أنا على حق والجميع على باطل.
بقلم عبير مدين
الموت الحقيقة الوحيدة التي نؤمن بها وننكرها في آن واحد، عندما يموت لنا عزيز نواسي أنفسنا ويواسينا الأهل والأصدقاء والاحباب بقول إنا لله وانا اليه راجعون وأن الموت علينا حق، وإذا كان هذا الميت قد اقترف في حياته ذنبا نتحدث عن رحمة الله تعالى التي وسعت كل شيء وأن كل من مات مؤمنا بالله في الجنة ونعيمها.
خلال الفترة الماضية فقدنا عددا من أصحاب الفكر والرأي، البعض ترحم عليهم والبعض سارع بإظهار الشماتة وكأنه على يقين بما جرى به القلم وبما شاء الله أن يكون!
نحن في زمن الفتن كثيرا ما خدعتنا أقنعة التدين التي ارتداها البعض والخطب الرنانة و مظاهر الورع والتقوى الزائفة، سقطت بعض هذه الأقنعة عن البعض فتباينت الآراء بين تصديق البعض وإنكار البعض واتهام أيادي خفية بمحاولة تشويه الصورة الحلوة التي رسموها لأنفسهم أما البعض الآخر فأصابه الذهول!
على غرار المشهد التاريخي داخل الجامع في فيلم رصيف نمره خمسه ( أمال فين سبحتك يا معلم؟! والله يا بني نسيتها في البيت. اصلي لمتهالك )
ولأننا في زمن الصدمات والصدمات الفكرية يتشبث الغالبية بآرائهم رافعين شعار أنا على حق والجميع على باطل، نصبوا أنفسهم أوصياء على البشر واستحوذوا على مقاليد الجنة والنار فمن اتفق معهم في الرأي منحوه صك الغفران ومن اختلف معهم حرموه من رحمة الله ناسين أن هناك العديد من طرق الخير والإيمان تقود إلى الصراط المستقيم وأن هذا الخبيث من وجهة نظرهم لعل بينه وبين الله باب يدخل منه إلى رحمة الله أو لعله أتى بحسنة في الخفاء غفر الله به له ذنوبا قدر زبد البحر.
نظن أننا من أولياء الله الصالحين وأننا بلا ذنوب وننسى قوله تعالى ( قل هل ننبئكم بالاخسرين أعمالا ‘١٠٣’ الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا )
القضية التي تؤمن بها اليوم وتبعثر الاتهامات بسخاء على من يخالفك الرأي ما يدريك أن يتضح لك يوما أنها باطل وأن الأخري كانوا على حق؟
هل ستستمر في عنادك فتهلك كما هلك فرعون؟ أم يكون لديك شجاعة الاعتذار؟
ماذا لو في ذروة حماسك في الدفاع عن قضيتك سفكت دما ولو بالخطأ؟ أو تسببت في موت انسان كمدا؟ أو تسببت في ضياع حق أحد؟
إن من الحكمة أن نستمع إلى الرأي الآخر ونكون أكثر تسامح في معاملة الغير ونترك امر الحساب لله فهو شأنه.