استيعاب الألم
بقلم: عمر الشريف……..
كم هي صعبة تلك الحياة التي تحمل كل يوم إلينا جروحاً وآلاماً لم تكن تخطر لنا على بال، هذا فقد عزيزاً على قلبه، وهذا خسر أمواله، وهذا فشل في تحقيق مراده، وهذا خانته محبوبته.. وتمضي الأيام وتلك الجروح في قلوب بعض الناس تزداد إيلاماً وتستعصي على الشفاء.. قلوب كُسرت، وأحلام تبددّت، وآمال تبخّرت، وكل ذلك من قساوة هذه الحياة الدنيا التي ما بخلت يوماً على قلوبنا بأنواع الهموم التي اكتوينا منها إلى حدّ اليأس والقنوط.
ولكن أليس هذا الأمر من طبيعة الحياة؟
أليس هذا من عادة البشر؟
من قال لنا أننا نعيش في الجنة التي لا تعب فيها ؟
من قال لنا أن البشر هم ملائكة يمشون على الأرض؟
لقد كانت آلامنا عميقة بعمق علاقتنا وصلاتنا بأشخاص أعطيناهم من حياتنا الشيء الكثير ولكنهم للأسف لم يروا في هذا العطاء أي دافع للبذل والصدق والوفاء، ازدادت جروحنا في هذه الحياة كلما ازداد جهلنا بطبيعتها الغرورة التي حذرنا الله من الانخداع بها، فقد سكرنا بجهلنا وانغمسنا بغرورنا حتى أفقنا من كل ذلك بوقع مصيبة أو حدوث بلاء.
نشعر في كثير من الأحيان أننا لم نكن ناضجين كفاية للتعامل مع جراحنا بكل وعي وفهم، فلم نكن نفهم الواقع على النحو المطلوب، ولم نكن نملك الأجوبة الصحيحة على كثير من تساؤلات أنفسنا تجاه ما يحدث لنا، ومواجهة هذا الواقع المرير بكل شجاعة ونضج واستيعاب خير من الاستمرار بالشعور بعقدة المظلومية من الحياة وأحوالها وأشخاصها، فواقع الحياة أنها لا ترحم وليس ذنبها أننا لم نفهم طبيعتها أو تغافلنا عنها بأوهام صنعناها بأنفسنا.
نحن على الأرض ولسنا في الجنة، والبشر ليسوا ملائكة يوزعون الحب والخير ، فمن نسي هذه الحقيقة فلا يلومن إلا نفسه، وليهيئ نفسه لمزيدٍ من جرعات الألم .