعا بين الأطفال. عندما يخيم الليل وتنعدم الأضواء، يقوم دماغ الأفراد الذين يعانون من رهاب الليل بخلق تصورات مشوهة للواقع..
وكيف لا والمحبوب بين يدي حبيبه كالطفل وكلما بعد عنه زادت رؤيته عتمة، وتوقعاته للمستقبل أكثر قتامة، وشكوكه أكثر مأساوية وكابوسية..
في الليل، يبدع الإنسان في خلق جحيمه الخاص
وفي الصباح، يتفنن المحب في خلق براكين وزلازل قد تقضي عليه
وبين الليل والصباح دنيا
ذاك البائس وحده هو أعلم بها..
ذاك المصلوب على مذابح الهوى
والموؤدة بمقابر الحب و السهاد
والمقتول بيد من يحب
هو وحده أعلم
و أجدر بالوجع منا..
وأجدر بالآثام منا..
وبالآهات وحمل الثقل
..
كان الله في عونه، وألهمه الصبر والسلوان على فقدان قلبه
رهاب المرتفعات :
يخاف العديد من الأشخاص من المرتفعات، الأمر الذي يعتبر من بين أكثر أنواع الفوبيا شيوعا. وفي الأثناء، لا يخشى هؤلاء الأشخاص فقط من الطوابق العلوية، أو الشرفات أو سطوح المباني، وإنما يخشون حتى ممارسة الرياضة في المناطق المرتفعة..
وهنا كلما علا سقف طموحك في الحب انهرت ان لم يكن اساس علاقتك بمن تحب جيدا ومتينا، فكلما ارتفعت زادت احتمالية سقوطك وموتك ان لم تكن ممسكا بيد من اختاره قلبك ومتأكدا من اخلاصه وشغفه..
ولذا اقررت ان الرهاب العاطفي بهم جميعا، عالق في فخ كل نوع على حده ويأبى الخروج من بوتقته.
من ناحية أخرى، مثلما بقي التحنيط سرا علميا عظيما لم يعرفه غير أجدادنا المصريين، يبق الحب هو شيء لا يمكن الإفصاح عن معنى ثابت له مهما اختلفت الاقاويل والرؤي، فمهما توصلت الأبحاث والتجارب لسر التحنيط لن يتوصل أحد ابدا لسر الحب ومدى تآكله في القلب او بقائه فيه..
ولقد سألت نفسي كثيرا، كيف تتقدم الأمم؟ كيف تصنع الحضارات؟ كيف أذهل أجدادنا المصريون العالم كله بابداعاتهم التي تزيد مع الزمان قيمة ومكانة؟ كيف كان نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم بشوش الوجه سمح عظيم، إنه الحب مصدر القوة الذي يمنحنا الثقة وليس ذاك الذي يصيبنا بالرهاب او الفوبيا..
فالحب هو اكسير التقدم، وكلمة السر في رخاء البلاد وبقاء الإنسان ورفاهيته..
لن ننسى الشق الاخر والأجمل في موضوعنا عن الحب وهو العلاج به، حيث أثبتت الدراسات العلمية أن العلاج بالحب من أفضل الطرق الحديثة في العلاج النفسي الحديث
وإن التوازن النفسي والتصالح مع الذات لدى الفرد يعكسان موجات من الحب الصادق الذي يدفع الإنسان إلى التفكير الإيجابي ويمنحه القلب السليم
كما أن العلاج بالحب هو علاج كامل لجميع الأمراض والإضطرابات النفسية
وهذا ما يسمى في العلاج النفسي بالنسيج الإجتماعي السليم للفرد
لقد أثبتت الدراسات في علم النفس الإيجابي أن العلاقات الجيدة مع الآخرين
والقائمة على التفاهم والحب والإحتواء هي اساس الصحة النفسية والسعادة
فمن أهم تعريفات الصحة النفسية ( هي القدرة على الحب والعطاء)
والمرض النفسي كما سبق وذكرنا ( هو عدم القدر على الحب والعطاء)