بقلم /محمد سعد السعدني
لا يقتصر مفهوم الإنفاق في الإسلام علي الذكاة والصدقة والإحسان ،
بل يندرج تحت مفهوم الإنفاق أيضا :
استثمار المال وعدم كنزه، لأن كنز المال يضعف النشاط الإقتصادي، بل يصيب الاستثمار بالشلل، ولو كنز كل ماله لانهار المجتمع، لأن المال يمثل عصب الحياة، وذلك بحركته في تمويل المشروعات الصناعيه والتجارية وغيرهما من فروع الاستثمار،
والإنتاج الذي يوفر فرص العمل كي يعيش الناس، فالمال. وان كانت ملكيته خاصة، إلا ان منفعته عامة، فلا ينبغي لمالكه ان يشل حركته في المجتمع ،بل يجب عليه دفعه في دولاب الاقتصاد المتحرك في التجاره والزراعه والصناعه وغيرها من الأنشطه الاقتصادية،فإن لم يفعل ذلك، فحبسه ف خزائنه، فسوف يعاقبه الله عقابا أليما، لأن حق المجتمع في المال ان ينتفع به في مجال الاستثمار،
يقول الله تعالي: (يأيها الذين ءامنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم “يوم يحمي عليها في نار جهنم فتكوي بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون) س( التوبه:34-35)
الإسلام دين ودنيا، عباده وعمل .
إذ لو تصورنا -علي سبيل المثال – أن كل من يملك مالا وضعه في خزائنه، لمات الناس جوعا، بمن فيهم من يملك المال ، وهم أيضا – لن يجدوا مايأكلونه، إذ لاتكون هناك تجارة، ولا زراعه ، ولا صناعة، ولا اي عمل من اي نوع كان، لأن حياة هذا كله هو المال. ولما كان هذا هو وضع المال وأثره في حياة الأمة،
لأن ذنبهم لم يقتصر علي حرمان واحد أو اثنين مما يحتاجه في حياته، بل هو حرمان أمة بأسرها ، بل هو سبب في موتها وهلاكها كلية.
فيجب علي المسلم وجوبا عينيا أن يستثمر المال في التنمية، او يوكل غيره – كالبنوك مثلا، إن كان لا يقدر علي ذلك، فلا يمنع الأمة من الانتفاع بهذا المال، وهذا هو معني المبدأ العام في الفقه الإسلامي.” المال مليكته خاصة، ومنفعته عامة ” اي انه ملك خاص لصاحبه، ولكن الأمة كلها تنتفع به، فالعامل -أيا كان عمله -ينتفع به، لأنه هيأ له عملا يعيش منه، والزارع ينتفع به، لأنه أتاح له الأرض الذي يفلحها، والتاجر يجد ما يسد به حاجته وما يلزم اسرته من التجاره زراعه وصناعه وغيرها من مناحي الإنتاج ف المجتمع، وتسهيل حركة الحياة.
ولكي ينتفع المسلمون بمالهم يجب استثماره في الأقطار الإسلامية، فلا يجوز وضعه في بنوك أجنبية، أو استثماره في بلد غير إسلاميه إلا إذا كان في ذلك جانب من جوانب منفعة تعود علي المسلمين، لأن الاستثمار في بلاد غير إسلامية هو حرمان للمسلمين حقهم في الإنتفاع بمواردهم الاقتصادية،