أدب النبي صلى الله عليه وسلم
بقلم دكتور. محمد عرفه
اعلم أخي الحبيب أن أدب النبي صلى الله عليه وسلم رباني فمن الذي أدبه إنما ربه لذالك كان الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم يفتخر
ويقول “أدبني ربي فأحسن تأديبي” اعلم أخي الحبيب أن حسن الأخلاق من صفات الكمال ولذا كمّل الله تعالى بها نبيه صلى الله عليه وسلم فكَانَ أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا كما قال أنس رضي الله عنه وقد لازمه عشر سنوات في خدمته فهو من أعلم الناس به.
ومن جميل العشرة وحسن الخلق تحري الأدب مع الناس.
وإذا كان البر يبذل للوالدين والصلة تكون للرحم وحسن العشرة يصرف للزوج والولد فإن الناس يسعهم التأدب معهم في القول وفي الفعل.
والمهذبون من الناس في ألفاظهم المؤدبون في أفعالهم محل محبة وتوقير واحترام من الناس لأن الناس يحترمون من يحرمهم ويزدرون من يزدريهم لذالك السؤال أين نحن من أدب رسول الله صلى الله عليه وسلم
أين توقير الكبير والرحمة بالصغير واحترام الناس وتقديرهم وحفظ الناس حقوقها والنصح لهم بالخير والمصلحة . والنبي صلى الله عليه وسلم
قد ضرب أعظم الأمثلة في الأدب واحترام الناس ويجب أن تتعلم أمته الأدب منه لأن أدبه عليه الصلاة والسلام من عند الله تعالى
ولأن في تعلم الأدب منه تأسيا به وعملا بسنته.
قال القرطبي في وصف النبي صلى الله عليه وسلم:
«حفظه الله تعالى من صغره وتولى تأديبه بنفسه ولم يكله في شيء من ذلك لغيره. ولم يزل الله تعالى يفعل به حتى كرَّه إليه أحوال الجاهلية وحماه منها فلم يجر عليه شيء منها كل ذلك لطف به وعطف عليه وجمع للمحاسن لديه».
وأدب النبي صلى الله عليه وسلم مع الناس كثير جدا وحُفظ في سنته أدبه مع الرجال والنساء والأطفال وفي مجالات عدة ومناسبات كثيرة:
فمن أدبه صلى الله عليه وسلم في الاستئذان:
ما حكاه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ رضي الله عنه قَالَ:
«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَى بَابَ قَوْمٍ لَمْ يَسْتَقْبِلِ الْبَابَ مِنْ تِلْقَاءِ وَجْهِهِ وَلَكِنْ مِنْ رُكْنِهِ الْأَيْمَنِ أَوِ الْأَيْسَرِ وَيَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ»
رواه أبو داود وفي رواية: «فَإِنْ أُذِنَ لَهُ وَإِلَّا انْصَرَفَ».
ومن أدبه صلى الله عليه وسلم في المناجاة والمصافحة:
ما رواه أَنَسٌ رضي الله عنه قَالَ:
«مَا رَأَيْتُ رَجُلًا الْتَقَمَ أُذُنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُنَحِّي رَأْسَهُ حَتَّى يَكُونَ الرَّجُلُ هُوَ الَّذِي يُنَحِّي رَأَسَهُ وَمَا رَأَيْتُ رَجُلًا أَخَذَ بِيَدِهِ فَتَرَكَ يَدَهُ حَتَّى يَكُونَ الرَّجُلُ هُوَ الَّذِي يَدَعُ يَدَهُ»
رواه أبو داود.
ومن أدبه صلى الله عليه وسلم في مجالسته للناس:
أنه يعامل كل واحد من جلسائه بحسب حاله فيتبسط مع من يتبسط معه ويستحي ممن يستحي منه كما في حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:
«كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُضْطَجِعًا فِي بَيْتِي كَاشِفًا عَنْ فَخِذَيْهِ أَوْ سَاقَيْهِ، فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، فَتَحَدَّثَ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَتَحَدَّثَ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ فَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَوَّى ثِيَابَهُ فَدَخَلَ فَتَحَدَّثَ فَلَمَّا خَرَجَ قَالَتْ عَائِشَةُ: دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ تُبَالِهِ ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ تُبَالِهِ ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ فَجَلَسْتَ وَسَوَّيْتَ ثِيَابَكَ فَقَالَ:
أَلَا أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ» وفي رواية قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«إِنَّ عُثْمَانَ رَجُلٌ حَيِيٌّ، وَإِنِّي خَشِيتُ إِنْ أَذِنْتُ لَهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ أَنْ لَا يَبْلُغَ إِلَيَّ فِي حَاجَتِهِ» رواه الشيخان.
ومن أدبه صلى الله عليه وسلم مع صانع الطعام:
أنه إن عافه ولم يعجبه لم ينتقده كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «مَا عَابَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا قَطُّ إِنِ اشْتَهَاهُ أَكَلَهُ وَإِلَّا تَرَكَهُ» رواه الشيخان.
ومن أدبه صلى الله عليه وسلم مع الأطفال: أنه كان لا يهدر حقهم بحضرة الكبار كما في حديث ليس منا لا يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا
طبتم وط ممشاكم وتبوأتم من الجنة منزلا ودائماً نلتقي على الخير.