صباح_مصري ……
غروب .. وشروق
بقلم د. سمير المصري
عندما نتحدث عن الهم ونحكي عن الغم
يجب ايضا ان نتكلم عن أهم العلاجات لهما
ان الهم والغم يصيب الناس في الحياة الدنيا
ودون ادني شك أن أول ما يُذكر في علاجهما دور وأهمية العقيدة والإيمان والأثر في المعالجة
فترى كثيراً من ضعاف الإيمان وضعاف النفس
وغيرهم من هم علي هذه الشاكلة يُصابون بالانهيار أو يُقدمون على الانتحار
للتخلص من هم الكآبة والإحباط واليأس إذا ماوقعوا فريسة او في ورطة أو أصابتهم مصيبة.
لقد أصبحت المستشفيات والعيادات تعج جدرانها بالكثير من مرضى الانهيارات العصبية والصدمات النفسية
وكم أثرت هذه الأمور على عدد كثير من الأقوياء فضلاً عن الضعفاء
وكم أدت إلى العجز او الشلل التام أو فقدان العقل والوصول الي مرحلة الجنون .
أما من اهتدى وكان صحيح العقيدة قوي الإيمان
فإنه يجد العلاج فيما أتى من لدن الله العزيز العليم الخبير
فهو الذي خلق الخلق وهو أعلم بما يصلحهم
{أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِير} ، فتسلّح بالإيمان المقرون بالعمل الصالح
قال سبحانه وتعالي
{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُون}
و نعلم جميعا ان سبب ذلك واضح وجلي لأن المؤمنين بالله الإيمان الصحيح ، المثمر للعمل الصالح
المصلح للقلوب والأخلاق والدنيا والآخرة معهم الأصول والأسس التي يتعاملون بها مع كلّ ما يرد عليهم من أنواع المسرات والأحزان
فهم يتعلمون كيف يتلقون النّعم بقبول لها وشكر عليها
انهم يستعملونها فيما ينفع فإذا فعلوا ماتعلموه أحسوا ببهجتها وطمعوا كذلك في بقائها وبركتها ورجاء ثواب شكرها
انهم يتلقون الأمور ماكان منها كاره وماهو ضار
والهم والغم بالمقاومة لِما يمكنهم مقاومته وتخفيف ما يمكنهم تخفيفه ، والصبر الجميل لما ليس لهم عنه بد ،من أجل أن يحصلوا علي منافع كثيرة من جراء حصول المكاره منها و المقاومات النافعة
والتجارب المفيدة وقوة النفس وأيضا الصبر واحتساب الأجر والثواب وغير ذلك من الفوائد العظيمة التي تضمحل معها المكاره
وتحل محلها المسرات والآمال الطيبة، والطمع في فضل الله وثوابه
هكذا يكون النظر الإيجابي إلى الابتلاء
انظر فيما يحدث لنا من تكفير الذنوب ، وتمحيص القلب
ورفع الدرجة إذا ما أصابنا غم في الدنيا وتكاثر همومها
فليعلم المهموم أن ما يصيبه من الأذى النفسي نتيجة للهمّ لا يذهب سدى ، بل انه مفيد في زيادة حسناته وتكفير سيئاته
و لولا المصائب لوردنا يوم القيامة مفلسين
ولذلك كان أحدهم يفرح بالبلاء كما يفرح أحدنا بالرخاء.
وإذا علمت أن ما يصيبك من المصائب يكفّر عنك سيئاتك
فإنك لامحالة سوف تفرح تستبشر خيرا ، وخصوصاً إذا جاء بعد الذنب مباشرة ، فأعلم حقيقة الدنيا
أن الدنيا فانية ومتاعها قليل، وما فيها من لذة فهي مكدّرة ولا تصفو لأحد
إن أضحكت قليلاً أبكت طويلاً وإن أعطت يسيراً منعت كثيراً
والناس فيها محبوسين.
هي كذلك نصب وأذى وشقاء وعناء وقد يستريح البشر إذا فارقها
وقد يكون الموت راحة له من غموم دار الدنيا وهمومها وآلامها
“إِذَا حُضِرَ الْمُؤْمِنُ أَتَتْهُ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ بِحَرِيرَةٍبَيْضَاءَ فَيَقُولُونَ:
اخْرُجِي رَاضِيَةً مَرْضِيّاً عَنْكِ إِلَى رَوْحِ اللَّهِ وَرَيْحَانٍ وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ،
فَتَخْرُجُ كَأَطْيَبِ رِيحِ الْمِسْكِ حَتَّى أَنَّهُ لَيُنَاوِلُهُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً حَتَّى يَأْتُونَ بِهِ بَابَ السَّمَاءِ فَيَقُولُونَ مَا أَطْيَبَ هَذِهِ الرِّيحَ الَّتِي جَاءَتْكُمْ مِنَ الأَرْضِ، فَيَأْتُونَ بِهِ أَرْوَاحَ الْمُؤْمِنِينَ فَلَهُمْ أَشَدُّ فَرَحاً بِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ بِغَائِبِهِ يَقْدَمُ عَلَيْهِ، فَيَسْأَلُونَهُ مَاذَا فَعَلَ فُلانٌ ؟
مَاذَا فَعَلَ فُلانٌ؟ فَيَقُولُونَ دَعُوهُ فَإِنَّهُ كَانَ فِي غَمِّ الدُّنْيَا…”
الخلاصة
إن هذه المعانى التي يدركها المؤمن لحقيقة الدنيا تهوّن عليه كثيراً من وقع المصاب وألم الغمّ ونكد الهمّ
لأنه يعلم أنه أمر لا بدّ منه فهو من طبيعة هذه الحياة الدنيا
أن المرء يبتلى على قدر دينه ، والله إذا أحب عبداً ابتلاه
فهموم الدنيا تشتت النفس وتفرّق شملها، فإذا جعل العبد الآخرة همه جمع الله له شمله وقويت عزيمته
غدا صباح مصري جديد ،،،،،
د سمير المصري