أخطأ «بايدن» عندما وقف في طريق محكمة العدل الدولية
نبيل أبوالياسين يكتب
عندما يخدعون العالم لعقود بروايات ومزاعم” إحترام حقوق الإنسان، وحرية التعبير، وإحترام القانون الدولي” وتكشف زيفها على الملأ أبناء وطنهم وفي عقر دارهم من خلال الإحتجاجات الطلابية، فلا نتعجب عندما يقدم لبعض النواب في الكونغرس الأمريكي رشوىّ من اللوبي الصهيوني الذي دفع حوالي 7 مليون دولار لهم ليقوموا بتهديد المحكمة الجنائية الدولية لمنعها من إصدار مذكرة إعتقال بحق” نتنياهو”وبعض المسؤولين من حكومتةُ اليمينية المتطرفة على جريمة الإبادة الثابتة بالأدلة والبراهين، فضلاًعن؛ أن العالم بأسرة شاهدها على الهواء مباشرتاً من خلال شاشات التلفاز،
وهؤلاء النواب هم “توم إل تي، إيوم ليت، هارشا هاكنتورن، مارشيا بلاكبيرن، تيد بود، ميتش ماكونيل، كاتي بويد بريت،كيفن كريمر، ماركو روبيو، تيم سكوت، بيت ريكيتس، ريك سكوت” .
وجميعهم أعضاء في مجلس الشيوخ، وقالوا: في تهديد مشترك موجهة لمسؤولي العدل الدولية وكانّ نصه، إنه لا إسرائيل ولا الولايات المتحدة أعضاء في المحكمة الجنائية الدولية، وبالتالي فهما خارجها، والولاية القضائية المفترضة لمؤسستكم إذا أصدرتم مذكرة إعتقال بحق قيادي إسرائيلي، فسنفسر ذلك ليس فقط على أنه تهديد لسيادة إسرائيل، بل لسيادة الولايات المتحدة، ولقد أظهرت بلادنا في قانون حماية أفراد الخدمة الأمريكية المدىّ الذي سنذهب إليه لحماية تلك السيادة، ولن تتسامح الولايات المتحدة مع الهجمات المسيسة التي تشنها المحكمة الجنائية الدولية على حلفائنا، وإستهداف إسرائيل سيجعلنا نستهدفكم، وإذا مضيتم قدماً في الإجراءات المشار إليها في التقرير، فسوف نتحرك لإنهاء كل الدعم الأمريكي للمحكمة الجنائية الدولية، ومعاقبة موظفيكم وشركائكم، وحظركم أنتم وعائلاتكم من الولايات المتحدة لقد تم تحذيركم.
وعندما أصدرت المحكمة الجنائية الدولية تحذّير من «التهديدات الإنتقامية» ضدّها، إلى أعضاء الكونغرس الذين يهدّدون بالإنتقام منها أو من موظفيها، وأكدت؛ أنّ مثل هذه الأعمال يمكن أن تشكّل «هجوماً على إدارة العدالة الدولية»، كما تهدد الإستقلال والحياد ويتمّ تقويضهما، ودعت المحكمة إلى وضع حدّ فوري لـ«محاولات العرقلة أو التخويف أو التأثير بشكل غير مبرّر على مسؤوليها»، بدأت هذه النواب يعدون تشريعاً لتهديد وترهيب مسؤولي الجنائية الدولية!، ونقل موقع “أكسيوس الأمريكي” عن رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي “مايكل ماكول”، أن الأعضاء الجمهوريين بالمجلس يعدون تشريعاً إحترازياً لفرض عقوبات على مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية، إذا أصدروا أوامر لإعتقال مسؤولين إسرائيليين.
وتأتي تهديدات أعضاء الكونغرس هذه بعد تقارير وردت في وسائل إعلام عبرية تفيد بإحتمال إصدار الجنائية الدولية مذكرات إعتقال بحق “نتنياهو”، ووزير الدفاع “يوآف غالانت”، ورئيس الأركان “هرتسي هاليفي”، على خلفية الجرائم الإسرائيلية خلال الحرب على غزة، وفي وقت سابق لهذا، أعربت الولايات المتحدة عن معارضتها قيام المحكمة الجنائية الدولية بالتحقيق بشأن ممارسات إسرائيل في غزة، على الرغم من أنها قبلت بالتحقيق بشأن ممارسات روسيا في أوكرانيا !؟، وقالت” كارين جان” المتحدثة بأسم البيت الأبيض إنه ليس من إختصاص المحكمة إصدار الأحكام بحق المسؤولين الإسرائيليين، في ظل إستمرار الإحتلال الحرب على غزة رغم إصدار مجلس الأمن قراراً بوقف القتال فوراً، وكذلك رغم صدور تعليمات من محكمة العدل الدولية بإتخاذ تدابير فورية لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية وتحسين الوضع الإنساني بغزة.
لقد أصبح “نتنياهو ” عقبة أمام وقف إطلاق النار لأنه مدين لوزرائه اليمينيين المتطرفين بالبقاء في السلطة، وبعيداً عن “تفجير” المفاوضات، فإن إتهامات المحكمة الجنائية الدولية يمكن أن تدفعها إلى الأمام من خلال تهميش”نتنياهو”على غرار البوسنة، وستوجه المحكمة الجنائية الدولية تهماً للمسؤولين الإسرائيليين بناءً على المكان الذي إرتكبت فيه جرائمهم “فلسطين”، وهي دولة مراقبة معترف بها من قبل الأمم المتحدة، والتي منحت الولاية القضائية، وقبل “بايدن” الولاية القضائية الإقليمية لـ”بوتين” في أوكرانيا وغزة هي نفس الوضع،
وتزعم الإدارة الأمريكية أن إتهامات المحكمة الجنائية الدولية ضد المسؤولين الإسرائيليين سوف “تفجر” مفاوضات وقف إطلاق النار، لكن التاريخ يظهر أن الإتهامات تميل إلى تهميش القادة المتطرفين، كما حدث في البوسنة وليبيريا وأوغندا.
وهنا يخطئ “جوبايدن” في الإعتراض على إتهامات المحكمة الجنائية الدولية ضد المسؤولين الإسرائيليين، وتتمتع المحكمة الجنائية الدولية بالسلطة القضائية، كما قبل”بايدن” في أوكرانيا، وبدلاً من مقاطعة مفاوضات وقف إطلاق النار، فمن المرجح أن تعمل على دفعها إلى الأمام من خلال تهميش المتشددين في الحكومة الإسرائيلية بما فيهم “نتنياهو”، وكان لا ينبغي أن يقف “بايدن” في طريق المحكمة الجنائية الدولية، ويخشى رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” من أن تتهمه المحكمة الجنائية الدولية قريباً بإرتكاب جرائم حرب مؤكدة في غزة، وناشد إدارة “جوبايدن” للمساعدة، واشنطن تحاول ثني المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية “كريم خان” من خلال تهديدات علنية من أعضاء الكونغرس عن توجيه إتهامات، ولكن حججها القانونية والعملية على حد سواء ضعيفة للغاية ولا يوجد مبرر للتهديد غير أنه محاولة لمنع تحقيق العدالة الدولية.
وإذا إتهمت المحكمة الجنائية الدولية رئيس الوزراء الإسرائيلي “نتنياهو” ووزير الدفاع “يوآف غالانت” التي أعلن على الملأ في بداية الأقتحام البري بقطع الكهرباء والماء والغذاء عن غزة ، ورئيس الأركان “هرتسي هاليفي” الذي قصف جميع مصادر الحياة هناك، والذي تعُد إستراتيجيتهم الحالية في التجويع في غزة، فسوف يصبح عالمهم أصغر كثيراً، والدول الأعضاء في المحكمة البالغ عددها “124” دولة ملزمة بإعتقالهم إذا دخلوا أراضيها وإرسالهم للمحاكمة في لاهاي، وفي الأسابيع التي تلت طوفان الأقصىّ في 7 أكتوبر من العام الماضي، حذر المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية”كريم خان”، مراراً وتكراراً المشاركين في الحرب من المضي قدماً بحذر شديد، محذراً على وجه التحديد من إستخدام المجاعة كسلاح حرب.
وإن استخدام عنوان “معاداة السامية” في مواجهة الإحتجاجات الطلابية يهدف إلى تكميم الأفواه ومصادرة الحريات، ولم يقف اليهود في كل أنحاء العالم موقفاً واحداً من الحرب العدوانية الإسرائيلية على غزة، فمنهم من نأى بنفسه عن دعم حكومة الإحتلال في حربها هذه، بل هناك من أدان تلك الحرب، وندد بها، وطالب بإيقافها، لكن تلك المطالبات إصطدمت بجدار “معاداة السامية”، وهذه التهمة التي أصبحت تسبغ على كل من يعارض إنتهاكات الاحتلال الإسرائبلي ضد الفلسطينيين في غزة، إذ إنّها أخذت في لإنتشار على مستوىّ واسع لإسكات كل من يحاول إنتقاد هذا الإحتلال النازي،ولكن كشفت زيفها الإحتجاجات الطلابية في الجامعات الأمريكية على الملأ،
وقال: بعض اليهود في رسالة لهم إننا ندافع عن كرامة وسيادة الشعب الفلسطيني، من خلال العِبر التي إستخلصناها من تاريخنا المرير في مواجهة معاداة السامية.
مشيرين؛ إلى أن الحكومة الإسرائيلية تروّج بين الداخل والخارج لدعاية مفادها بأن كفاح الفلسطينيين غير موجّه من أجل الحصول على الحقوق في الأرض والسيادة، بل هو موجّه ضد اليهود!؟، ووجهت مجموعات من الطلاب اليهود والإسرائيليين في العديد من الجامعات الأمريكية، والمنظمات اليهودية والإسرائيلية أيضاً في جميع أنحاء الولايات المتحدة، إنتقادات لجلسة إستماع بمجلس النواب تبحث في الأسباب وراء السماح بتنظيم وخروج المظاهرات المعادية للسامية في حرم الجامعات، إذ وقعت أكثر من 42 مجموعة ومنظمة يهودية في الجامعات الأمريكية، بياناً مشتركاً ذكرت فيه أنه عندما تستخدم الجامعات والممثلون السياسيون بشكل خاطئ تهمة معاداة السامية الخطيرة كأداة لإسكات أي إنتقادات للحكومة الإسرائيلية والدعوات لتحرير الفلسطينيين، فإنهم يخلطون الأمور وكذلك يزيدون من خطورة الأحداث المتعلقة بمعادة السامية.
وفي سياق متصل : مذيعة CNN الأمريكية تواجه الرئيس الأمريكي “جوبايدن” بصور الأطفال في غزة المروعة التي تكسر القلب والآخير يراوغ في رده عليها!؟، وكان هذا خلال مقابلة حصرية أجراها مع شبكة CNN، قال”جو بايدن”، أول أمس الأربعاء، تعليقًاً على الحراك الطلابي المؤيد للفلسطينيين والمطالب بوقف الحرب في غزة التي تشهده الجامعات الأمريكية إن هناك حق مشروع في حرية التعبير والإحتجاج، وهناك حق مشروع للقيام بذلك، ولديهم الحق في التعبير عن رئيهم، وأضاف؛ وليس هناك حق مشروع لإستخدام خطاب الكراهية، وليس هناك حق مشروع لتهديد الطلاب اليهود ولمنع وصول الناس إلى الفصل الدراسي، ولم يتطرق إلى الرد على صورة أطفال غزة ما آثار إستغراب مذيعة CNN “إيرين بورنيت” ورواغ الرئيس الأمريكي عن الرد أو التعليق على صورة الأطفال المروعة بسبب القصف العشوائي عليهم بالسلاح الأمريكي.
وأفقدت التظاهرات التي يقوم بها الطلبة في الولايات المتحدة كثيراً من السياسيين المتعصبين للصهيونية والعنصريين ضد العرب والمسلمين صوابهم، فأدلىّ كثيراً منهم بتصريحات تفوح منها رائحة العنصرية والوقاحة والثمالة في كثير من الأحيان، بعضهم يهرتل بأن حماس داخل الجامعات وهي من تقود الحراك الطلابي وأخر يفرط في دعمة للإحتلال النازي ويوصف دعمه له بالتوراتي، وربما قد تكون هي المرة الأولىّ التي تشتعل فيها التظاهرات في جميع الجامعات الأمريكية بهذا الشكل من حيث الحشد والإصرار والإستمرار منذ الإضرابات الطلابية في الجامعات الأمريكية في عام 1968 ضد حرب فيتنام.
وعلى صعيد آخر متصل: فإن العالم باكملة مازال عاجز أمام أمريكا وحلفيتها إسرائيل الذين إستباحوا كافة الاتفاقيات والقوانين الدولية، وهناك أكثر من “600,000 طفل يبحثون عن مأوى في رفح، وقد نزح العديد منهم عدة مرات بالفعل، وإنهم أصبحوا مرهقون ومصدومون ومرضىّ وجائعون، وقدرتهم على الإخلاء بأمان محدودة، وفق تقرير منظمة اليونيسيف، وتحرك الجيش الإسرائيلي بسرعة للسيطرة على الجانب الفلسطيني من المعبر الحدودي مع مصر، وقطع الإستيلاء الممر الوحيد الذي يربط الفلسطينيين في غزة بأراضي لا تسيطر عليها إسرائيل، وفي عمل رمزي لا مبرر له، جرفت دبابة إسرائيلية نصب “أحب غزة” لتحية الزوار أثناء عبورهم إلى الأراضي من مصر،
والغزو الشامل الذي يلوح في الأفق لرفح الذي تهدده إسرائيل على الرغم من اعتراضات دول العالم والبيت الأبيض بشدة.
وختاماً: فقد دائبت الادارة الأمريكية على القضاء على “الأونروا” وحشدت “17 ” دولة لوقف تمويلها في أبشع جريمة تجويع ممنهجة للفلسطينيين في غزة على مدار التاريخ، واليوم اضطرت “الأونروا” إلى إغلاق مقرها الرئيسي في القدس الشرقية التي تحتلها إسرائيل بشكل مؤقت بسبب “إضرام المستوطنيين المتطرفون النار مرتين في محيط المقر” مساء أمس الخميس، وكان موظفو الأونروا وموظفون من وكالات الأمم المتحدة الأخرىّ داخل المجمع، وكان هذا هو الحادث المروع الثاني في أقل من أسبوع بعد إحتجاج عنيف مماثل من قبل هؤلاء المتطرفون يوم الثلاثاء الماضي،وألقى المتظاهرون الحجارة على موظفي الأمم المتحدة وعلى المباني، تحت حماية الشرطة الإسرائيلية !؟، وشدد رئيس “الأونروا” على أنه من مسؤولية إسرائيل كقوة إحتلال ضمان حماية موظفي الأمم المتحدة ومرافقها في جميع الأوقات.