أفكار بصوت مرتفع *الوفاء*
بقلم / زينب كاظم …..
سنتحدث في هذا المقال عن مفردة اتعبت الناس والكل يبكيها لأنها اصبحت نادرة والوفاء كلمة تندرج تحت عدد كبير من الكلمات التي صنفناها على انها مصطلحات مطاطة اي تتقبل عدد كبير من المعاني العميقة والمتعددة كل انسان وتفسيره لها حسب تجربته فمثلا هناك من ينظر للوفاء هو وفاء الأصدقاء لأنه عانى من خذلان الصديق وهناك من يرى الوفاء على انه وفاء الحبيب لأنه طعن من حبيبه وهناك من يرى الوفاء هو وفاء الأهل لأنه عاش بلا سند حقيقي من أهله او قد تكون خذلته عائلته في أحلك الظروف أو قد يرى اخر الوفاء الحقيقي هو في الماديات لأنه عانى من ضائقة مادية في حياته وهناك من يرى الوفاء هو عدم خيانة صحته له لأنه مريض والكثير الكثير من الأمثلة في الحياة وفي وقتنا الحاضر نرى اغلب المجتمعات الشرقية تشكو من قلة الوفاء فالكل يشكو من الكل وأصبحنا لا نعرف من هو الوفي الحقيقي والجميع يردد نفس العبارات وهي الوفاء أصبح عملة نادرة والمجتمع كان سابقا أوفى من الزمن الحالي والسؤال هنا هل هذه التساؤلات وهذه العبارات لأن الناس يصنفون الوفاء حسب اراءهم ونظرتهم له لأنهم عانوا من خذلان في جانب من جوانب حياتهم أم أن الكل اصبح وفيا لمصلحته وغابت الأنسانية ام أن الكل خذل بالحياة بشكل او باخر فعدمت الثقة بين الناس لكن يرى الكثير من الدارسين في التنمية البشرية وعلم النفس المجتمعي أنه أصعب أنواع الغدر هو أن يهب الأنسان قلبه ونبضات قلبه لشخص ما ومن ثم يخذل من ذلك الشخص وهناك عبارة مزلزلة وجدناها قبل فترة على وسائل التواصل تقول (كل من اصيب في غير قلبه فهو معافى )وهذه العبارة تؤكد الدراسات العلمية والنفسية .
أن التربية السليمة التي يتلقاها الفرد من أهله التي ترتكز على الدين والأخلاق الحميدة السوية هي التي تجعل الأنسان يتسم بسمة الوفاء بل وحتى فطرته النقية وهذه امور حقيقية وليست مثاليات او تنظيرات لكن للأسف في زمننا الحاضر أصبح النشاز هو المألوف والأخلاق النبيلة هي الغريبة في مجتمع ساده النفاق والنميمة وحب الذات وصارت مصلحة الأنسان فوق كل شيء وأذكى انسان من يسرق الناس ويؤذيهم ويعيش بلا قلب ولا مبادئ أو قيم وأصبح الناس تصفق للشر وتنعت الأنسان صاحب المبادئ والوفاء والصدق بالساذج التي يعيش في زمان ليس زمانه بل وصل الأمر أن يصفى أو يستبعد أو يسجن بعد أن تلفق له تهمة ويظل الشرير حرا طليق .
نفهم من كل ذلك أن الناس كلهم أوفياء فالبعض وفيا لمبادئه والبعض وفيا لمصلحته .
والكل خائن فهناك من يخون كبرياءه من أجل الحب مثلا وهناك من يخون الأخرين وكل القيم السامية .
فلا نستغرب عندما نرى شاب لا يغار على عرضه لأنه خائن وهنا قد يتساءل البعض ما الربط بين غيرة وناموس الأنسان والوفاء والجواب هو أن هذا مثال لخيانة القيم والدين والمبادئ والأمثلة عديدة فالغش في البضاعة وعدم صيانة الأمانة والعشرة والكذب والنفاق هذه كلها خيانة وخذلان للتربية والسلوك القويم ووفاء للمصالح المنحطة .
لكن للأسف الوفي للحق أصبح يستبعد ويذل ويكره ويهان والأنتهازي هو الرابح ماديا ومعنويا لماذا المعايير اختلفت وباتت تسير في المقلوب ؟
علمونا أجدادنا أن النجاة في الصدق وأن الشجاعة هي قول الحق والحقيقة بكل لباقة وأن الشرف لا يتعلق فقط بالجسد بل بالتعامل أيضا وأن النزاهة هي التعامل مع الأخرين بصدق وأن لا نجامل على حساب كرامتنا ومبادئنا وهذه كلها نقاط ثابتة لنهج حياة صحيح وقويم تناسب كل زمان ومكان وأن من يقوم بها هو الصح ويجب الا ننظر له على أنه نشاز ونقول له متهكمين أين كنت نائما أصحى فلم يعد لما تقول وجود بل يجب أن نشجع على الوفاء لكل قيم ومعتقدات وسلوكيات تعكس رقيا أخلاقيا ودينيا .
يجب أن نربي أولادنا على تربية ترتكز على الدين الصحيح والأخلاق الحميدة وأن نرسخ في أذهانهم حب الوفاء لكل ما يميز مجتمعاتنا الأنسانية عن شريعة الغاب وأن نعلمهم أننا لسنا حيوانات مفترسة القوي يأكل الضعيف بل القوي هو صاحب الحق والحقيقة والوفاء لأننا بشر ولسنا حيوانات أجلكم الله ولأننا نعيش في مجتمع انساني وليس في غابة .
أخيرا نحب أن ننوه الى موضوع مؤلم جدا دوما نضرب المثل بالوفاء بحيوان الكلب فلماذا بات الكلب أوفى من بعض البشر والأنسان عنده كتب سماوية وأخلاقيات لا يربى ولا يعرفها الكلب .
هدانا الله وأياكم الى وفاء حقيقي لكل من منحنا ولو لحظة من حياته ولكل من اعطانا ولو قدح ماء في يوم حار ولكل قيم تسمو بنا