الجحود ونكران الجميل
كتب: عماد برجل
يقول إبن خلدون عالم الإجتماع العربي أن الإنسان كائن إجتماعي بطبعه فالإنسان لا يستطيع ان يستغني عن اخيه الإنسان، فلا يستطيع العيش بمعزل عن الآخرين ففي حياتنا نتعامل ونتعرف على أشخاص نتعامل معهم بإحساس صادق فنحرص على مصالحهم ونقوم بتوجيههم ونٌصحِهِم لما فيه الخير و الوقوف بجانبهم في أوقات الرخاء و الشدّة.
وبعد وقت من الزمان وبلحظة ما، تتحول القيم والمعاني في القلوب إلى جمود في المشاعر ونكران للجميل وبدون سبب معروف او بسبب واهي لا يستحق وفي لحظة معينة تنقلب كل الموازين لتتحوّل إلى تجاهل وعدم مبالاة، عندها نصاب بصدمة ونتساءل كيف… ولماذا؟؟ وما هي الأسباب؟؟… فنحن لم نخطئ بحقهم ولم نسيء إليهم بل على العكس قدمنا لهم كل الخير، وبالتالي نعود الى ذكرياتنا و نجد انه لا يوجد شئ يستحق لكل هذا.
كان رسولنا الكريم محمد عليه الصلاة والسلام أرحم الأنام فقد ميزه الله بالرحمة، فليس في هذاالكون من هو أرحم من رسولنا الكريم فهوخاتم الأنبياء ومتمم مكارم الأخلاق، فهو أرحم الناس بأتباعه، وأحرص الناس على رعاية حقوقهم، وأكثر الناس صبراً على الأذى، وأعدلهم وأكثرهم حلماً وصبراً، وأكثرهم رغبة في العفو والإحسان، فقد حث أتباعه إلى الإعتراف بالجميل وعدم نكرانه، فعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‘من أعطى عطاء فوجد فليجز به، ومن لم يجد فليثن فإن أثنى فقد شكر، ومن كتم فقد كفر، ومن تحلى بما لم يعطه كان كلابس ثوبي زور.’
إن نكران الجميل عند بنى البشر صفة قبيحة ودنيئة وهي دليل قاطع على عدم صفاء النفس، فصاحب النفس الخسيسة الجميل لديه ضائع، والشكر عنده مفقود، وهو بهذا الفعل يحقر المعروف الذي أسدي إليه، وعدم الوفاء لمن أحسن إليه، وقد عرف ناكر الجميل بانه لا يعترف لا بقلبه ولا بلسانه بالمعروف الذي أسدى إليه من غيره، فقد حث الله سبحانه وتعالى على ان ندفع بالأحسن.قال تعالى “ادفع بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ‘
ومن هنا فإن ناكر الجميل والإحسان يحمل نفس لئيمة، وقد صدق من قال: ‘أن نكران الجميل من شيم اللئام’، وقد قال بعض الحكماء: أما اللئيم فإنه لا يزيده الاحسان والمعروف إلاّ تمرَّداوخبثا ولئما،فناكر الجميل هو ذلك الانسان الذي يتصف بالجحود والتنكر للآخرين والمغالاة واللامبالاة وعدم احترام مشاعر ومواقف الآخرين (أياكانوا)، سواء من قدم له يد المساعدة او الدعم المادي او المعنوي او حتى الذين ارتبطوا معه بعشرة او مصلحة او زمالة عمل.
إن نكران الجميل والجحود من احط الصفات الإنسانية، وأرذلها لما تمثله من صفات سيئة فاللئيم شخصية جاحدة لصنائع المعروف والإحسان ، فالمعروف صدقة كما ذكر رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم قائلاً ‘كل معروف صدقة ‘ فكيف بنا برد المعروف لأهله وشكر الناس على ما قدموه، ما أروع واحكم هذاالتوجيه النبوي الشريف في هذا السياق وهو مقابلة الإحسان بمثله، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم’ من أتى إليكم معروفاً فكافئوه فإن لم تجدوا فادعوا الله له.