تصاعد وتيرة الهدم الذاتي واقع مرير بين الغرامات والتهديدات
كتبت – يارا المصري
تشهد القدس الشرقية تصاعدًا ملحوظًا في عمليات هدم المنازل، حيث أظهرت تقارير حديثة منذ بداية يناير/كانون الثاني أن تسع عمليات هدم نُفذت، منها ثماني عمليات بشكل ذاتي من قبل السكان. توزعت هذه العمليات في أحياء عدة، أبرزها سلوان وبيت حنينا، مما يعكس اضطرار السكان إلى التعامل مع أوامر الهدم بوسائل ذاتية لتجنب العقوبات المالية الباهظة.
في إحدى الحالات، اضطرت عائلة عويضة من سلوان إلى هدم منزلها ذاتيًا، تجنبًا لدفع غرامات ضخمة. وفي حالة مشابهة، أقدم شادي سميرين، أحد سكان سلوان، على هدم منزله بيده “لحماية منزل العائلة المبني تحته” بعد توصيات من خبير هندسي أشارت إلى مخاطر محتملة على الهيكل السفلي في حال تدخل السلطات بشكل عشوائي.
الأسبوع الماضي، سلمت السلطات الإسرائيلية أوامر هدم جديدة لعدد من السكان في القدس الشرقية. تضمنت هذه الأوامر مطالبة بهدم منازلهم بأنفسهم، وإلا ستتولى السلطات عملية الهدم مع فرض غرامات مرتفعة. ومن بين المتضررين، حبيب الرملاوي من بيت حنينا، الذي بني منزله قبل 15 عامًا على مساحة 80 مترًا مربعًا دون الحصول على التراخيص المطلوبة، ويقطنه خمسة أفراد بينهم أطفال.
كما تم إخطار شادي سميرين بهدم منزله في وادي الربابة ببلدة سلوان. ولم تتوقف الإجراءات عند المنازل فقط، حيث شملت أيضًا هدم ورشة لصيانة المركبات، وحظيرة أغنام، وتجريف شارع في بلدة مخماس.
وفقًا لمحافظة القدس، نفذت سلطات الاحتلال 439 عملية هدم في القدس منذ اندلاع الحرب على غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى نهاية عام 2024. السبب الرئيسي لهذه العمليات هو البناء دون ترخيص، وهو إجراء يصعب تحقيقه بسبب النظام التخطيطي المعقد الذي تفرضه إسرائيل على الفلسطينيين في القدس الشرقية.
تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن هذا النظام التخطيطي التقييدي يجعل الحصول على تراخيص البناء شبه مستحيل، مما يضع الفلسطينيين أمام خيارين أحلاهما مر: إما البناء دون ترخيص مع احتمالية الهدم، أو العيش في ظروف غير ملائمة.
إن تصاعد عمليات الهدم الذاتي يعكس مأساة سكان القدس الشرقية الذين يجدون أنفسهم مجبرين على هدم منازلهم بأنفسهم لتجنب الغرامات الباهظة، مما يضاعف من معاناتهم تحت نظام قاسٍ يهدف إلى تقليص وجودهم في المدينة المقدسة.