جوع الغرور
بقلم: عمر الشريف
كلما ازدادت مادية الإنسان كلما ازدادت احتياجاته التي هي في الأساس ليست احتياجات أولولية
مثل الرغبة في شراء سيارة فارهة أو منزل كبير
أو هاتف من أحدث طراز والمزيد من المغريات المادية الأخرى التي لن تسمن ولن تغني من جوع
فالاِحتياج المادي يختلف جداً ما بين الرجل والمرأة فالمرأة بطبيعتها مادية أكثر من الرجل
ومادية الرجل تأثرت وبُنيت على مادية المرأة
لأن المرأة بطبعها تهتم جداً بالظواهر وحكمها ممكن أن يكون بناءاً على ما تراه عينيها فقط.
دعونا ننظر إلى طبيعة العلاقة بين الرجل والمرأة في عصر ما قبل الثورة الصناعية دعونا نعود حتى للعصر البدائي المرأة
في ذلك العصر كانت تنجذب للرجل القوي القيادي الذكي الحكيم المتميز في شيء ما
وهنا بدأت صراعات الذكور لإثبات هذا؛ لأن كل رجل سيحاول إثبات تفوقه على الأخرين للحصول على رضا الأنثى في النهاية.
في البداية كان شكل الرجل من بنيانه القوي ومهارته في الصيد ونظرة الأخرين له في البيئة المحيطة
ممكن أن يكون كافي لإشباع احتياج المرأة النفسي والعاطفي والجنسي
لأن احتياجات البشر في ذلك الزمن كانت منحصرة
فقط في المأكل والمسكن، وطبعاً هذا الرجل المثالي في نظر المرأة سوف يكون له أعداء ممكن
أن يتربصواْ له لشعورهم بالغيرة، تلك الغيرة قد تصل إلى حد الإستدراج ثم القتل في بعض الأحيان،
وهنا ظهر مفهوم
“الشر البشري”
المرتبط بالأمراض النفسية مثل الغيرة والحقد والحسد
من هنا تبدأ رحلة البشرية بكل محاسنها ومساوئها مروراً بالثورة الصناعية إلى الثورة التكنولوجية وعالم الإنترنت إلى يومنا بينما أكتب هذا.
فالمرأة تنجذب إلى الرجل القوي الذي يشعرها بالحب والأمان ومكانتها بين النساء الأخريات
لكن مفهوم القوة تغير تغيراً جذرياً عبر مرور الزمن
وأصبح مرهوناً بامتلاك الثروات ؛ لأننا لم نعد في عصر الصيد البدائي
وبما أن المرأة بطبيعتها تتأثر كثيراً بالمتغيرات المادية التي تحدث
ودائماً تريد تجربة كل ما هو جديد، وبما أن كل ما هو جديد له ثمن
أصبح من يملك المال هو القوي وفتى الأحلام بالنسبة إليها
ومن هنا عندما اضطر الذكور إلى التعايش مع هذا الواقع المرهون بمادية المرأة، ازدادت
بالتالي مادية النساء، وكلاً منهم أصبح يحاول قدر الإمكان التفوق في شيء ما للوصول إلى عالم الثراء والرفاهية المادية
ومع الوقت ظهرت مصطلحات مثل الوظائف المرموقة والمستويات الإجتماعية
والرجل أصبح يعيش ظناً منه أنه يشبع إحتياجه لكن في الواقع هو بدون وعي يسعى، يشقى
يتمرد ويطمع من أجل اشباع احتياج المرأة التي لن تشبع في النهاية بسبب ماديتها المفرطة.
ولهذا أقول في عصر الإنفتاح الذي جعل من السهل لنا الكشف على بعض الجوانب من حياتنا لبعضنا البعض عن طريق الصور ومقاطع الفيديو
الحل الوحيد للتصدي لهذا كي يستريح بال الإنسان أن يتوقف عن مقارنة نفسه بالآخرين
ومحاولة عيش حياته وكأنها فيلم هو بطله
لابد لنا من الإعتدال في كل شيء وعدم الإفراط فالمادية المفرطة لن تجلب السعادة
لن تجلب سوى جوع الغرور الذي لن يشبع إلا عن طريق الإيمان العميق بالمبادئ الدينية مثل الرضا والقناعة.