كتبت: إنتصار محفوظ سرحان
عقد ملتقى الهناجر الثقافى، التابع لقطاع الانتاج الثقافي، مساء أمس الجمعة، ندوته الشهرية تحت عنوان “المشروعات القومية الكبرى.. رؤية قائد وإرادة شعب” قناة السويس الجديدة نموذجا”، بمركز الهناجر للفنون في ساحة دار الأوبرا، بإشراف الفنان محمد دسوقى مدير المركز، بحضور رئيس أكاديمية ناصر العسكرية، وقادة الأكاديمية والإعلاميين والسياسين من محافظات مصر المختلفة، مع الالتزام بنسبة حضور 25 % للجمهور وفقا للإجراءات الإحترازية وإتباع التعليمات الإرشادية التي أقرتها وزارة الصحة وذلك حفاظا على صحة وسلامة المواطنين.
شارك في الندوة الدكتور وسيم السيسي، أستاذ علم المصريات، واللواء الدكتور محمود خلف، مستشار أكاديمية ناصر العسكرية، والإعلامي الدكتور جمال الشاعر، وكيل اللجنة الوطنية للإعلام، والدكتورة بسنت فهمي، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، وأدارت اللقاء الناقدة الدكتورة ناهد عبدالحميد، مدير ومؤسس الملتقى، بمصاحبة فرقة عشاق النغم الموسيقية.
بدأت الندوة بالسلام الوطني لجمهورية مصر العربية، ثم رحبت الناقدة الدكتورة ناهد عبدالحميد مدير ومؤسس الملتقى بالحضور قائلة: “نحتفل اليوم بذكرى غالية على قلوبنا جميعا وهى ذكرى تأميم قناة السويس، والذي يتزامن معها في نفس التوقيت افتتاح قناة السويس الجديدة.. وتأميم قناة السويس أحد أهم الأحداث التى تستمر آثارها متواصله مع مرور الزمن مهما مرت عليها السنين”.
وتابعت عبدالحميد: أن قناة السويس لها أهمية عظيمة في وجداننا كمصرين لأن من حفروها هم أجدادونا الفلاحون المصريون ومن منا لا ينتمي لهذا الفلاح المصري الأصيل معظمنا نشأ وتربى في الريف المصري، فدماؤهم الغالية كانت تجري في القناة قبل المياة، أما قناة السويس الجديدة فكانت حلم تحول إلى حقيقة تحدث عنها العالم كله وظهر ذلك جليا في الصحف والمجلات الأوربية وكان العنوان الأهم والأبرز مصر تصنع التاريخ.
تحدث الدكتور وسيم السيسي، أستاذ علم المصريات، عن أول حفر لقناة السويس كان بينه وبين آخر حفر 4000 سنه، مشيرا إلى “سنوسرت الثالث” خامس فراعنة الأسرة الثانية عشرة، أول من قام بحفر هذه القناة وسميت بقناة “سيزوستريس”، وكان ذلك 1869 ق.م، ثم وصوله إلى البحيرات العذبة، ويعد من اكتشف العالم وأفريقيا وكان يسمى ب “الرجل الرحالة”، ووثق هيرودوت كل رحلاته، مشيرا إلى غزو الهكسوس الذي بدأ بالغزو السلمي ثم تسربوا حتى وصل عددهم إلى 3 مليون، وأصبحوا دولة داخل الدولة، وظل هذا الغزو لمدة عشرة سنوات، وكانت زوجة “سقنن رع” ملك الأسرة السابعة عشر، من جيشت الجيوش ومرت على القرى، والنجوع، والمدن، وحررت مصر في البداية من هؤلاء المجرمين، واستمرت حرب “الضروس” لمدة 10سنوات، حتى توقفت النساء عن الإنجاب من هول المعارك برا وبحرا.
وأوضح السيسي، أن التاريخ هو بوتقة او وعاء للتجارب الإنسانية التي نستفيد منها بالإنجازات وتجنب الانتكاسات، وبعد 560 سنه ردمت قناة السويس مرة أخرى، حتى أعيد حفرها على يد أبو رمسيس الثاني أعظم ملوك مصر، و”تحتمس الثاني” مشيرا إلى بعض أبيات الشعر لأمير الشعراء يمدح فيها الملك رمسيس الثاني، وجاء “ديليسبس” الذي كان صديقا لسعيد باشا، وبدأ حفر القناة وسميت بقناة السويس، لأن الحفر بدأ عندها ثم مات سعيد باشا، فتولى من بعده الخديو إسماعيل، الذى تم الافتتاح الأسطورى فى عصره، وصولا لحفر قناة السويس الجديدة وافتتاح القناة في 2015، مشيدا بالإنجازات العظيمة والمشروعات القومية الكبرى التى تزخر بها مصر الجديدة الآن.
من جانبه قال اللواء محمود خلف، مستشارا بأكاديمية ناصر العسكرية، إن قناة السويس لا تعني بالنسبة لنا بكونها ممر ملاحي فقط، ولكن هى تسجيل للتاريخ، ومحورا عسكريا، واقتصاديا، وسياسيا، وجغرافيا كبيرا، مضيفا أن تاريخ قناة السويس واحتلال إسرائيل لها، وكل الصعوبات التى مرت بها مصر وعمليات التحرير وعبور قناة السويس ومشروعات التنمية إلا وتنتصر مصر دائما.
وأضاف خلف، أن قناة السويس هي الشاهد على ملحمة حرب الاستنزاف، وأكتوبر المجيدة التي تعني الكثير بالنسبة للمصريين، فهي لها قراءات ودروس متعددة، يذكر منها درسا واحدا استشعره عندما تلقى دعوة من الرئاسة وزملائه في حرب أكتوبر لوضع حجر الأساس، فذهب إلى الإسماعيلية وشرح اللواء مميش لهم المشهد بمصاحبة أعداد كبيرة من الشباب، وركب الحضور 3 قطع بحرية، والرئيس في المنتصف، والطيران يرسم أعلام مصرية في السماء، وحين نزلنا شعر مرة أخرى بالعبور واقتحام قناة السويس بشكل آخر مع الشباب على الضفة الشرقية لقناة السويس، مؤكدا أن الإرادة الوطنية لا تتحقق إلا بالاصطفاف الوطني فهو درس للعالم في افتتاحها، مؤكدا أن تأميم قناة السويس كان حدثا هائلا هز العالم كله في ذلك الوقت، حيث أحدث تغييرات إستراتيجية كبرى غيرت موازين القوى في العالم كله.
وصف الإعلامي الدكتور جمال الشاعر، المفكر الدكتور وسيم السيسي أنه يتمتع بالدهاء السياسي، لأنه يتحدث عن التاريخ ونواياه في استفزاز العقول نحو التفكير في المستقبل، ثم ضحك “السيسي” قائلا له: “أنت تصلح طبيب نفسي بإمتياز”.
وأشاد “الشاعر” بأهمية الحوار فى ملتقى الهناجر الثقافي الذي يجمتع على شرفه جماهير المثقفين والشباب من أجل رفع مستوى الوعي، مشيرا إلى نقطتين الأولى هي ضرورة مساهمة المثقفون في بناء الوطن بقوة من خلال خلق تيار التنوير، الذي يقوده المفكرون المصريون مثلما حدث في أوروبا فى عصر التنوير والنهضة، أما النقطة الثانية هي تحث على أهمية التواصل مع الأجيال الجديدة مناديا بما تسمى ب”المجايلة” أى المقصود بها تسليم الأجيال بعضها البعض.
وألقى “الشاعر” قصيدة بعنوان “افرح” قائلا:
أعظم انجازاتك
ذاتك
افرح وانجح
رغم انكساراتك
حاول تصلب طولك
وانت بتجري
واكتب في سجل انتصاراتك
أنا مش فاشل
ولا متشائم
أنا راجل عاقل
لو شوفت مشاكل
مابمشكلهاش
باستهدى وبنصح نفسي راجع حساباتك
وأحلم وأنت في أصعب أوقاتك
وارسم روحك رغم جروحك
راية في عز انتكاساتك
اتراهن على نفسك
واتأكد إن
انهزاماتك
هي اللي حتصنع بطولاتك
لو جالك واحد عايز احباطك
قل له.
وأوضحت الدكتورة بسنت فهمي، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، أن العالم أصبح الآن كأنه دولة واحدة، وسوف نستمع خلال الأيام القادمة عن نظام اقتصادي جديد، وحكومة اقتصادية جديدة للعالم، وأهمية سرعة التحرك وعدم الانتظار، إلى جانب توفير التكاليف اللازمة، كما تحدثت أيضا عن الأهمية الاقتصادية لقناة السويس الجديدة لمصر وللعالم كله، وعن المنطقة اللوجستية لهذه القناة، مؤكدة أن قناة السويس الجديدة تعد شريانا جديدا للحياة، واهداء من مصر للعالم كله، فقد تم انشائها بأيدي ومساهمة مصرية بشكل غير متوقع أبهر العالم أجمع، فهي مشروع اقتصادي دولي عظيم للكرة الأرضية.
كما تخلل الملتقى باقة متنوعة من الأغاني الوطنية لفرقة عشاق النغم الموسيقية وهي: “احلف بسماها”، “هنحب مين غيرها”، “عظيمة يا مصر”، “اللي عاش حبك يعلم”، “مصر اليوم في عيد”، واغنيات وطنية أخرى عن قناة السويس واختمم الملتقى بأغنية “صورة”.