إسميك: خيار السلام مع إسرائيل من خلال مفاوضات ماهرة الحل الأفضل
كتبت هدي العيسوي
نشرت صحفية جورزاليم- بوست الإسرائيلية مقال للكاتب والمفكر حسن اسميك بعنوان: ما يعرفه الإسرائيليون وينبغي أن يتعلمه العرب، كيف تفتح خطايا الزعماء العرب والفلسطينيين الست الكبرى الفرص وتقدم المزايا.
وأوضح الكاتب إسميك، أن هناك خطايا ستة وقعت فيها القيادة الفلسطينية على مدار 73 عاما مضت منذ الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، ولم تستغل أي فرصة لأجل تحقيق مكسب يحسب لها على الرغم من استغلال الطرف الثاني لأي فرصة.
وقال إسميك، إن الخطيئة الأولى تتمثل في عدم قبول الشعب اليهودي كمكون عريق وقيـِّم في الشرق الأوسط. حيث كان اليهود مسؤولون عن مساعدة الإمبراطورية العثمانية على الازدهار منذ تأسيسها في أوائل القرن الرابع عشر وحتى زوالها في نهاية الحرب العالمية الأولى.
وأشار إلى أن الإمبراطورية – التي سيطرت على جزء كبير من جنوب شرق أوروبا وغرب آسيا وشمال إفريقيا – رحبت باليهود كمواطنين متساوين ووفرت لهم ملاذاً آمنا عندما طردوا من أوروبا الغربية بسبب المذابح والاضطهاد. فقط في القرن التاسع عشر بدأ وضع الأقليات اليهودية المنتشرة في جميع الدول العربية تقريباً في التدهور؛ ولو استمر العرب في احتضانهم كأنداد، لما هاجروا من المنطقة بشكل جماعي، ولما شعروا بالحاجة إلى إقامة دولة مستقلة، ولما بقيت إنجازاتهم اللاحقة محصورة في إسرائيل وحدها.
ونوه إسميك، بأن الخطيئة الثانية هي اختيار التحالفات الخاطئة لخدمة القضية الفلسطينية، فمن التحالف مع النازية والفاشية إلى الاعتماد على السوفييت والقادة العرب الذين لا تمثل القضية الفلسطينية بالنسبة لهم سوى أداة لتحقيق أهدافهم الخاصة، اختار القادة الفلسطينيون دائماً الحلفاء الأكثر ضرراً لقضيتهم، بجانب تحالف القيادة الفلسطينية – حماس، على وجه الخصوص – مع إيران وتركيا، الدولتين الأكثر زعزعة للاستقرار ومعاداة الغرب في المنطقة، فلا عجب أن ينظر الغرب إلى إسرائيل على أنها الوصي المخلص والمتفاني على المصالح والقيم الثقافية الغربية. هذا التحالف مع إيران وتركيا يؤثر ويؤدي إلى تفاقم الخطيئتين الرابعة والخامسة. ولكن وقبل مناقشتهما، من الضروري أولاً تناول خطايا القادة الفلسطينيين الأكثر نفوذاً.
وذكر أن الخطيئة الثالثة تتمثل في باراديغم ياسر عرفات، وقد يفاجأ الكثيرون بإدراج الرئيس السابق لجيش التحرير الفلسطيني والسلطة الفلسطينية في هذه القائمة. ومع ذلك فهو الرجل الذي أرسى مبدأ المقاومة العنيفة الذي تتبعه المنظمات المسلحة غير الحكومية اليوم: إذا كان الثمن هو دماء الفلسطينيين العرب، فلا ضير من دفعه لدحر الاحتلال، وذلك وفق قوله.
بينما الخطيئة الرابعة هي أن الشعب الفلسطيني يعاني من قرارات قادته وحلفائه أكثر مما يعاني من أفعال إسرائيل. على غرار عرفات، فإن حلفاء حماس من قادة الإسلام السياسي حريصون للغاية على محاربة إسرائيل حتى مقتل آخر فلسطيني. هؤلاء القادة هم المسؤولون إلى حد كبير عن أسلمة الصراع العربي-الإسرائيلي، ودفعه إلى التطرف الحالي البعيد كل البعد عن الواقعية السياسية والنهج البراغماتي. هذا يغذي نيران الشعبوية الإسلامية ويميناً إسرائيلياً راديكالياً مستعدً دائماً لاستغلال الفرص للاعتداء بينما يلعب دور الضحية أمام الجمهور الدولي.
وأشار إلى أن الخطيئة الخامسة هي النظر إلى الصراع مع إسرائيل على أنه حرب “كل شيء أو لا شيء” وحتى الموت. فما يحول دون حصول الفلسطينيين على أي من حقوقهم القانونية والأخلاقية هو صرخة المعركة التي يُطلقونها لإنهاء جميع المظالم التاريخية، واستعادة كامل الأرض، وطرد جميع الإسرائيليين، وإنهاء على دولة إسرائيل. لكن ما الذي حققه اتباع نهج “كل شيء أو لا شيء”؟ لم يحقق سوى أقل القليل، هذا إذا كان قد حقق أيّ شيء على الإطلاق. فمن خلال رفض التسويات التي يمكنها إنهاء الصراع والفشل في تقديم البدائل، وضع الفلسطينيون أنفسهم حجر عثرة أمام السلام، الأمر الذي يحقق مصالح إسرائيل على حسابهم. فهذا يسمح لإسرائيل بتصوير الفلسطينيين على أنهم أشرار لا يمكن إرضاؤهم، وتصوير الإسرائيليين على أنهم شجعان مستضعفون في مسرحية من كتابة إسرائيل وإنتاجها وإخراجها. إذ إن آلة الدعاية الإسرائيلية لا تقل أهمية عن الجيش الإسرائيلي في حربه مع العرب، بل وتتجاوزه في التأثير في حالاتٍ كثيرة.
وأكد أن أكبر فرصة فائتة هي رفض قرار الأمم المتحدة رقم 181 الذي يقسم فلسطين إلى دولتين، عربية ويهودية، مع تدويل القدس باعتبارها كياناً منفصلاً.
ولفت إسميك، إلى أن الخطيئة السادسة تشمل على استغلال السياسيين العرب القضية الفلسطينية للحصول على مكاسب سياسية، ليس جميعهم، ولكن يستخدم بعض القادة السياسيين العرب وحتى بعض الحكومات، الصراع العربي الإسرائيلي كـ “فزاعة” يخفون من خلالها أوجه قصورهم وفشلهم وأجنداتهم الخفية. لا سلام في الشرق الأوسط؟ لا دولة فلسطينية؟ لا أمن وازدهار اقتصادي لجميع المواطنين؟ اضطرابات وانتفاضات؟ لا تلومونا بل لوموا إسرائيل. فلو لم تكن إسرائيل موجودة، لما كانت لدينا مشاكل اجتماعية أو اقتصادية، وكان ليكون للفلسطينيين دولتهم الخاصة، وكانت المنطقة لتكون جنة على الأرض.
ونوه بأن النصر ليس شيئاً حتمياً على الإطلاق. لذلك فإن زعماء دول المنطقة التي تقبل هذه الحقيقة – الإمارات ومصر والأردن والسعودية والبحرين والسودان والمغرب وقطر- يعترفون بإسرائيل”، أما الزعماء الآخرون فلا يعترفون بها أو لا يستطيعون الاعتراف بها، بل وربما لا يريدون الاعتراف بها لأن إسرائيل تُعدّ ضرورية إما لتكون كبش الفداء لقضايا كان حلّها سيقع على كاهلهم مباشرةً، أو لتكون مصدر إلهاء مناسب للغاية يحوّل الاهتمام عن أي تمحيصٍ في طموحاتهم أو أجنداتهم.
وأكد أن الوقت قد حان لنكون صريحين مع شعبنا بأن خيار السلام مع إسرائيل والغرب من خلال مفاوضات ماهرة هو الحل الأفضل لضمان التعايش السلمي والمستقبل المزدهر لمنطقتنا.