الإذاعة قلعة التنوير
بقلم / بليغ بدوي
رغم تعدد وسائل الإعلام، يبقى الراديو الأكثر سحرا بين سائر الوسائل،فهو فعلا منارة تشع علما و تثري الفكر و تساعد علي بناء الأفكار ، فتنوع المحطات الإذاعية و البرامج تساعد المستمع أن يتعرف على ثقافات مختلفة و متنوعه فتجعل من المستمع كيانا لينا مرنا يتكيف مع كل الأشخاص و إنسانا متنوع الفكر قادر على استيعاب كل الأطروحات و عضوا فاعلا في المناقشات وإبداء الرأي، العاشق للإذاعة أشبه بالفراشة يحب أن يطير بين المحطات الإذاعية ليسمع و يستفيد و يتخيل و لا يقتصر بحثه علي القنوات المحلية فقط و لكنه يبحث في الإذاعات المختلفة حتى يجد مبتغاه .
لقد شكلت الإذاعة فكر أجيالا متميزة رائعة، يرجع تميز جيل الإذاعة إلى البرامج الهادفة و الحوار الراقي و المادة الإذاعية المحترمة التي قدمتها الإذاعة في ذلك الحين، والأغاني التي كانت تقدمها الإذاعة المصرية لكبار المطربين العرب ساهمت في رقي الحس الفني و الجمالي لدى العامة و كان لتلك الأغاني دورا بارزا في تكوين شخصية ذلك الجيل من الشباب، فلموسيقى و الكلمات الهادفة و الأداء الغنائى المحترم من العوامل الرئيسية التي تهذب النفس و تعلي قيمة الجمال في المجتمع.
مازلت أتذكر النساء في شارعنا القديم و هم يجلسون عصرا متجمعين حول المذياع متابعين إذاعة ” الشعب” ليستمعوا الي المسلسلات الشعبية التراثية ، و مازلت أيضا اتذكر برامج البرنامج العام و اصوات مقدمي هذه البرامج و أسمائهم فكان لبرنامج ” قال الفيلسوف” و ” لغتنا الجميلة” و برنامج ” مسرح المنوعات و صوت “إيناس جوهر” في إذاعة الشرق الأوسط و صوت الأستاذ ” حلمي الكنيسي” و ا/ “ضياء الدين بيبرس ” . ولا انسي برامج الصباح الخفيفه التي تصاحب الشمس في شروقها إيذانا بيوم عمل جديد.
شأنها شأن كل الأشياء التي تغيرت ملامحها، تغيرت الإذاعة في إيقاع برامجها و أصوات مذيعيها و محتوي البرامج و نوعية الموسيقى و الأغاني التي تقدمها. أحيان تروق لي الأحاديث و دائما أنتقد مقدميها حيث يتكلمون أكثر من الضيوف و يتهيأ لي أحيانا أنهم الضيوف ، و أتعجب لمقدم برنامج يتحدث ساعتين كاملتين يوميا المستمعين فهو- بالنسبة لي- مثالا للملل الإعلامي الذي يخترع مادة إعلامية لشغل حيز زمني علي الهواء.
يجب على الحكومة إعادة النظر في ما تقدمه الإذاعة و من يقدمون حتي نعيد الإرتقاء بقيم المجتمع التي أصابها الخلل في غياب دور الإذاعة في سنوات مرت علينا دون أن نشعر بدورها.
