كتبت الأثرية : مريم محمد مصطفي
هو ذلك المبني الكلاسيكي الذي يكاد أن يختفي وسط الكثير من الأبنية الحديثة القائمة في منطقة وسط القاهرة و تحديدا في منطقة الظاهر المزدحمة بالسكان و المعروفة باسم “حي السكاكيني ” .
بالرغم من أن قصر السكاكيني مصنف ضمن أثار القاهرة , و تتخذه منطقة أثار وسط القاهرة مقراً إدارياً لها إلا أن القصر يعاني من الإهمال الشديد من الداخل و الخارج .
بعيداً عن كل ذلك دعونا نعرف اكثر عن ذلك القصر الذي يعد تحفة معمارية في طي النسيان و من هو السكاكيني الذي يسمي القصر بإسمة ؟
هو غابرييل حبيب السكاكيني شاب سوري من مواليد 1841 م من مواليد دمشق , جاء ذلك الشاب الي مصر و هو بعمر 17 عاما لكي يتولي وظيفة في شركة قناة السويس ببورسعيد في مقابل الحصول علي القليل جداً من الفرانكات الفرنسية .
و فيما بعد سافر ذلك الشاب الي القاهرة, و قد اُعجب الخديوي إسماعيل بذلك الشاب السوري بسبب شدة ذكاءه و قدرته علي الحل السريع فقام الخديوي بتكلفه بمهمة شاقة و هي بناء الأوبرا الخديوية .
و أصبح ذلك الشاب يعمل تحت يد أحد المعماريين الإيطاليين و إستطاع السكاكيني في فترة وجيزة الإنتهاء من بناء الأوبرا الخديوية التي أستقبلت الملوك الأوروبيين الي مصر لحضور افخم إحتفال لإفتتاح قناة السويس و ذلك في 17 نوفمبر 1869م , و من هنا كانت كافة المشروعات و عقود الأشغال العامة تُدار تحت إشراف السكاكيني .
و في ال 39 من عمرة نال الحبيب لقب ” بيك” و فيما بعد حصل علي لقب “كونت ” و هو لقب بابوي و ذلك تقديراً لخدماته المجتمعية و أصبح في النهاية من المقاولين الأثرياء في ذلك الوقت , توفي حبيب السكاكيني في العام 1923م .
بني القصر علي قطعة أرض كانت ممنوحة للسكاكيني , بني القصر علي الطراز الإيطالي حيث قامت ببنائه شركة إيطالية علي ان يكون ذلك القصر نسخة من أحد القصور التي شاهدها السكاكيني في إيطاليا و أُعجب به كثيرا, يقع القصر في موقع جذاباً يشع منه 8 طرق رئيسية .
القصر ذا قباب مخروطية الشكل , التصميم بيزنطي منتمي للعصور الوسطي , مساحة القصر حوالي 2698متر مربع , يضم القصر اكثر من 50 غرفة , و يصل إرتفاع القصر لخمس طوابق , و يحتوي القصر علي اكثر من 400 نافذة و باب و 300 تمثال و منهم تمثال نصفي لحبيب السكاكيني بأعلي المدخل الرئيسي للقصر , علي الرغم من عدم كِبر حديقة القصر إلا أنها ساعدت علي عزل القصر عن المباني المحيطة .
بعد وفاه حبيب السكاكيني تم تقسيم ثروتة و قام أحد الورثة و كان طبيباً بإعطاء القصر للحكومة المصرية (وزارة الصحة ) و التي لم تكن الجهة المؤهلة لوراثة مثل ذلك القصر , في العام 1961م تم إتخاذ قصر السكاكيني كمتحف للتثقيف الصحي و ذلك كان بأمر من محافظ القاهرة ,فيما بعد تم تسجيل القصر في عداد الأثار الإسلامية و القبطية بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1691 لسنة 1987م و بذلك تم وضع القصر تحت رعاية المجلس الاعلي للاثار .
بالرغم من أن ذلك القصر لا يقل أهمية عن المباني و القصور الأثرية الأخري إلا أن يد الإهمال طالته لذلك نرجو من وزارة الأثار الإلحاق بذلك القصر لما يمثله القصر من قيمة فنية و تاريخية و حضارية .