أفكار بصوت مرتفع
زينب كاظم………
سنسلط الضوء في هذا المقال على موضوع معقد وعميق وتختلف وجهات النظر تجاهه الا وهو( الوعي ) وهناك الكثير من الناس يفسر هذه الكلمة على انها خاصة بالاطفال وكلما تحدث عن طفل يقول كان واعيا تجاه الحدث الفلاني بحكم عمره او عقله وهذا يعود للفطرة والذكاء اي ان كل طفل يكون فاهما ما يجري حوله ليس من ناحية عمره بل عقله واحساسه وجيناته الوراثية وكلنا جربنا ان نختبر اولادنا ونسألهم أتتذكر الحدث الفلاني عندما كنت بالخامسة او السادسة فيجيب الطفل نهائيا لا اتذكر وهناك طفل يحمل احساسا عاليا وذكاء مفرطا يتذكر امورا حدثت معه منذ طفولته الاولى خلال الثلاث سنوات الاولى من عمره وعموما المواقف المؤلمة يتذكرها الانسان بانتباه اكثر لأن الخلايا الخاصة بالذكريات المؤلمة الموجودة بالمخ تكون اكثر تركيزا وعمقا من الذكريات والمواقف المفرحة .
وهناك من ينظر للوعي على انه ثقافة الانسان فيقول الانسان الفلاني واعيا اي ملم بالكثير من معلومات الحياة وهذا لا يقصد به الشهادات الاكاديمية اذا انه ليس كل خريج كلية هو مثقف او واعي فالوعي :هو الالمام بكل امور الحياة ويعرف الكثير عن الحياة ويعرف القليل او الكثير عن كل شئ والوعي ان يكون الانسان حاذقا لبيبا يفهم حتى بنظرات العيون او لغة الجسد .
والوعي والعقل الكبير وتراكم الخبرات والمعلومات وتنوع الثقافة بالاضافة الى المواهب والدراسة والبحث لا شئ امام ان يكون الانسان ملما بأمور دينه والدليل على ذلك هناك ناس في الهند مثلا تخرجوا من ارقى كليات الطب او صاروا علماء بالجيولوجيا وعلم الارض لكنهم لا يزالون يعبدون الأبقار ويضعون خروج وبول البقر أجلكم الله على أجسامهم تبركا لأنهم يعتبرونها اله والعياذ بالله .
اذن ديننا يستحق عناء البحث ورغم وجود اربعة الاف ديانة حول العالم الا ان ديننا الاسلامي الحنيف يعتبر خاتم الاديان ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم خاتم الانبياء والمرسلين لذلك جعل الله تلك الرسالة العظيمة الصحيحة عند ديننا وعند نبينا محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم وال بيته الأطهار عليهم السلام .
لذلك الدراسة بالدين والعقيدة جدا مهم فمن المرعب ان يسير الأنسان على تعليمات مغلوطة عن دينه ويقدس من مزق دينه لمجرد ان بيئته واهله علموه معلومات ملقنة لا صحة لها .
وعن تجربتي الشخصية بهذا الخصوص سأقرب الفكرة للناس بهذا المثال فكلنا يعرف ان هناك مادة بالرياضيات تدعى الربط بين الجمع والطرح للصفوف الأولية وهي عندما نخرج الناتج نحتاج ان نتحقق من صحة الحل للتأكد فقط وهذا ما فعلته مع عقيدتي وديني اذ انني ولدت وسط عائلة تحب النبي محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم وتوالي ال بيته الأطهار فطرة وتربية وبيئة واعرف ان خطي صحيح جدا والحمد لله لكنني واصلت رحلة بحثي بذلك ولسنوات طويلة وكونت معلومات كبيرة تراكمية كبيرة عن ذلك اي تحققت من مدى صحة ما انتهلت منه وتعلمت ،لكنني للأسف احيانا اعاني معاناة كبيرة فمثلا في ايام اربعينية الامام الحسين عليه السلام ظهرن سيدات كبيرات بالسن يبكين لأن الزيارة ستنتهي وان خدمة الحسين عليه السلام انتهت لهذا العام فأنصدم بكم التعليقات على وسائل التواصل التي تنتقد وتسئ لهؤلاء النسوة احدهم يكتب انا عندما اتحدث ليس من باب الطائفية لكن هذا شرك فكيف لتلك السيدة او غيرهاان تبكي على خدمة انسان ميت ؟وغيرها يتهمهن بالشرك بالله عز وجل والعياذ بالله ،فأصبح انا في صراع هل ارد انا وافهمه ام اصمت والألم يعتصرني ان رديت على واحد هناك الكثيرين مثله يحملون نفس الأفكار المشوهة والناقصة فالحقيقة غير تلك الزاوية الضيقة التي ينظرون من خلالها فالأمر اكثر عمقا لأن اغلب هؤلاء النسوة او الناس عاشقين لأل البيت عليهم السلام فطرة ودما وتربية وبيئة وهم على صواب والحسين عليه السلام ليس انسان عادي فهو رمز العطاء والتضحية والشموخ والاباء واعطى دمه من اجل دينه وعقيدته لذلك خدمة زائريه نعتبرها كنوع من رد الجميل فهؤلاء الناس يجمعون المال لسنة كاملة من اجل احياء الشعائر الحسينية واغلبهم ناس فقراء لكن رغبتهم بأطعام الناس المتعبةالتي تمشي سيرا على الاقدام من اماكن بعيد من اجل الزيارة وتتحمل الخطورة والمشقة فبكل تأكيد هناك ثواب كبير يناله هؤلاء الناس خدام الحسين عليه السلام وعندما نلمس الشباك او الباب لأحد الأئمة الاطهار فهناك امور مادية فيها بركة كبيرة مثل قميص يوسف الذي مسح به والده النبي يعقوب عيونه ووجهه فعاد اليه بصره ومثلما هناك اماكن يستجاب منها الدعاء لقدسيتها كونها ضمت اطهر الأجساد فمثلا ضريح الحسين او العباس او الأمام علي عليهم السلام حالها حال المكان الذي دفن فيه نبي الرحمة والانسانية النبي محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم في الكعبة الشريفة اومثل المكان المبارك بين الركن والمقام الذي يستجاب منه الدعاء لقدسيته وطهره ومكانته العظيمة عند الله عز وجل اذا هناك امورا صعب يفهمها أصحاب النظرة الضيقة فالبعض مجرد ان يقرأ كتبا سامة او يسافر الى دولة ما ينسى مبادءه وعاداته ويدعي الثقافة وهم كثر في الوقت الذي نجد بروفيسورا يعمل موكبا ويطبخ ويخدم زائري الامام الحسين بيده لأنه واعيا بما يكفي ويعرف انه لا احد يكبر على خدمة صاحب الشموخ ومنقذ الدين الحسين عليه السلام ،فوالله عندما نرى انسانا بسيطا ماديا يجمع المال لسنة كاملة ليس لغرض تزويج ابنه او شراء منزل او فتح مشروع وانما ليعمل موكبا بسيطا يخدم فيه زائري الامام الحسين عليه السلام فنقف بكل شموخ فخرا واعتزازا ان هناك من الناس البسطاء يحمل كل ذلك الكرم والعطاء والحب الصادق لال محمد عليهم السلام وما حبنا لهم الا فرع من اصل حبنا لنبينا محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم وتطبيقا لوصاياه اذا هناك عدد مهول من الروايات والأحاديث النبوية التي اكدت انه اوصى بأل بيته الاطهار كما لم يوصي بغيرهم لهذا القدر وهذا الحد .
وبما ان سلسلة مقالاتي تسمى افكار بصوت مرتفع سأفصح عن امر يخصني فأحيانا هناك من يريد هو النقاش بأمور العقيدة لكنه محدود الفكر ويسأل اسئلة تبين انه محتاجا لسنوات ضوئية كي يفهم لكنني اناقشه بكل صدق وموضوعية وعمق ومنطقية وهدوء لدرجة انه يشكرني على سعة صدري وتقبلي لكنه لا يعلم انني اعتصر الما من كمية الجهل الذي يحمل لكن العصبية والتعصب لا تجدي نفعا في مثل هذه الحالة فأنا مجبورة ان اوضح له خدمة لديني وعقيدتي وكي لا اكون انا وعقيدتي اضحوكة له ولغيره .
وانا دوما انصح الناس في كثير من المقالات على احترام عادات ومعتقدات الناس لكن صعب ان نحترم المعتقدات الباطلة او اصحاب النظرة الضيقة .
اذا الوعي جحيم يسمى( جحيم الوعي )وهذا ينطبق علي تماما فأنا في جحيم عندما اناقش صغار العقول او مدعي التدين والثقافة والعلم .
واحيانا هناك نجد انتقادا لبعض الامور او الجهلاء ممن يمارسونها وارجع واقول كما اوضح في اغلب مقالاتي المهم الاساسيات وان نسير على نهج صحيح اما من يشوه العقيدة او المجتمع ببعض الحركات الشاذة او الجاهلة فأقول ان الجهل موجود في كل مكان في العالم ومحاولات الحاقدين للتشويه مستمرة لذلك المهم ان نسير على طريق واضح وجميل ومعتدل ولا ننظر الى من يمارس امورا خاطئة او أخذهم حجة باطلة على الدين والعقيدة والمجتمع .
واخيرا وليس اخرا نقول ان الوعي وأن كان جحيما فهول أجل وأفضل من نعيم الجهل بكل تأكيد .
يعرّف قاموس كامبريدج الوعي بأنه «حالة فهم وإدراك شيء ما». يعرّف قاموس أكسفورد الحي الوعي بأنه «حالة دراية المرء بمحيطه والاستجابة له» و«وعي الشخص أو إدراكه الحسي لشيء ما» و«حقيقة دراية العقل بنفسه وبالعالم». وقد حاول الفلاسفة توضيح الفوارق التقنية عن طريق استخدام لغة اصطلاحية خاصة بهم.
