رمضان شهر الطهارة والنقاء
أ.د/ مفيدة إبراهيم على
إن إخلاص ــ طهارة ونقاء ــ العقيدة والعبادة لله جل وعلا قضية مصيرية وأساسية تحدد موقف كل إنسان يوم القيامة في دخول الجنة أو النار ، ولقد كان الأنبياء أنفسهم مُخْـلِصين في عقائدهم وعبادتهم لله جل وعلا وكانوا يَدْعُـون أقوامهم لعبادة الله مُخْـلِصين له الدين ، وقد وصف القرآن الكريم الأنبياء بالمُخـْلَـصين (بفتح اللام) وهذه درجة من السمو الأخلاقي والنقاء من الشرور يصل إليها كل إنسان يكون من المخـْلِـصين (بكسر اللام) في العقيدة يقول تعالى :”هُوَ الْحَيُّ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ” غافر -65
وأنَّ الصَّوْمَ وَسِيلَةٌ إلَى ترك المحرمات , لأَنَّهُ إذَا انْقَادَتْ النَفْسٌ لِلامْتِنَاعِ عَنْ الْحَلالِ طَمَعًا فِي مَرْضَاةِ اللَّهِ تَعَالَى , وَخَوْفًا مِنْ أَلِيمِ عِقَابِهِ , فَأَوْلَى أَنْ تَنْقَادَ لِلامْتِنَاعِ عَنْ الْحَرَامِ , فَكَانَ الصَّوْمُ سَبَبًا لاتِّقَاءِ مَحَارِمِ اللَّهِ تَعَالَى
والرياء يعد من أخطر الآفات وأشدها فتكا بالإنسان عامة وبالمسلمين خاصة وعليهم أن يجاهدوا أنفسهم فورا للتخلص والتطهر منها وإلا ضل سعيهم في الدنيا والآخرة.
والإخلاص ضد الرياء فالنية شرط أساسي لقَبول العمل، والرياء يؤدى إلى فساد العمل مع حبوطهُ؛ أي لا يَقبله الله تعالى لقوله: «مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهاَ وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ» هود15-16
ومن أهم بواعثه الرغبة في الصدارة أو في المنصب إلى الرياء حتى يثق به من بيدهم هذا الأمر فيجعلوه في الصدارة أو يبوئوه المنصب ولعل ذلك هو السر في تأكيد الإسلام على اختيار أو ابتلاء الناس قبل الوثوق بهم أو الركون إليهم ومن بواعثه أيضا الطمع فيما في أيدي الناس ليثق به الناس وترق قلوبهم له فيعطونه ما يملأ جيبه ويشبع بطنه .
لذا فإنه يفضحه الله في الدنيا ولو بعد حين ، حتى يحذره الناس أما في الآخرة فإن الفضيحة تكون مزيدا من الانتقام و العذاب ، ثم يعيث في الأرض فساداً ، ويؤكد ذلك ما نشاهده في الوقت الحاضر من أن كثيراً من ذوى القيادة في حاضرنا ، يسلكون سبيل الرياء و التسميع حتى إذا انخدع بهم الدهماء و العامة ، وسبحوا بحمدهم انقلبوا إلى معجبين بأنفسهم ، ثم مغرورين ، ثم متكبرين ، ثم سلطوا على الذين يفهمونهم منذ اللحظة الأولى يسومونهم سوء العذاب ، وأخيراً يسلطون على أولئك الذين ضيعوهم ، فيأكلونهم ، وصدق الله العظيم إذ يقول :” ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفراً وأحلوا قومهم دار البوار * جهنم يصلونها وبئس القرار ” إبراهيم -28.
ومن أهم آثار الرياء على فساد الأعمال الحرمان من هداية الله وتوفيقه وقد مضت سنته وجرى قضاؤه أنه لا يمنحهما إلا لمن علم منه الإخلاص وصدق التوجه إليه ” ويهدى إليه من أناب “. ونوصي كل مسلم بالحذر من الرياء دقيقه وجليله كثيره وقليله خاصة في شهر الصيام .