هل تدخل إيران في حرب مباشرة ضد إسرائيل
بقلم : يوحنا عزمي …..
مرة أخري وفي محاولة للفهم أقول ان الإيرانيين لن يدخللوا
في حرب مباشرة ضد إسرائيل ولا ضد غيرها من القوي الإقليمية والدولية الأخري ، وهو موقف ثالت وراسخ يلتزم الإيرانيون به
ولن يحيدوا عنه مهما بلغ حجم استفزاز الآخرين لهم او تحرشهم بهم .. اقول ذلك عن قناعة تامة لأن كل الشواهد تدعمه وتنطق به.
فالايرانيون لم يخوضوا حرباً واحدة خارج أراضيهم منذ نهاية حربهم مع العراق ، اي منذ ستة وثلاثين عاما ، ولم يخسروا جنديا إيرانياً واحدا في اي صراع مسلح داخل هذه المنطقة او خارجها وكل هذه المليشيات الطائفية المسلحة التي تتوزع في عدد من الاقطار العربية تضم مقاتلين عربا ، يحاربون علي أراض عربية
وان كان مستشاروهم إيرانيين او بالأحرى من عناصر الحرس الثوري الإيراني .. الشعارات المرفوعة إسلامية ، وأدوات التنفيذ كلها عربية ، والمقاتلون عرب علي أراض عربية ، اما الخطط والحسابات والقرارات فكلها إيرانية وليس لهذه المليشيات الطائفية المسلحة دور فيها او حق في الإعتراض عليها ، فهم مجرد أدوات للتنفيذ لا اكثر .. مهما تظاهروا بغير ذلك.
ولهذا تظل قناعتي هي ان إيران لن تقاتل بقواتها واسلحتها من
أجل غزة او من أجل اليمن او سوريا او العراق ، ولن تدخل في حرب مباشرة إلا مرغمة وإلا إذا هوجمت في عمق أراضيها ، وهو
ما تسعي جاهدة إلي تجنبه بكل وسيلة ممكنة ..
وإذا كانت تستعرض أسلحتها احيانا ، فانها تفعل ذلك للردع وليس للحرب .. فعقدة الحرب التي فرضها الرئيس العراقي صدام حسين عليهم وحصدت في طريقها ما حصدت علي مدار ثمانية أعوام كاملة من الخسائر البشرية الرهيبة ومن التدمير المتبادل الذي اخذ في طريقه الكثير ، كانت نقطة فارقة في تاريخهم تغيرت بعدها المفاهيم والافكار والسياسات والاستراتيجيات الأمنية من قبل المجموعة الحاكمة في إيران حيث اصبح تركيزهم كله علي مفهوم استراتيجي مركزي واحد ، هو مفهوم الحرب بالوكالة وعدم الدخول او التورط في حروب كبيرة ومباشرة متي كان ذلك ممكنا.
ان معني ترك الآخرين يحاربون بالوكالة عن إيران ليحققوا لها أهدافها في التمدد والانتشار والهيمنة دون ان تحارب بجيوشها خارج أراضيها وحتي لا تكرر من جديد تجربة حربها الكارثية مع صدام والتي كانت وبالا في وبال بالنسبة لها ، هو أنه اذا كان هناك من يجب ان يموتوا في الصراعات المسلحة التي تضرب هذه المنطقة وتفترس دولها وتحدث فيها كل هذا الخراب والدمار .
وإذا كان هناك من تفرض عليهم تلك الصراعات ان ينزحوا من ديارهم ويضيعوا بين دول قد تقبلهم واخري قد ترفضهم وتسد أبوابها في وجوههم لسبب او آخر ، فيجب ان يكونوا هم العرب وليسوا الإيرانيين .. هكذا ينطق الواقع طيلة سنوات طويلة من العنف والفوضي والإرهاب والصراع الذي شهدته هذه المنطقة ولاكثر من عقدين كاملين تغير فيهما الكثير مما لم يكن واردا في الحسبان ، ويبقي علينا ان نفهم هذا كله علي حقيقته وليس كما نتخيله او نبالغ في تصوره .
فمن واقع ما جري وما يزال يجري ، فإن الأجندة إيرانية ، والثمن المدفوع في تنفيذها عربي مائة في المائة .. وانا لا الومهم ولا انتقدهم فهم أصحاب المصلحة في كل ما يفعلونه لانفسهم والقرار في النهاية هو قرارهم ، ولكن ما اقوله هنا هو دعوة للفهم لنعرف أين نحن من هذا كله .. لكي نحسن اختيارنا للطريق الذي نتحرك فيه ، وحتي لا نظل وحدنا الطرف الخاسر او المغرر به طول الوقت