الإخلاص.. الذى نفتقده هذه الأيام
كتب: سامى ابو رجيلة
الإخلاص صفة من الصفات الجميلة الراقية ، وهى برهان على طبيعة العلاقة بين أثنين ، او أثنتين ، أو علاقة تجعل الانسان متفردا فى نظر الناس بإحترامه لمهنته ، أو لعمله ، أو لعلاقته مع الآخرين .
وصفة الإخلاص لها الكثير من المواقع والأحوال والحالات .
– الاخلاص فى العبادة : من أعلى وأرقى أنواع الاخلاص ، ألا وهو الاخلاص فى عبادتك لربك ، وهذه الصفة التى لاتقبل العبادة ولايقبل عمل الا أن يكون العبد مخلصا بعمله لوجه الله وحده .
( قل إن صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين ، لاشريك له وبذلك أمرت وأنا اول المسلمين )
سواء صلاة ، صوم ، زكاة ، صدقة ، حج ، لابد أن يغلف عملك الاخلاص ، أى أن تكون لله وحده ، بلا رياء أو نفاق وليس من أجل شئ آخر ، او تصرف عبادتك لأحد غير الله مهما كان ( سواء نبى ، أو رسول ، او ولى من الأولياء )
– الاخلاص فى العمل : أن يكون الانسان مخلصا فى عمله أيا كان موقعه ، وأيا كان طبيعة العمل الذى يقوم به ، وأيا كانت مكانته ، ومهما كان الأجر الذى يأخذه نظير عمله هذا ، حتى وإن كان قليلا ، فإن لم يكن مخلصا فيه ، متقنا له فيعتبر أن الأجر الذى يأخذه نظير هذا العمل لايستحقه ، ولنعلم أن العبرة ليست بكثرة الأجر ، او قلته ، ولكن العبرة ببركة الله فى هذا الأجر ، ولربما كان كبيرا وينزع الله منه البركة ، وربما كان قليلا وينميه الله بالبركة ، فلا تجد مريض فى اسرتك ، ولا تجد جهد ومشقة فى عيشتك ، بل تجد زوجة راضية بما قسمه الله لها فلا تطالبك بأكثر مما تحتمل .
( وقل أعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون )
– الاخلاص بين الأصدقاء : وهذا مانحتاجه ، بل ونفتقده فى هذه الأيام العجاف بين الناس جميعهم ، وخاصة الأصدقاء منهم .
فتجد الصديق يقول شعرا فى صديقه أمام وجهه ، وبعدما ينصرف تجد الذم والتدليس ، ويقول للأسف فيه ماليس فيه ، ونسى قول الحق ( ياأيها الذين آمنوا أجتنبوا كثيرا من الظن ، إن بعض الظن إثم ولاتجسسوا ، ولا يغتب بعضكم بعضا )
ونسى هذا منافق الصداقة أن الاخلاص للصديق يعنى الكثير ، ويعنى أنك إذا رأيت منه حتى قبحا أن لاتقوله ، ولا تشيعه ، بل من واجب صداقتكما أن تجعل نفسك مكانه ولاتفشى له سرا ، ولا تجهر له عيبا.
– الاخلاص بين الزوجين : أن يعلم الطرفان أن لكل منهما حقوق على الآخر ، وأيضا عليهما واجبات .
فالرجل يكون مخلصا لزوجته ، متحملا إياها فى غضبها ، مهدئا لها فى انفعالاتها ، ولا يظهر لها عيبا حتى أمام أبنائهما ، وإذا حدث خلاف يكون مكانه غرفتهما الخاصة للوصول الى الحلول اللازمة ، وليس أمام أولادها ، وعليه أن لايهينها ، بل يكرمها ، لأنه أخذها بكلمة الله ، وكما قيل ( لايكرمهن إلا كريم ، ولا يهينهن إلا لئيم ) فكن انت الكريم .
وكذلك الزوجة من اخلاصها لزوجها أن لاتحمله مالا يطيق ، وتكون سندا له على متاعب الحياة ، وتوفر له الطمأنينة والسعادة فى بيته ، ولا يجد منها الا مايسعده ، وتكون له السر والقلب الذى لايعرفه احد ، ومهما حدث بينهما من خلاف لاتفشى له سرا ، بل تجعله متفردا كبيرا بين صديقاتها ، ولا يرى منها إلا الجمال والرقة التى يتمناها لاستقرار الحياة .
وإذا حدث بينهما انفصال لسبب ما ، او لتباعد الأفكار والرؤى ، وصعبت الحياة بينهما ، فلا يقدح أحدهما فى الآخر ، بل يجب عدم التطرق فى أحاديثهما لحياة كل منهما الماضية .
هكذا يكون الاخلاص فى أسمى معانيه ، الذى نحلم به