سايكس بيكو جديدة .. لاعادة تشكيل المنطقة وتقسيم المقسم .. وحنكة القيادة السياسية
أ.د. محمد علاء الدين عبدالقادر
الأثنين 24 ديسمبر 2024 م
جدير بالذكر الإشارة إلى ما يلى :
أولا : فى عام 1916 :
وقعت اتفاقية سايكس بيكو السرية بين فرنسا وبريطانيا
[ جچ الامبراطورية الروسية ]
على اقتسام تركة الدولة العثمانية
[ التى تهاوت فى الحرب العالمية الأولى التى استمرت الفترة من 1914 حتى 1918]
وذلك على الأراضى العربية التى كانت تابعه للدولة العثمانية قبل هزيمتها والواقعة شرقى المتوسط
[ على امتداد الخط الواصل ما بين عكا فى فلسطين حتى كركوك فى العراق ]
ولم يعرف العرب شيئا عن هذه الاتفاقية إلى أن نشرت الحكومة البلشيفية فى روسيا نصوصها أواخر عام 1917
ثانيا وفى عام 1917 :
تم الإعلان عما يعرف بوعد بلفور [ الذى يشير إلى تأييد حكومة بريطانيا لإنشاء وطن قومى لليهود فى فلسطين ].
ثالثا : وفى عام 1947
[ أى ما بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية التى استمرت الفترة من 1939 حتى 1945 ]
أصدرت الأمم المتحدة قرار تقسيم فلسطين بعد أن أنتهى الانتداب البريطاني عليها إلى دولتين واحدة عربية وأخرى يهودية
[ وهذا التاريخ يعتبر تأسيسا لقيام دولة إسرائيل المستقلة على جزء من مساحة كامل أرض فلسطين العربية المحتلة]
وعلى أن تكون القدس وبيت لحم والأراضي المجاورة تحت وصاية الدولية
رابعا : وفيما سبق ذكره :
تجدر الإشارة إلى ما تمخض عنه من أحداث خلال فترات زمنية متعاقبة من تداعيات متلاحقة فيما بعد انتهاء كل من الحرب العالمية الأولى والثانية
وما ترتب على ذلك من ترتيبات وتوزيع ممنهج لتورتة دول المنطقة العربية غنايم تحت الوصاية على مستعمريها على مدار سنوات متعاقبة
يقوم المستعمر المحتل باستنزاف ثروات شعوب المنطقة وتركهم فى حالة من الفقر والجوع والجهل والمرض مجبرين تحت قوة الاحتلال ومنطق العصا والجزرة لا حول لهم ولا قوة
إلى أن تحررت هذه الدول فيما بعد من وطأة مستعمريها بعد قصص مثيرة من الفدائية والكفاح المسلح ونيل استقلالها وحكمهم الذاتى من أبناء جلدتهم
الا أن هذه الدول عامة لم تسلم تماما من قيود سابق مستعمريها ومن على شاكلتهم لضمان الولاء والتبعية لهم
اذعانا لما تمتلكه هذه الدول المتقدمة من اقتصاديات ناجحة ومن ابتكارات واختراعات علمية مزهلة ومن تكنولوجيات عصرية حديثة فى كافة قطاعات التنمية
فيما يحتاج إليها قطاع عريض من الدول النامية المتخلفة الغير قادرة على التحرر التام وغير القادرة على تنمية مواردها البشرية أو حسن إدارة مواردها الطبيعية
مع انعدام قدرتهم على امتلاك المعرفة والصناعات التكنولوجية الحديثة المتقدمة
التى تمكنهم من تحقيق القيمة المضافة لثرواتهم الطبيعية من المواد الخام من بترول ومعادن ثمينة
وأخرى نادرة تجود بها بواطن أرض أوطانهم فى كل من دول المنطقة العربية وحتى دول قارة أفريقيا
خامسا : جدير بالذكر :
أن الأحداث الجارية التى تمر بها المنطقة العربية الأن
والتى تجرى على قدم وساق من حروب وخراب ودمار ومن طمس للهويات الوطنية
ومن خرائط معلنة جهارا نهارا للتقسيم والاستيطان دونما أى مواربة
كل ذلك ما هو إلا كونها مقدمات لنسخة عصرية حديثة منقحة لتحقيق إطماعهم استكمالا لمخططات الصهيونية العالمية برعاية أمريكا ودول أوروبا
بما يوحى أن هناك توجهات
[ لسايكس بيكو جديدة تحاك للمنطقة ]
هدفها إضعاف دول المنطقة وإعادة تقسيمها وتقسيم المقسم لضمان مزيد من التحكم فيها والسيطرة عليها
[ حتى لو من خلال عملائهم بالداخل الذين باعوا أوطانهم وتمردا عليها ]
بما يمكنهم ذلك من ضمان استنزافهم لثروات شعوب دول المنطقة العربية من المحيط إلى الخليج
وحتى شعوب دول أفريقيا التى تجود جميعها بخيراتها وكنوزها والموقع الجيوسياسى المتميز بين قارات الدنيا
وأن مخططاتهم الاستعمارية القديمة حتى وفى ثوبها المقنع الحديث هى عقيدة راسخه عندهم
وهذا الأمر ليس بالمفاجأة لأى من المسؤلين على كافة مستويات دولنا العربية
وحتى من العامة المثقفين من أبناء شعوبنا فيما يحاك للمنطقة من مؤامرات ممنهجة منذ عقود مضت وحتى يومنا هذا
هدفها الهيمنة والتحكم والسيطرة وبسط النفوذ حاضرا وفى قادم المستقل لتحقيق غايات المستعمر بنفسه أو بالوكالة عنه ممن يدعمهم ويساندهم من الموالين له داخل هذه الدول
ذلك لضمان مزيد من تحسين جودة الحياة ورفاهية شعوبهم على حساب فاتورة استنزاف ثروات شعوب المنطقة اما قهرا وجبرا أو بالمهادتة والتحالفات
حيث تسود شريعة الغاب ومنطق القوة والعين الحمراء ضد دول لا تمتلك الإرادة والقوة العسكرية والقدرة على وضع خطوطها الحمراء لحماية أمنها القومى
إلا من فطن لمخططات المستعمر الجديد واستعد لها وكان قادرا على فرض خطوطه الحمراء فكانت مصر القوية قيادة وجيش وشرطة وشعب متماسك مؤمن بوحدة الوطن ووحدة المصير قادرة على وضع خطوطها الحمراء دون منازع
ان ما يحاك اليوم بالمنطقة العربية من تسويق لشعارات مطاطة فضفاضة خادعة مثل نعيم الشرق الأوسط الجديد
مع سعيهم لإعادة تشكيل المنطقة طبوغرافيا وديموجرافيا على أسس عرقية ومذهبية وطائفية ودينية
بما يضمن الموالاه والخضوع والطاعة لتوجهات المستعمر الحديث بثوبه الجديد
وبما يضمن لدولة الكيان من تحقيق أحلامها ومنذ تأسيسها عام 1947 بسعيها الدؤوب لقضم مزيد من الأراضى
لتحقيق حلم التوسع من النيل إلى الفرات وأن يكون لها اليد العليا الطولى شوكة فى خاصرة الأمة العربية
ويزداد تعنتها وتمردها وتنمرها بدعم أنجلو -أمريكى لا حدود له ..
إلا أن مصر هبة النيل هى دائما لهم بالمرصاد
سادسا :
إن ما حدث فى سوريا بالأمس القريب ليس ببعيد عن ذلك المشهد الدراميتكى وسيناريوهات
أعادة صياغة تقسيم دول المنطقة إلى دويلات أو كاتيونات صغيرة لا حول لها ولا قوة إلا من فطن لذلك وكان لهم بالمرصاد
إن أجندتهم ومخططاتهم وخرائطهم تتداولها صراحة كافه وسائل الإعلام وعلى صفحات التواصل الاجتماعى ويمعن قادتهم فى عرض خرائطهم بتقسيماتها الواضحة
التى سطروها لأنفسهم منذ عقود مضت فى العديد من فاعليات لقاءاتهم فى المحافل الدولية
وعلى القنوات المتلفزة جهارا نهارا دونما أى مواربة
باعتبار أن هذا الأمر
[من وجهة نظرهم] هو حقيقة يسعون لتتفيذها على أرض الواقع معتبرين أن هذا الأمر سهل المنال بالنسبة لهم ليس فقط بقوتهم
وذكاء منهم ولكن أيضا بضعف وتشرزم دول المنطقة وقله الوعى وذاكرة السمكة وعدم أخذ العبر من أحداث تاريخية سابقة
تعيد نفسها بسيناريوهات متنوعة فى تاريخنا المعاصر فيتحقق لأعداء الأمة ما يسعون إليه بكل سهولة ويسر بتعاونهم مع جماعات وخلايا نائمة من أعداء الوطن بالداخل دونما كلل أو ملل منهم
سابعا : وبناء على ما سبق :
– فإن كافة أطماعهم ومخططاتهم وخرائطهم معلنة وواضحة وصريحة للقاصى والدانى منذ وعد بلفور وتوجهات الصهيونية العالمية وتحقيق حلم دولة الكيان وحتى يومنا هذا .
– يتم ذلك بخارطة طريق واضحة المعالم واستيراتيجية محددة الأهداف للوصول إلى غاياتهم المنشودة ومخططات سايكس بيكو جديدة للمنطقة نحو تقسيم المقسم.
– وإن خرائطهم معلنة جهارا نهارا دونما أى مواربة.
– يحققون غاياتهم وأهدافهم خطوة خطوة و قضمه قضمه على مر الزمن منذ تأسيس دولة الكيان وحتى تاريخنا المعاصر
كل ذلك معلن صراحة ويتم تداوله ونشره بكل وضوح دونما أى مواربة منذ عقود مضت وليس الأمر بمفاجأة اليوم
ثامنا : لكن ماذا نحن فاعلون :
– ماذا تم الإعداد لهم ؟
– ماذا تم اتخاذه من تدابير ومن إجراءات لمجابهة وضحض مخططات دول الشر على مستوى كافة الدول العرببة بالمنطقة من المحيط إلى الخليج ؟
– هل توحدت دول المنطقة العربية مجتمعة فى اتحاد قوى متماسك لحماية المصير والرؤى والأهداف المشتركة فى تكتل عربى قوى ومتماسك ؟
حيث تتوافر لهذه الدول مجتمعة كافة العناصر والامكانات من ثروات طبيعية ومن أموال طائلة تستنزفها منهم أمريكا ودول الغرب
ومن ثروة وقدرات بشرية هائلة قادرة على قيادة مسيرة التنمية والإبداع والابتكار للنهوض بمجتمعاتهم
– إنه ومع كل هذه الامكانات من الموارد الطبيعية والمادية والبشرية فقد فشلت هذه الدول فى التوافق على تدشين اتحاد/ تكتل عربى وسوق عربية مشتركة
[ مثل الإتحاد الأوروبي رغم إختلاف لغتهم وثقافاتهم لكن وحدة المصير وحمايه البقاء جمعتهم ].
– أين مشروع الوحدة العربية؟
– أين مشروع التكامل الاقتصادى العربى؟
– أين مشروع الناتو العربى ؟
وجيش عربى موحد للحماية والردع والحسم ؟
كل ذلك كان كالعدم سواء ولا حياة لمن تنادى.
تاسعا : لقد كان لمصر الدولة :
مواقفها الثابته وكلمتها العليا لحماية أمنها القومى بتضافر كافة جهود ومقومات الدولة
ذلك فيما يرتبط بما يلى حيث :–
– توجهات قيادتها الواعية برؤية ثاقبة وقراءة متأنية لاحداثيات وتوقعات المستقبل بفرضيات المنهج العلمى.
– بناء منظومة متكاملة من قواعد البيانات والمعلومات الحديثة والمنقحة بما يدعم متخذ القرار وفى توقيتاتها المناسبة
– تحديث منظومة التسليح العسكرى وتنوع مصادرة وعقد شركات لاكتساب الخبرات ونقل التكنولوجيا فى كافة قطاعات التنمية
– تعزيز قوى الدولة الشاملة وفى إطار من الذكاء الاستيراتيجى والاستعداد والحيطة والحذر تغلفها فنيات الدبلوماسية المصرية
– مع خطوط حمراء رسمتها القيادة المصرية دونما تفريط فى أى من حقوق مصر أو أى شبر من أرضها وأن الأمن القومى المصرى فوق كل أعتبار تحميه قوة عسكرية رشيدة قادرة على الردع وعلى الحسم
عاشرا :
ومع دعوات مصر الدائمة لأهمية توحد وتكتل كافة الدول العربية فى الرؤى والمصير المشترك فى إتحاد/ كيان واحد قوى على شاكلة الإتحاد الأوروبى وغيره
إلا أن هناك من دويلات عربية :
كان شغلها الشاغل ترددهم نحو استكمال فكرة تحقيق ذلك التكتل ويرجع ذلك إلى
– قرارات نابعه منهم لأسباب خاصة بهم للحفاظ على مصالح ذاتية لدولهم من تميز وتفرد بانها تمتلك الثروة والجاه وليست بحاجة لأحد
– أو بتهديدهم المباشر من دول كبرى معادية حتى لا تكتمل فكرة هذا الإتحاد بتطلعاته وغاياته وأهدافة ومواثيقة الملزمة ووحدة المصير
– ونظرا لما سوف يشكلة هذا الإتحاد العربى إذا ما تحقق من حجر صخرة وعائق أمام أحلام الطامعين فى استنزاف ثروات دول المنطقة فرادى فرادى
كل على حدى مما يسهل من مهمتهم وتحقيق غاياتهم وأهداف مخططاتهم التى سطروها لأنفسهم منذ عقود مضت
ختام :
– حفظ الله جميع الدول العربية لما يحاك لها من دول استعمارية لا أمن ولا أمان لها كالثعلب الماكر المتربص بفريسته
يتحين الفرصة حتى أن يلتهمها الواحدة تلو الأخرى ضريبة الأنا والتوحد والتشرزم لبعض من دول المنطقة
– هناك حكمة قائلة [ إن الاتحاد قوة ]
وبالتالى فويل كل الويل لمن كان سببا فى التهوين من هذه الفكرة وجعلها حبيسة الأدراج
وحينما تقع الكارثة وقتها لا ينفع الندم ولا تنفع الحسرة على سابق الأيام عندما تقوقعت كل دولة على نفسها
فقط دون نظرة ثاقبة لأهمية التوحد والعمل الجماعى ومستقبل المنطقة ومستقبل الأجيال القادمة والتحديات والتهديدات والمخاطر التى تواجه دول المنطقة كافة
حغظ الله مصر بقيادتها الواعية الرشيدة وجيشها الوطنى القوى حامى الحمى وشعبها الأبى الكريم بوعيه وتماسكه كالبنيان المرصوص لضحض مخططات أهل الشر ودول استعمارية معادية
وان شاء الله مصر لمنتصره بإذن الله رغم ما يحاك لها وللمنطقة وما يواجهها من تحديات وتهديدات ومخاطر يتم التصدى لها ومواجهتها بكل حزطعر حافظا
أ.د. محمد علاءالدين عبدالقادر