قراءة من العمليات العسكرية الروسية الأوكرانية .
بقلم : اللواء طارق الفامي
منذ تفكك الاتحاد السوڤيتي عام ١٩٩١ وروسيا تعتبر أوكرانيا عمق أمني إستراتيچي لها لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تتنازل عنه .
كما أن روسيا تشعر بالتهديد لأمنها القومي بزحف حلف الناتو إلي حدودها وخاصة عندما لوح حلف الناتو بضم أوكرانيا إلي الحلف فبهذا تصبح قواعد حلف الناتو علي الحدود الروسية .
كما يمكن لأجهزة الرادار الخاصة بالحلف أن تكشف الداخل الروسي وهذا الوضع لن تسمح به روسيا حتي لو وصل الأمر إلي المواجهه المباشرة مع حلف الناتو .
وقد طلب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشكل علني من الولايات المتحدة الأمريكية عدم السماح بإنضمام أوكرانيا إلي حلف الناتو وعدم إرسال مساعدات عسكرية لها .
كما طلب أيضاً وقف توسع حلف الناتو بإتجاه روسيا وإلغاء عملية نشر الأسلحة بالقرب من الحدود الروسية وطلب أيضاً إعادة القواعد العسكرية التابعة لحلف الناتو إلي المواقع التي كانت عليها عام ١٩٩٧ طبقا لإتفاقية القانون التأسيسي والذي تم توقيعه بين حلف الناتو وروسيا .
ولكن حلف الناتو أعلن أنه لا حدود للإنتشارالعسكري للحلف داخل الدول الأعضاء ورفض وضع أي قيود تمنع إنضمام أي دولة للحلف وهذا يجعل من الممكن أن تنضم أوكرانيا إلي حلف الناتو
.وقد دعا الرئيس الأوكراني زيلينسكي للإنضمام إلي حلف الناتو خلال مؤتمر الأمن الذي تم عقده في مدينة ميونيخ الألمانية .
لذلك تعتبر روسيا أن ميل أوكرانيا إلي الغرب و الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا يشكل تهديداً مباشراً للدولة الروسية وأمنها القومي وحدودها وإقتصادها وذلك بسبب الحدود المشتركة بينهما .
وذلك لأن الفصل الخامس من إتفاقية الناتو ينص على أنه في حالة أي هجوم علي أي دولة عضو في الحلف يعتبر هجوماً على كل دول الحلف وهذا معناه أنه في حالة هجوم روسيا علي أوكرانيا سوف تكون روسيا في مواجهة ٢٧ دولة من دول حلف الناتو مما جعل الرئيس الروسي ينفذ تهديداته محاولا الحفاظ على الأمن القومي الروسي والذي في رأي لن يقف عند هذا الحد بل سيطال دولا أخرى وأن روسيا لن تكتفي بهذا بل تصنع لنفسها مقعدا في النظام العالمي الجديد .
إن هذه الأجواء تذكرنا بأجواء الحرب الباردة بين الإتحاد السوڤيتي السابق ودول حلف شمال الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية .ولقد تم فرض عقوبات على روسيا وعلي الرئيس الروسي وعلي بعض المسؤولين الروس ومن بينهم وزير الدفاع الروسي وبعض الشخصيات المقربة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لن نتحدث عن هذه العقوبات فالكل يعرفها جيداً .
وفي اعتقادي الشخصي أن هذه العقوبات لن تؤثر على روسيا بل لو تم فرضها سوف تؤثر على دول الإتحاد الأوروبي فعلي سبيل المثال دول الإتحاد الأوروبي تعتمد علي ٤٠ ٪ من الغاز الطبيعي الذي تستخدمه من روسيا لذلك سوف تتأثر دول الإتحاد الأوروبي بهذه العقوبات أكثر من روسيا .
ويجب أن نعلم بأن الرئيس الروسي وضع الخطة وحساباتها بكل دقة وهو مستعد للتعامل مع كل المتغيرات التي سوف تفرض عليه ويجب أن نعلم أيضاً بأن الغرب الأن متخبط في قراراته كما أن الرئيس الأمريكي جو بايدن يعتبر رئيساً ضعيفا وهذا ما يعتبره الشعب الأمريكي حيث يعتبرونه أضعف رئيس جاء لأمريكا وإنه فشل في معالجة العديد من القضايا الداخلية و الخارجية وان شعبيته تنخفض .
وهذه الأحداث تضعنا في تساؤلات عديده وهل الحرب العالمية الثالثة أصبحت قال قوسين أو أدنى … وهل هذه الحرب سوف تكون نووية لتقضي علي كوكب الأرض حيث أن القوي المتصارعة هي قوي نووية فيجب أن نعلم بأن ٩٣ ٪ من القدرة النووية علي كوكب الأرض هي ملك أمريكا و روسيا .
لذلك أعتقد بأنه لن تحدث مواجهه نووية علي الأقل في الوقت الحالي والتاريخ يحدثنا عن ذلك في أزمة الصواريخ الكوبية عام ١٩٦٢ حيث كانت أقرب اللحظات لقيام حرب عالمية ثالثة نووية بين الإتحاد السوڤيتي و الولايات المتحدة الأمريكية ولكن تداركها الطرفان .
وما يعنينا في هذا الأمر هو بلدنا الحبيب مصر فهل سوف تتأثر مصر بهذه الأحداث ؟
والجواب نعم سوف تتأثر مصر و العالم أجمع ولكن ما يهمنا هو تأثيرها علي مصر حيث أن هذا التأثير سيكون علي قطاعات محددة مثل قطاع السياحة الذي يعتمد على السياحة الروسية و الأوكرانية والتي سوف يقل عدد الوفود القادمة منها الي مصر .
كما أن سعر برميل البترول سوف يرتفع عالمياً والذي سوف يصاحبه إرتفاع سعر الغاز الطبيعي وهذا سوف يكون في صالح الصادرات المصرية من الغاز الطبيعي .
كما أن روسيا و أوكرانيا هما المصدر الأول و الثاني لواردات القمح والذي يعتبر سلعة إستراتيچية لمصر ولكن بكل تأكيد مصر لديها مخزون قمح إستراتيچي يكفيها حوالي ٦ أشهر وحتي إذا استمرت هذه الأحداث لفترة طويلة فإن مصر تمتلك الوقت الكافي لإيجاد البدائل كما أنها تأهبت لذلك منذ فترة ولا يوجد قلق بشأن القمح الذي يعتبر سلعة تموينية إستراتيچية .
لذلك نهداء و نطمئن فإن مصر قادرة علي إحتواء تداعيات أي أزمة تترتب على الحرب الروسية الأوكرانية والتي تعتبر عملية عسكرية لعدم التكافؤ العسكري بين الطرفين حيث أن روسيا من أقوي جيوش العالم ضد أوكرانيا الدولة الصغيرة .
وخلاصة ماسبق : —
* إن الصراع القائم الأن في ظل النظام العالمي الجديد بين روسيا و الغرب هو بالنسبة لروسيا صراع وجود و حدود و صنع مقعد لروسيا في النظام العالمي الجديد ليكون متعدد الأقطاب و التحالفات بخريطة عالمية جديدة .
* أمد هذا الصراع سوف يطول ويمكن أن يطال أطراف أخرى
* العقوبات المفروضة علي روسيا سوف تؤثر بشكل كبير ليس علي روسيا فقط بل أيضاً سوف تؤثر علي الغرب وسوف يعاني الغرب منها حيث أن روسيا حسبت حساباتها بكل دقة ومستعده للتعامل مع كل المتغيرات التي سوف تفرض عليها .
* هناك ضعف وتخبط غربي في ظل حكم رئيس أمريكي ضعيف و حلف عسكري عجوز .
* إندلاع حرب عالمية ثالثة نووية أمر مستبعد ولكن يوضع في الإعتبار إذا أخطأ أحد الطرفين في حساباته .!
روسيا __ أمريكا وحلف الناتو ( الغرب ) .
اما القطاعات المصرية التي سوف تتأثر بهذه الأحداث هي ؛
* قطاع السياحة .
الذي يعتمد على السياحة الروسية و الأوكرانية طوال العام حيث سوف يقل عدد الوفود القادمة منهما لمصر .
* قطاع البترول .
وذلك بإرتفاع سعر برميل البترول والذي يصاحبه إرتفاع في سعر المحروقات ولكن سوف يصاحبه أيضاً إرتفاع سعر الغاز الطبيعي وهذا سوف يكون في صالح صادرات مصر من الغاز الطبيعي وزيادة الطلب عليه .
قطاع التموين .
وذلك أن روسيا وأوكرانيا هما المصدر الأول و الثاني لواردات السلعة الإستراتيچية لمصر وهي القمح ولكن المخزون الإستراتيچي لمصر يكفي لحوالي ٦ أشهر وإذا إستمرت الأحداث لفترة طويلة فإن مصر تملك الوقت الكافي لإيجاد البدائل علما بأن مصر تأهبت لذلك منذ فترة طويلة ومن وجهة نظري لايوجد قلق بشأن هذه السلعة الإستراتيچية .
لذلك نهداء ونطمئن علي مصرنا الحبيبة فإن مصر قادرة على إحتواء تداعيات أي أزمة تترتب على الأحداث الجارية الأن .
حمي الله مصر وشعبها العظيم . ( طارق الفامي ) .