إعطْ نفسك فُرصةً أُخرى
بقلم: طارق ناجح
كثيراً جداً ما نسمع ونقرأ عن أخلاقيات ومبادئ وشعاراتٍ رَنَّانَة ، ولكن نبحث عنها في أرض الواقع فلا نجد شيئاً ، كأننا في صحراء جرداء نبحث عن قطرة ماء ، وكلما إشتد بنا العطش نرى السراب .. نرى حبَّات الرِمال وقد تحوَلَّت إلى أنهارٍ من الماء العَذٔبِ الرَّقرَاق . قليلون جداً مَنْ هم قُدوَة ومَثَل .. قليلون جداً من إستطاعوا أن يجتازوا إختبار الحياة دون أن يفقدوا جزءا هاماً من أرواحهم و إنسانيتهم . رأيت صاحب العمل السابق وزوجته، وهو ألماني الجنسية وقد أتوا ليمضوا ثلاثة أشهر في مصر .. لا عمل .. لا ضغوط .. لاشئ سوى التأمل والإسترخاء وطعام نباتي . أحياناً أشعر بهذه السَكِينَة عندما أحصل على إجازة لأيامٍ قليلة أمضيها في قريتي القابعة في شمال الصعيد ما بين النيل و الجبل الشرقي .. ورغم أن الإجازة لا تخلو من بعض الضغوط والمشاكل .. ولكنَني أشعر وكأن روحي الحزينة المُنهَكة تُضَّمد بعض جراحِها لتواصل الطريق المرسوم لها مهما حاولت أن تَحيد عنه.
عزيزي القارئ إعط نفسك فرصة استنشاق نسيم الإسترخاء والراحة .. ليس بالضرورة أن تذهب إلى الجونة أو مكادي أو الساحل الشمالي .. يكفي أن تجلس على أحد المصاطب الحجرية المنتشرة على كورنيش النيل أو البحر .. تشرب كوباً من الشاي أو المشروبات المُثَلَّجة ، وتشعل سيجارتك الـ (كيلوباترا) وتلقي بهمومك وأحزانك في البحر حتَّى تستطيع أن تواصل حياتك ولا تنهار قواك الجسدية والنفسية . ليس من أجلك أنت فقط بل من أجل أحبابك الذين يحيطون بك وفي حاجة شديدة لتشاركهم حياتهم القادمة بكل ما تحمله من أحزان وأفراح . فرجاءً لاتخذلهم .. لاتدع قلبك الحزين المكسور يخذلهم .. فالأحزان والهموم أشد فتكاً بالإنسان من الوحوش الضارية التي تشاهدها على التلفاز وهي تفتك بفريستها وتلتهمها وهي على قيد الحياةِ . عزيزي القارئ ، لا أكتب لك هذا الكلام تعالياً أو لاعباً دور الواعظ الحكيم .. بل أنا أكتب هذا الكلام لنفسي أولاً ، محاولاً أن أجمع شتاتِها وأسبر جروحها حتى تُكمِل طريقها ، وليُعين الله أرواحنا الضعيفة ، ويُلهِم قلوبنا الصبر والقوة .