قصيدة بعنوان: (إستحِضار سِيرة الرسُول فِى ذِكرى هِجرتُه)
بمناسبة (الهجرة النبوية الشريفة)
للشاعرة الدكتورة/ نادية حلمى
متابعة د.عبدالله مباشر رومانيا
الخبيرة فى الشؤون السياسية الصينية والآسيوية- أستاذ مساعد العلوم السياسية جامعة بنى سويف
فكرتُ أصنعُ شيئاً جدِيداً، فِيه بعضٌ مِنْ رحيقُك… فكتبتُ لكْ تِلكَ القصيدة، كُلُ حرفٍ فِيها يشبِهُك
أحترتُ يا خيرُ الأنام من أجلِ أن أستحضِرُك… وكُلِى حنينٌ فِى أن أُوفِيكَ حقُك، وأنا أوصِفُك
أُحاوِلُ بِكُلِ جهدِى تذكُر أحداثِ غارٍ شهدَ إختِبائُك… وبِرِفقتُك أبا بكر الحبيب، وهو يُصدِقُك
وأمتثلتَ لِأمرِ ربُكَ فِى السماءِ بعد أن تمادى ظُلمُكَ، فأنتويتَ هِجرتُك… ضاقتْ بِكَ شِرُورُ قومُكَ رُغمّ طِيبِ منبتُك
لم يرحمُكْ كُفارِ مكة، رُغمّ فيضِ عطاؤُك لِأبناءِ جلدتُك… فضاقتْ بِكرمُكَ صفحاتٌ مِنْ تاريخُك، بين أقوامٍ تخشَى دعوتُك
وتوجهتُ نحَو المدِينةِ معَ أبِى بكر الرفِيق، لا تملُكُ إلا محبتُك… فحاولتُ فِى ذِكرى هِجرتُك أن أفيضُ بِما شعرتُ بِه نحوُكَ فِى مِحنتُك
قد لاحَ لكَ أهلُ المدِينة فى إحتِفاءٍ يليقُ بِمطلعُك… وكأنكَ بدرٌ مُضِئٌ يُشِعُ بِنفحاتِه، ويشهدُ بِنصاعِ صفحتُك
واليوم يحتفِلُ المُسلِمين يوم إرتحلتَ، بِذكرى توهُجِك… فكتبتُ فيكَ يا نبىُ الله أبياتَ شِعرٍ، عُلّها تصِلُ إِليكَ همساً، فتُعجِبُك
حاولتُ أن أقُولُ فيها أنِى أُريدُ أن أبقَى معك… كتبتُ فِيكَ بِملءِ إرادتِى وبِرغبتِى وبِكُلِ محبتِى، أُبارِكُ خطوتُك
أروِى مكارِمُكَ بينَ أبناءِ بشرٍ، تفخرُ فِى كُلِ جِيلٍ بِطُهرِكَ… وشئٌ غرِيبٌ يشُدُنِى أن أكتُب إليكَ لا لِغيرُكَ يومَ هِجرتُك
وبِكُلِ أملِى تفجرت رُوحكَ أمامِى وملمحُك… ودِمُوعٌ كثيرة تملأُ جِفنِى فِى غارِ الحراءِ، تزهو بِصبرُك
فلكم تألمتُ طويلاً يومَ إرتحلت إلى المدِينة فِى صِمُودِك… تُنبِئُ عن مكنُونِ سِرُك يومَ إختِبائُكَ بِأمرِ ربِك، ووحِىّ رِسالتُك
ودِموعٌ غزيرة فِى غارِ الحِراءِ يوم إختبأت، تملأُ على الجِبالِ طيبُك… جنباتُه تشهدُ أحداثَ مِنك، وتستوطِنْ دليلُك
قد صِرتَ تبكِى يا نبينا يومَ إرتوت أرضُ المدينةِ تحتضِنُك… نصرُوكَ يا مُحمد فِى مجِيئُك، يعلُو مقامُك
فطفقتُ يا خيرُ العِباد أختصِرُ الحِكاية تلُو الحِكاية مِن يومِ مولِدُك… وجِئتُ إليكَ سيدِى فِى دِيارِ المدِينة حيثُ تقطُنُ لِأنصُرِك
بشّرتُكَ بِرسالةٍ بِأنك لازِلتَ موجُودُ فينَا لا تُبارِح موطِنُك… والنفسُ تهفو أن تزُرك فِى قبرِ المدِينة، وتلمِسُك
وعلى الجِوارِ نرَى البقِيعَ حيثُ تقبعُ صُحبتُك بِرِفقتُك… والكُلُ هاجر معكَ مِنْ مكة لِلمدِينة يُؤازِرُك
وأشتدَ ظُلمُك بينَ أبناءِ قومُك مِن قُريش، لا يفهمُون دعوتُك… ولكِنك سامحتهُم، وعفوتَ عنهُم بِكامِلِ جُرأتُك
وألتفَ حولُكَ أبناءُ جِلدتُك، يزُودُونَ عنك وعنْ وحيُكَ…. أعوامٌ مضت أو تجِئُ، ورُغمّ ذِلك يا مُحمد يا كرِيم، نذكُرُك
فمازِلنا جميعاً يا سيدِ الأنام، نستبشِرُ أمانتُك… فلقد حُفِرتَ فِى الجِرُوحِ وفِى الشِفاءِ، وفِى كُلِ صلاةٍ نحفظُك
نُردِد طويلاً وعداً قطعتُه على نفسِك كِى نظلُ نهمِسُك… ونحتفِلُ على الدوامِ بِأشياءِ فِيها جُزءُ مِنك، ونستوطِنُك
فيا مُحمد يا بنُ عبدِ الله، هل لِى ألا أُقاوِمُ رغبتِى، وأمدحُك… رجُلٌ أمينٌ، رُغم الظِرُوفِ وتِلكَ المشاقِ، فإن الله بِنُورِهِ ثبتُك
وملأتَ الكُونَ إشراقاً بِنُورِكَ، رُغمّ إنتِشارِ الكُفرِ فِى دِيارِك… ورجوتَ ربُكَ بِكُلِ صِدقٍ بِألا يرُدُ دعوتُك
ونحن نحتفِلُ بيومِ الخِرُوجِ مِن أرضِ مكة، تبغَى تُبيدُك… ولقد تمادُوا بِحقدِهم فِى ضلالٍ، وإستباحوا قِتالُك
فقصدتَ أرضَ المدينةِ مِنْ بعدمَا أهدرَ كُفارِ مكة دِمائُك… فخطيتَ إلى دِيارٍ فاضت رجاءً مِنْ أجلِ أنْ تتحسسُك
وطلائِعٌ مِنْ أهلِ المدِينة فِى إنتِظارِ تلمُسِك… وغِنائُهم يشدُو ويعلُو فِى الأنامِ إلى الإلهِ كى ينصُرِك
والكُلُ يصدحُ فِى المدِينة إبتِهاجاً بِقِدُومِك… فأقمتَ فِى تِلك المدِينة، أنارت بِحُسنِكَ وإستدارت بِبهائُك
وتشرفت بِكَ مدِينةُ اللهِ وأهلُها فِى حياتُك ومماتُك، لا تُفارِقُك… واللهُ عادِل أنْ يُلملِم شتاتُك، مِنْ بعدمَا لبَى نِدائُك
فلقد هربتُ مِنْ دِيارِ مكة بعد فُرقَة، فأدرككَ اللهُ فِى صلاتُك… وأرادَ ربُكَ أن تُقيمَ فِى المدِينة، ينوِى نجاتُك
فلقد أُوذيتَ يا نبينَا مِن أهلِ مكة، ورُغم القرابةِ لم يرحمُونكْ فِى دُعائُك… وألتّفُوا حولُكَ فِى خِيانة، قد أرادُوا أن يقتِلُونك
ورُغم أنكَ كُنتَ إبنٌ خيرٌ فِى أبناءِ قومُك، لم يغفُرُوا لك… ظلمُوكَ يا مُحمداً، والظُلمُ سيفٌ مُسلطٌ على رِقابِ من ينكِرُونك
فهممتَ تجمعُ قومُكَ تنوِى الرحِيلَ عن دِيارٍ لا تُمثِلُك…. دِيارِ قومٍ سلبت حِقُوقك، إلا أنكَ بعدَ حِينٍ حققتَ إنتِصارُك
واليومُ أبكِى يا رسُولِى لِسيرةِ هِجرتُك، وأنتَ إلى المدِينةِ تشُدُ رِحالُك… وتفاصِيلُ أُخرى تُهيمُ بِى وتختنِق، وأقوامُ أُخرَى تطلُبُ نجدتُك
ولقد سمِعنا أحداثاً عدِيدة تفُوقُ الخيالَ، تحكِى قِصتُك… يوم أشرقتَ على أرضِ المدِينة تحتضِنُك، والكُلُ يلهثُ لِلبقاءِ فِى جِوارِك
وصوتُ الآذان يطرُب حِرُوفاً مِنْ بِلالِ مُؤذِنُك… تنسابُ على أهلِ المدِينة تباشيرٌ تراها فِى تقاسِيمِ وجهُك، وطيبِ معدنُك
حاربتَ جهلاً قد تفشى بينَ قومُك فِى حِجارة وصنم، وأنت تنشُرُ عِلمُكَ… ومضيتَ بِكُلِ عزمٍ تبنِى صرحُكَ، وترضِى ضميرَ أُمتُك
ورُغمّ العناءِ، مازِلتَ تشفعُ فِى السماءِ لِعِبادُك… تعلمنا مِنك بِأنّ عدلُ اللهِ باقٍ، فرُغمّ إختِفائُك فِى حِراء، لم يتزحزحْ إيمانُك
يكادُ القلبِ يخرُجُ بين أضلُعِه مُتلهِفاً، أن يعيش ما تبقَى بِحُسنِ تصرُفِك… أقرأ حِرُوفُكَ يا مُحمد، وأعتصِرُ ألماً فِى توجُعِك
وكيفَ لِى أن أهرُبَ يا كرِيمُ مِنكَ، وكُلِى إليك، لا أُغادِرُ سيرتُك… أسرتُنِى يا بنُ العرب، يا مُحمد