في كل مؤسسة فاسد
بقلم د.الحسين أحمد الفار ….
لقد دمرت مجتمعات و ابيدت حضارات لم يبقي منها سوي آثارهم ، حروبٌ ضروسة من أجل شهوات الأنفس ونصرة الذات بداية من السعي إلي المأكل إلي التوسع و السيطرة و بناء الأمبراطوريات والممالك ..
ربما استحدثت أدوات الحروب والمعارك لكنها سلكت نفس الأغوار والمسالك ،.
من خلال دراسة المجتمعات، واستغلال نقاط الضعف، و نشر الشائعات والفساد ، وبث الضغائن و اليأس والخوف ، ونزع الولاء والانتماء ، وإشعال نيران الفتن في نسجٍ استخباراتية لا تخلو من الحيلة والخديعة والمكر .
إلي أن يتم نهب خيراتها دون جهدٍ وعناء أو فرض السيطرة الكاملة عليها بالعدة و السلاح
إنك لتري اليوم علي مواقع التواصل الإجتماعي ما تشيب له الرؤس وكأننا سقطنا في بئر لا قاع له ، الشائعات تنتشر وليس من عاقل يفكر و يتقصاها ، الأمل يُنزع ، والخصوصية لم يعد لها مكان ، انتشرت أعين الصفر الواحد ، وانطلق عبدة المال والشهرة يبثون السموم و الخراب كالشمس في أوج ظهيرتها .
لقد تقدمت الوسائل وانهارت الشعوب ولم يعد اعدائنا بحاجة إلي بذل جهدٍ كسابقه في ظل تلك النفوس الساقطة المتدنية من فسادٍ وخيانةٍ و وانعدامٍ لضمير .
فماذا بعد أن هُمش المعلم واغتيل العلماء والقادة و تبدل حال القدوة ، وتنازع الأشقاء؛ يتآمرون علي أنفسهم ويتخابرون ضد بعضهم لصالح اعدائهم في أبهيٰ وأعظم صورةٍ لنفاق
والله أحزن عندما أقولها الآن ، إن في كل مؤسسة فاسد ، ذلك أن الأنفس قد خابت، وابتعدت عن دين الله ومالت، ومات الضمير المحاسب ، ففتح الباب علي مصراعيه للفساد
فكما يقول موسكا :
“مهما كان الهدف الذي أنشئت المنظمات لتحقيقه ، فلا مفر لها من أن تسعي لتحقيق المصالح الشخصية للقائمين عليها ، عاجلاً أم آجلاً .”
ذلك هو المسار الطبيعي الذي تسلكه المؤسسات نتيجة الخلل في العامل النفسي فما بالك وقد وصلت النفوس إلي الدرك الاسفل من مستنقعات الفساد .
لقد تيقنت من مقولة قرأتها بأن الاستعمار قد رحل تاركاً وراءه فروعه وأذرعه .
نعم فالاستعمار حين فُكت قيوده عن البلاد وارتحل عنها ترك بذوره ليرويها في خفاء فينبثق منها جذوراً ترسخ مبادئه و فروعاً تلتف حول تلك المؤسسات خانقةً لها مانعةً نموها مُفسدةً ثمراتها .
ناهيك عن الإستعمار الأكبر ؛ استعمار شهوات الأنفس واستعبادها للعقول وما لاح عنه من جشع وطمع وفاسدٍ تهتز به أركان هيبتنا وتطمئن به قلوب اعدائنا لنجني مزيداً من الاستخفاف بنا والإستهزاء بقدراتنا .
علي كلٍ الأمر يحتاج التطهير و إرساخ قواعد الإخلاص الأمر يحتاج إلي نظرة صادقة من قلوب مبصرة تري بعين الصدق ما آلت إليه الأمور .
الأمر يحتاج إلي وعي تام ودراية كاملة بمجريات الأمور ، نحتاج إلي معرفة و فهم وتحليل شخصية أعدائنا ، إننا نحتاج إلي عقول ذكية وضربات استباقية .
إننا في أشد الحاجة إلي احياء القيم وإيقاظ العوام وتربية النشئ وإعلاء مكارم الأخلاق والحفاظ علي هويتنا
إننا الآن في امس الحاجة إلي معرفة صادقة و فعل حقيقي حازم
وذلك ليس من باب الطرح والنقاش بل لأننا قادرون