حكاية وطن تحاور أخر الرجال المحترمين.. الفنان رشوان توفيق
حوار: عمر الشريف
من أوصاف الرجل الناضج تمتعه بالحكمة ورجاحة العقل وهو كذلك، فهو دائم البسمة بشوش المحيا.
هو ليس بحاجة إلى تعريف أو تقديم، فيكفي أن يذكر اسمه وحده ليكون دالاً على تاريخ كامل وطويل وممتد من الإبداع والخصوصية، فهو من جيل آمن بأن الفن رسالة والفنان موقف.
هو نموذج للفنان المثقف والموهوب الذي يراهن دائماً على وعي الجمهور، وحالة إنسانية فريدة ومليئة بالأحاسيس والمشاعر الإنسانية الجميلة لكل من حوله، لا يختلف عليه الكثيرون ممن تعاملوا معه، سواء في الوسط الفني أم بعيداً عنه.
إنه الفنان القدير الحاج رشوان توفيق، الذي أمتعنا على مر سنوات عمله بالفن، وكان مثال للفنان الكبير الذي لم تطل حياته شائبة… وكان لنا معه هذا الحوار:
ـ كيف كانت نشأتك؟
ـ أنا رجل صوفي أحب سيدنا رسول الله وأهل البيت، وأمي اعتبرها من أولياء الله الصالحات وُلدت في حي السيدة زينب، وكانت على علاقة ود وروحانية بينها، كانت لا تنام الليل تستيقظ لقيام الليل والذكر حتى الفجر، فأخذت منها إرث جهد العبادات، فكانت أمي قوّامة ليل وتحبني أكثر أبنائها، وأنا إن كنت أعيش فإني أعيش بسبب دعائها وبرها، ووالدي كان رجل يحب السينما وله أصدقاء من الفنانيين، وكنت أذهب معه للسينما وحدنا، حتى في المصايف والأجازات كنا نذهب وحدنا أنا وهو فقط من دون إخوتي وأمي التي كانت لا تحب المصايف ولم تجلس بحياتها أمام شاطىء.
ـ كيف كانت بدايات حضرتك الفنية ومن الذي اكتشفك؟
ـ كانت بداياتي الفنية من السنة الرابعة الابتدائية، وأول عمل مثلته كان مسرحية عن قصة سيدنا عمر بن الخطاب عندما أحضر الدقيق للمرأة وأولادها الأيتام كي تطبخ وتطعمهم، حيث كان يشجعنا ويدربنا مدرس الرسم في مدرسة المبتديان بوسط البلد، كان هذا في المرحلة الإبتدائية واستمرت في مرحلة الثانوية، ثم التحقت بمعهد التمثيل وظللت أقوم ببعض الأدوار حتى بدأ التلفزيون،
فعملت أنا والمرحوم عزت العلايلي بوظائف مدير استديو ومساعد مخرج ومذيع ببرامج الشباب، وكان مخرج برامجي المخرج الراحل حسين كمال ولكن ظل تفكيري في التمثيل، ففكرت أنا وعزت العلايلي والمخرج أحمد توفيق ومجموعة اخرى من الزملاء، كنا ما يقرب من خمسة عشر خريجين معهد التمثيل قسم التمثيل، فقررنا تكوين فرقة لمسرحية واذاعتها في التلفزيون، فاجتمعنا مع المخرج فايق اسماعيل ورفعنا مذكرة للدكتور حاتم عبد القادر وزير الإعلام وقتها، ثم بدأنا بمسرح التلفزيون مع المخرج العبقري السيد بدير بمسرحية عنوانها “شيء في صدري” وكانت المسرحية تجمع عدد من الممثلين الذين أصبحوا فيما بعد نجوم، منهم عزت العلايلي وحمدي أحمد وحسن مصطفى وصلاح قابيل وأبو بكر عزت وأنا، ولأننا كنا مغمورين ولأ أحد يعرفنا،
ضم السيد بدير إلينا أربع نجوم في ذلك الوقت كي يأتي الجمهور لمشاهدة العرض هم: حمدي غيث ونعيمة وصفي وزوزو ماضي وزيزي البدراوي… ثم توالت الأعمال.
ـ في بداياتك كيف كان يتعامل معك عمالقة الفن؟
ـ كانوا طيبين وكرماء جداً، فمثلاُ وأنا طالب في السنة الثانية بمعهد التمثيل طلبني الأستاذ حمدي غيث لدور في المسرح القومي بالأوبرا بمسرحية عنوانها “ثورة الموتى” ودوري كان بجانب أنور اسماعيل ومحمد السبع مع العمالقة حسين رياض وسناء جميل وعبد الله غيث، وعبد الرحيم الزرقاني وفؤاد شفيق وكان جميعهم متواضعين جداً، وكذلك سميحة أيوب الذي كان لي الشرف أن وقفت أمامها على خشبة المسرح، والكثير من العمالقة كانوا يشجعوننا ويعطونا طاقة وتفائل، كانوا جميعاً محبين ويقفوا بجانبنا ويدعمونا.
ـ المخرج الجديد يكون لديه الحماسة والرغبة في إثبات الذات، فهل تخشى مع مخرج يخرج عمل لأول مرة؟
ـ لا أخشى ذلك، انت لا تعلم المخرج الصغير هذا حين يكبر ماذا سيكون، وهناك مخرجون صغار متفجرون بالموهبة، فلا بد احترام المخرج الصغير، والمخرجين المتواجدون اليوم على الساحة صغار في السن وجدد لكن أثبتوا أنفسهم، ومعظم الكبار لا يعملون الآن مثل رباب حسين وانعام محمد علي ومحمد قاضل وهم جميعهم مبدعين.
ـ هل تسلم نفسك تماماً للمخرج؟
ـ نعم لا بد من عدم الاستهانة بالمخرج لأنه بمثابة قائد السفينة، ولو غرقت لن تغرق بالممثلين فهو من سيتحمل فشل العمل، والمخرج حتى وإن كان صغيراً لن ينسى الإساءة له وسيظل يتذكرها عندما يصبح كبيراً.
ـ هل حضرتك مع العرض الرمضاني؟ وما رأيك في كثرة الأعمال في رمضان هل هي في مصلحة المشاهد، أم ليست في مصلحة الدراما التلفزيونية؟
ـ لو كانت الأعمال كثيرة في رمضان ولم يستطيع المشاهد متابعتها، فبعد رمضان ستعاد ويستطيع متابعتها، وقلة المسلسلات هو فقر فني.
ـ لماذا لم تقدم عملاً تاريخياً أو دينياً بعد مسلسلي هارون الرشيد وعمر بن عبد العزيز؟
ـ بعد مسلسلي عمر وهارون كان هناك مسلسلي الفرسان والأبطال، وإن كنت مقل في تلك الأدوار فأنا رأيي الشخصي أن هناك مسلسلات اجتماعية هي مسلسلات تاريخية أو دينية، مثل مسلسل الليل وآخره للمؤلف العظيم جلال عبد القوي والمخرجة رباب حسين والعبقري يحيى الفخراني، الذي أخذ مال أخوته وظلمهم وأحب الغزية، فالغزية في وجهة نظري الدرامية هي الدنيا، حين قابل الغزية قابل الدنيا، وأخذ المال الحرام وازداد إلى أن تقاتل أبنائه لأجل المال، وابنه الكبير في المسلسل فعل مثله.. وحين قابل الغزية في القطار ذهب لوالدته ونام ولم يستيقظ، بمعنى أنه خسر الدنيا والأخرة.
ـ من بداية مشوارك الفني ما الإنجاز الذي تشعر بأنك حققته حتى الأن؟
ـ أنا أسلمت وجهي لله ويا رب أكون مقبول، أنا لم أتنازل تنازلات أخلاقية ولم أقدم مشاهد مخلة يقال أنها توظف الفن، وربنا كرمني وأنا في السن ده أن أحصل على الجائزة التقديرية في الفنون، والكرم والانجاز من عند الله، وأسأل الله أن يجعلني من عباده الصالحين وهذا يعتبر أكبر انجاز ممكن تحقيقه.
– ما الصفة التي تعتز بها في شخصيتك؟
ـ لا يوجد لدي صفة معينة أعتز بها، أنا رجل فقير إلى الله ولكن لدي عزة نفس.
ـ هل تعتقد أن الناس يرونك كما ترى أنت نفسك؟
ـ أنا بطلب من الرحمن أن يغفر لي ويحبني، والحمد لله ربنا جعل محبتي في قلوب الناس.
ـ ماذا يتمنى الحاج رشوان الإنسان والفنان؟
ـ أن يصلح الله لي ذريتي إلى يوم القيامة.
ـ من أثر فيك إنسانياً؟
ـ أكثر من أثر في أبي وأمي، وبعد دخول عملي تعددت الشخصيات التي أثرت في مثل محمود مرسي ونور الدمرداش والمخرج ابراهيم الصحن.
ـ ما هي أخر أخبار حضرتك الفنية؟
ـ شاركت في فيلم “أهل الكهف” الذي تم تصوير بعض مشاهده في المملكة المغربية، وهو من بطولة خالد النبوي وغادة عادل ومحمد ممدوح، وسيعرض قريباً بإذن الله بعد الانتهاء من عمليات المونتاج والمكساج والتحميض والطبع.