” إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ “
بقلم اد/ مفيدة ابراهيم على عميدة كلية الدراسات الإسلامية والعربية
الإنسان بطبعه يتعلق بالأمل، ويراه أحد السبل لجلب السعادة، غير أن الأمل المؤكد الوقوع ، لا يأتي إلا باليقين الذي ينبع من حُسن الظن بالله، بمقدار يقينك في ظنك بالله بمقدار ما قد يأتيك من خير بإذن الله. واليقين هو قوة توكل العبد على الله واستشعار معيته له مع الأخذ بالأسباب ومن ثم توفيق الله وتسديده كما حدث في هجرة النبي عليه الصلاة والسلام من مكة إلى المدينة ويقينه فيه عزوجل : قال صلى الله عليه وسلم لصاحبه في الغار أبي بكر الصديق رضي الله عنه وقد أحدقت بهم الأخطار ” ما ظنك باثنين الله ثالثهما. و قال سبحانه : ” إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ” التوبة – 40 , واليقين هو الرجوع إلى الله سبحانه وتعالى في كل حال، والاستعانة به في جميع الظروف والأحوال. ومحمد رسول الهدى -صلى الله عليه وسلم- ذهب إلى الطائف، وعانى ما عاناه، وعاد وقلبه مليء بالإيمان، وظل متيقنًا من نصر الله، ثم ذهب إلى المدينة المنورة، ولم تكن الأمور ممهدة له ومرسومة، لكن كان اليقين يملأ قلبه -صلى الله عليه وسلم-، ودخل غزوة بدر وانتصر؛ لأنه كان متيقنًا من نصر الله، ولم تغرِه الانتصارات، ولم تثبطه النوائب.. كان اليقين يملأ قلبه، وهو يرفع يديه إلى السماء يدعو الله، ويتضرع له، وهو رسوله الذي اصطفاه.
لقد زرع – صلى الله عليه وسلم – في نفوس أصحابه اليقين؛ فسار بهم إلى مكة؛ فكان الفتح المبين، وظل هذا الدرس ماثلاً أمامهم؛ ففتحوا الديار، ونشروا الإسلام، وحاربوا أقوامًا كانوا أكثر منهم عددًا وعدة، لكن اليقين بنصر الله كان هو الوقود الذي سيَّرهم إلى هناك، وكان الدعاء هو وسيلتهم وسهامهم في الليل، إضافة إلى ما أفاء الله عليهم من أدوات مادية تساعدهم في بلوغ غايتهم النبيل .
ولا ننسى ما حدث باليقين بثورة 23 يوليو 1952 وهي نقطة تحول جوهريَّة في التاريخ المصري؛ كما أنها غدت مُنطلقًا لكل الثورات، وحركات التحرر الإقليميَّة ، والعالميَّة. وحققت نجاحات غير مسبوقة عندما توحد فيها إيمان أبناء الجيش المصري مع الشعب بضرورة تحقيق الكرامة الإنسانية للمصريين.
وكذا اليقين بيوم 26 يوليو الذكرى الثامنة لـ “جمعة التفويض” التي شهدت ربوع مصر فعاليتها عام 2013، وخرج وقتها الملايين من أبناء الشعب المصري لدعم ومساندة القوات المسلحة ضد الإرهاب استجابة لدعوة قيادتنا الوطنية الحكيمة وريادتنا الرشيدة فخامة رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي و كان مشيرا وقتئذ, و- قد نصره الله وسينصره دوما- ليرى العالم ملايين المصريين يقولون لا للإرهاب.
ولكن كيف نصل إلى اليقين ؟ وحسب اعتقادي إن استشعار اليقين بفضل الله تعالى لا يتأتى إلا بتصفية القلب من كل سوء وأن نتمني لكل الناس الخير مع استعراض نعم الله علينا شيئا فشيئا وهي كثيرة جدا لا تعد ولا تحصى أهمها وأولها أن نحمد الله على نعمة الإسلام ونتذكر جيدا أن بالشكر تدوم النعم وتزيد .وسعادة المرء ونصره في حسن يقينه بالله . أ.د/ مفيدة إبراهيم على عبد الخالق – عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية